تراجع حاد في زخم الطروحات: أسواق الإمارات تجمع مليار دولار فقط في 2025

أوردت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن أسواق المال في دولة الإمارات شهدت تراجعًا لافتًا في حجم الأموال التي جُمعت عبر الطروحات الأولية هذا العام، بحيث اقتصرت على مليار دولار فقط هذا العام مقارنة مع 6 مليارات دولار في عام 2024، وقرابة 12 مليار دولار في عام 2022، في دلالة واضحة على انحسار الزخم الذي ميّز الأسواق الإماراتية خلال الأعوام الماضية.

وبحسب الصحيفة، فإن هذا الانخفاض الحاد يعكس مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها تشدد الأوضاع المالية عالميًا، واستمرار أسعار الفائدة المرتفعة، إلى جانب حالة عدم اليقين الجيوسياسي التي دفعت المستثمرين إلى توخي الحذر، وتأجيل قرارات الاستثمار، لا سيما في الطروحات العامة الأولية التي تتطلب شهية عالية للمخاطر.

وخلال عامي 2022 و2023، برزت الإمارات كإحدى أكثر الأسواق نشاطًا في المنطقة من حيث الطروحات، مدفوعة بإدراج شركات حكومية وشبه حكومية كبرى، استفادت من الطفرة في أسعار الطاقة وتدفقات سيولة قوية من مستثمرين إقليميين ودوليين.

غير أن هذا الزخم، وفق «فايننشال تايمز»، بدأ يتراجع تدريجيًا مع تقلص عدد الصفقات وحجمها، وتزايد الحذر في تقييمات المستثمرين.

وأوضحت الصحيفة أن عددًا من الشركات التي كانت تخطط للإدراج فضّل تأجيل هذه الخطوة، انتظارًا لتحسن ظروف السوق وعودة التقييمات إلى مستويات أكثر جذبًا.

كما أصبح المستثمرون أكثر انتقائية، مفضلين الشركات ذات التدفقات النقدية المستقرة والقدرة على توزيع الأرباح، بدل الرهان على قصص نمو طموحة في بيئة تتسم بتقلبات اقتصادية ومالية.

ويأتي هذا التراجع في وقت تعمل فيه كل من أبوظبي ودبي على ترسيخ مكانتهما كمراكز مالية إقليمية وعالمية، من خلال تشجيع الإدراجات وتعميق أسواق رأس المال، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

إلا أن الأرقام التي أوردتها «فايننشال تايمز» تعكس، بحسب محللين، فجوة واضحة بين الطموحات الرسمية والواقع الفعلي للأسواق خلال العام الجاري.

كما لفت التقرير إلى أن الانخفاض في الطروحات لا يقتصر على الإمارات وحدها، بل يندرج ضمن تباطؤ عالمي أوسع في أسواق رأس المال، حيث تراجعت شهية المستثمرين للمخاطر في العديد من الأسواق، وسط ضغوط متزايدة على الشركات لإثبات متانة نماذج أعمالها قبل الإقدام على دخول البورصات.

ورغم هذا المشهد، يرى محللون نقلت عنهم الصحيفة أن أسواق الإمارات لا تزال تمتلك مقومات تعافٍ سريعة نسبيًا في حال تحسنت الظروف الاقتصادية العالمية، مستندة إلى عمق السيولة المحلية، والدعم الحكومي، واستمرار الخطط الاقتصادية طويلة الأجل.

ومع ذلك، تبقى المقارنة بين مليار دولار فقط هذا العام و12 مليار مؤشرًا صريحًا على مرحلة تباطؤ واضحة تمر بها الأسواق الإماراتية، قد تطول إذا استمرت الضغوط المالية والجيوسياسية الحالية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.