أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى دفع الفصائل المتحالفة مع إيران في العراق إلى إعادة النظر في مساعيها لخروج القوات الأمريكية من البلاد، وفقًا لما أفاد به العديد من المسؤولين العراقيين والأمريكيين لوكالة أسوشيتد برس العالمية.
وذكرت الوكالة أن الولايات المتحدة والعراق أعلنا العام الماضي عن اتفاق لإنهاء المهمة العسكرية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق بحلول سبتمبر 2025، مع انسحاب القوات الأمريكية من بعض القواعد التي تمركزت فيها خلال وجودها العسكري الذي استمر لعشرين عامًا.
والفصائل السياسية والمسلحة المرتبطة بإيران كانت من بين أشد الأصوات المطالبة بخروج القوات الأمريكية من العراق، خصوصًا بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، وما تبعه من قصف إسرائيلي مكثف واجتياح بري لقطاع غزة.
وفي العراق، كما في معظم أنحاء العالم العربي، كان الدعم الأمريكي لإسرائيل في حرب أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتهجير ما يقرب من جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أمرًا غير مقبول.
وعندما تم التوصل إلى الاتفاق لإنهاء مهمة التحالف في العراق، صرّح القادة السياسيون العراقيون أن تهديد تنظيم داعش بات تحت السيطرة، ولم يعودوا بحاجة إلى مساعدة واشنطن لمواجهة ما تبقى من خلاياه.
لكن سقوط الأسد في هجوم خاطف شنه متمردون إسلاميون سنة في ديسمبر دفع البعض إلى إعادة تقييم موقفهم، بما في ذلك أعضاء “الإطار التنسيقي”، وهو تحالف من الأحزاب السياسية الشيعية المدعومة من إيران، والذي أوصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى السلطة في أواخر عام 2022.
فقد أدى سقوط الأسد – وهو حليف رئيسي لإيران – إلى إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، مما جعل الفصائل الموالية لطهران في العراق تشعر بالضعف.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف متزايدة في العراق من أن تنظيم داعش قد يستغل الفراغ الأمني ليعود إلى الظهور، بينما لا يزال القادة الجدد في سوريا يحاولون ترسيخ سلطتهم وتشكيل جيش وطني.
قال مسؤول في الإطار التنسيقي: “معظم قادة الإطار التنسيقي يؤيدون الآن بقاء القوات الأمريكية في العراق، ولن يرغبوا في رحيلها نتيجة لما حدث في سوريا”.
وأضاف: “هم يخشون أن يستغل تنظيم داعش الفراغ إذا غادر الأمريكيون العراق، مما قد يؤدي إلى انهيار الوضع في البلاد”.
وقدم العديد من المسؤولين السياسيين والأمنيين العراقيين تقييمات مماثلة، لكنهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالإدلاء بتصريحات علنية.
وأفاد مسؤول رفيع المستوى في جهاز الأمن الوطني العراقي أنه في اجتماع مع الحكومة العراقية، جادلت وكالته بأن: “ليس من مصلحة العراق طلب انسحاب القوات الأمريكية والتحالف الدولي في الوقت الحالي.”
وأضاف المسؤول: “الأصوات العالية التي كانت تطالب بانسحاب القوات الأمريكية من العراق قد تراجعت بشكل ملحوظ، وأتوقع أنه لن يكون هناك أي انسحاب أمريكي هذا العام”.
من جهته، قال مسؤول دفاعي أمريكي كبير، تحدث أيضًا بشرط عدم الكشف عن هويته، إن المسؤولين العراقيين طلبوا “بشكل غير رسمي وعلى أعلى المستويات” تأجيل إنهاء مهمة التحالف وسحب القوات الأمريكية.
وأشار إلى أن العراقيين قلقون من أن تنظيم داعش قد يستغل الفوضى التي تلت سقوط الأسد – إضافة إلى مخزون الأسلحة الضخم الذي تركه الجيش السوري السابق – للعودة إلى الواجهة.
ووصف هذا القلق بأنه “مبرر”، قائلاً: “داعش لن يعود فورًا، لكنه بالتأكيد يستطيع ذلك”. ولم تصدر الحكومة العراقية أي بيان علني بشأن احتمال تمديد مهمة التحالف.
وأكد باسم العوادي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، يوم الجمعة، أن: “الإطارات الزمنية المتفق عليها بين العراق والتحالف الدولي لم تتغير، وأن الاجتماعات بين العراق ومسؤولي التحالف مستمرة.”
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70419