تستعد دبي لتنفيذ خطة كبرى لتحويل المدينة إلى “مدينة صديقة للمشاة”، وهو مشروع من شأنه أن يربط الأحياء التي يصعب الوصول إليها، ويشجع على التنقل وأنماط الحياة الصحية، وفقًا لخبراء.
قد يُسهم مشروع “دبي ووك” في تعزيز النقل العام من خلال ربط مسارات المشاة بالبنية التحتية القائمة، على الرغم من وجود تساؤلات بشأن الاستدامة، وكيفية التكيف مع حرارة الصيف، ومدى إمكانية ربط المناطق في مدينة تعتمد بشكل كبير على السيارات.
مع ذلك، يُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها خطوة إيجابية نحو تعزيز التنقل وتشجيع الأنماط الحياتية النشطة بين سكان المدينة المتزايدين. ويُرى هذا التحول على أنه امتداد للمشاريع الناجحة في مدن عالمية مثل نيويورك وسيول، التي استعادت المساحات المهجورة لاستخدامات المشاة.
ويقول أستاذ الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري في جامعة أبوظبي، أبولوس كيريازيز، “لا يمكن العودة إلى مدينة تعتمد بالكامل على السيارات، ولكن يمكن تقليل الأثر والمساحة التي تشغلها السيارات من خلال ربط الأحياء ببعضها وتشجيع الناس على المشي”.
وأعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يوم السبت عن خطة لتحويل دبي إلى “مدينة صديقة للمشاة على مدار العام”، تتضمن إنشاء أكثر من 3,000 كم من المسارات الجديدة للمشاة و110 جسور وأنفاق جديدة.
وسوف تبدأ المرحلة التجريبية من المشروع في الفترة من 2025 إلى 2027، بينما من المتوقع أن يكتمل المشروع في 2040. سيتم الكشف عن مزيد من التفاصيل في وقت لاحق، لكن مكتب دبي الإعلامي أشار إلى أن الهدف هو زيادة استخدام المشاة والنقل البيئي من 13% إلى 25%.
وتم تحديد مسارين رئيسيين في المشروع. الأول يمتد على طول منطقة خور دبي، التي تعد بالفعل صديقة للمشاة، بينما الثاني هو “الحلقة المستقبلية” حول “متحف المستقبل”، التي ستتضمن مسارات مرتفعة ومنطقة مكيفة، وستربط مركز دبي التجاري العالمي، وأبراج الإمارات، ومركز دبي المالي العالمي ومحطات المترو القريبة.
وتم بناء مدن الخليج مثل دبي، التي بدأت في التوسع في الخمسينيات، بشكل رئيسي مع التركيز على السيارات. كانت المشاريع الجديدة تفتقر إلى الاهتمام بالمشاة، حيث كانت العديد من المناطق تفتقر إلى المسارات والمناطق المظللة والجسور المخصصة للمشاة. ومع ذلك، بدأت هذه الاتجاهات في التغيير في إطار الترويج لوسائل النقل العامة وركوب الدراجات.
ودعت خطة دبي الحضرية 2040 إلى تطوير “مدينة الـ20 دقيقة”، التي تتيح للسكان الوصول إلى 80% من احتياجاتهم اليومية وجهاتهم في غضون 20 دقيقة سيرًا على الأقدام أو باستخدام الدراجة.
وأشاد الخبراء الذين تحدثوا إلى صحيفة “ذا ناشيونال” بأي محاولة لزيادة المشي، وأشاروا إلى أنه يمكن القيام بالكثير من التحسينات من خلال تغييرات بسيطة مثل إضافة الظلال.
وقال كيريازيز: “السلطات في المدينة تحاول تغيير استراتيجياتها، والمزيد من المدن بدأت تعطي الأولوية للمشاة وركوب الدراجات. دبي وأبوظبي هما من هذه المدن”.
وتسعى دبي إلى إعادة توازن البيئة المعتمدة على السيارات من خلال توسيع شبكة مترو دبي وزيادة خطوط الحافلات. كما عملت السلطات على تحسين محطات الحافلات وإضافة مناطق مظللة للمسافرين.
وقالت أستاذة الهندسة المدنية والتخطيط الحضري في جامعة نيويورك أبوظبي، مونيكا مينينديز، إنه إذا أصبح المشي في دبي أمرًا طبيعيًا، فقد يشجع ذلك على زيادة استخدام وسائل النقل العام.
وأضافت: “إذا كانت هناك إمكانية للوصول بسهولة إلى محطات المترو سيرًا على الأقدام، يمكن أن يصبح هذا المشروع محفزًا لزيادة استخدام وسائل النقل العامة”.
وأكدت أن هذا المشروع يمكن أن يساعد في تحسين النظام بأكمله إذا تم دمجه مع وسائل النقل العامة.
وتعد “الهاي لاين” في نيويورك و”سكايجاردن” في سيول من الأمثلة على الممرات المرتفعة التي تم استعادتها لاستخدام المشاة.
وفي نيويورك، تم تحويل سكة حديد قديمة إلى حديقة، بينما في سيول تم تجديد جسر عابر للطرق ليصبح حديقة حضرية.
وقال كيريازيز: “لقد أعادوا الحياة للأحياء وخلقوا طفرة في سوق العقارات، وأصبح الناس أكثر صحة ونشاطًا، كما أنهم يكتشفون المزيد من الأماكن. إنها حالة فوز للجميع”.
وأشار باولو أنسياس، الباحث في النقل في جامعة كوليدج لندن، إلى أن نطاق خطة دبي “غير مسبوق”، لكن مشاريع مشابهة مثل “الهاي لاين” و”بروميناد بلانتي” في باريس، وشبكة المشاة المتصلة في هونغ كونغ، أثبتت جدواها في تحسين الحياة الحضرية.
ويهدف “خطة ماستر دبي ووك” إلى تشجيع المشاة على التنقل في دبي طوال العام، حتى في فصل الصيف الحار.
وتظهر التصورات الفنية للمشروع أشخاصًا يمشون تحت مظلات خضراء، إلى جانب نوافير مياه ومسارات مشاة مرتفعة.
وقالت مينينديز: “أكبر تحدي هو الطقس. من الجيد دائمًا أن تكون هناك نباتات خضراء لتجعل المشي أكثر راحة. لكن هناك تساؤلات حول كيفية استدامة الري وتوفير الظلال.”
وأضاف كيريازيز أن السلطات في دبي وأبوظبي يمكنها استخدام أشجار محلية مثل السدر والغاف، التي تحتاج إلى مياه أقل وتتحمل الحرارة. وأوضح أن “زيادة الغطاء النباتي لها فوائد مثل تقليل الحرارة والتلوث والمخاطر المرتبطة بالفيضانات”.
وأشار أيضًا إلى ضرورة تجنب استخدام تكييف الهواء في الأماكن العامة، مشددًا على أن “الحرارة يجب أن تكون فرصة لمراجعة استراتيجيات التبريد الطبيعية، مثل الاستفادة من الظلال.”
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=69572