كشفت رسائل واتساب مسربة حصلت عليها صحيفة “التلغراف” البريطانية أن تدخلات سياسية دفعت لإنجاز استثمار المملكة العربية السعودية في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وأظهرت الرسائل أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كان يسيطر شخصيًا على استحواذ صندوق الثروة السيادي السعودي على نادي نيوكاسل يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي.
وذكرت الصحيفة أن الرسائل من أماندا ستافلي، التي قامت بوساطة صفقة بيع النادي من الملياردير مايك أشلي إلى صندوق الاستثمارات العامة السعودي، تثير تساؤلات حول الضمانات المقدمة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز لتأمين الصفقة.
وتشير الرسائل إلى أن ولي العهد، الذي يعد الحاكم الفعلي للسعودية، كان يوافق على القرارات الرئيسية. في إحدى الرسائل، حذرت ستافلي البائعين من أن “ولي العهد يفقد صبره”، وعندما واجهت الصفقة مشكلات، قالت إن محافظ صندوق الاستثمارات العامة كان “يحاول إقناع ولي العهد بعدم الانسحاب”.
وتسلط الرسائل الضوء على مدى التورط السياسي في عملية الاستحواذ. استعانت ستافلي بمساعدة السفير السعودي في المملكة المتحدة لإنقاذ الصفقة، حيث قالت في رسالة بتاريخ 6 أغسطس 2020: “تحدث السفير السعودي في المملكة المتحدة مع ولي العهد هذا الصباح”.
وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، أرسلت رسالة أخرى تقول: “نحتاج إلى تحديث السفير السعودي في الساعة الرابعة مساءً لأنه يحتاج إلى تحديث ولي العهد”.
في أبريل 2021، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن حكومته لم تشارك في أي مرحلة في محادثات الاستحواذ على نادي نيوكاسل، وذلك في رد مكتوب على سؤال برلماني.
ومع ذلك، كانت ستافلي على اتصال مباشر مع اللورد جريمستون، وزير الاستثمار آنذاك، وأخبرت البائعين أن الوزير “ضغط خلف الكواليس وأوضح بشكل كبير أن تفضيله هو إتمام الصفقة”.
في البداية، منع الدوري الإنجليزي الممتاز بيع نيوكاسل يونايتد إلى اتحاد يقوده صندوق الثروة السيادي السعودي بسبب مخاوف من أن النادي سيكون في الواقع تحت سيطرة الدولة السعودية.
وقالت ستافلي عبر محاميها إنها أشارت إلى ولي العهد فقط بصفته رئيسًا لصندوق الاستثمارات العامة. وأضافت أن الإيحاء بأن رسائلها تلقي بظلال من الشك على الضمانات المتعلقة بالاستقلال عن الدولة السعودية هو “أمر غير منطقي ومفترض”.
وقد أُنجزت الصفقة في النهاية بعد أن حصل الدوري الإنجليزي الممتاز على “ضمانات ملزمة قانونيًا” بأن صندوق الاستثمارات العامة، الذي يمتلك الآن 80% من النادي، منفصل عن الدولة السعودية.
كانت عملية البيع مثيرة للجدل بشدة بسبب سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان. وخلص تقرير لوكالة المخابرات المركزية (CIA) إلى أن ولي العهد كان مسؤولًا عن إصدار أمر قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي عام 2018، والذي كان لا يزال حدثًا حديثًا عندما تم اقتراح الصفقة لأول مرة.
في حين أن القوانين الخاصة بالدوري الإنجليزي الممتاز لا تمنع الدول الأجنبية من امتلاك أندية الدوري، فقد تم اتهام الدولة السعودية بالقرصنة غير القانونية لمباريات الدوري الممتاز على قناة تديرها الدولة، مما شكّل عائقًا أمام الملكية.
وقد أزال الدوري الإنجليزي في النهاية اعتراضاته بعد أن اقتنع بأن صندوق الاستثمارات العامة سيعمل بشكل مستقل عن الدولة السعودية في إدارة نادي نيوكاسل يونايتد.
في أكتوبر 2021، وبعد تحقيق طويل، أعلن الدوري الإنجليزي الممتاز أن صفقة شراء نادي نيوكاسل يونايتد تمت بعد تلقيه ضمانات بأن الحكومة السعودية لن تتحكم في النادي.
في 3 مارس 2020، قالت ستافلي لفريق مايك أشلي: “ولي العهد يفقد صبره – أحتاج إلى طمأنته بأننا سننجز الأمر”.
وفي 29 يوليو من نفس العام، أرسلت رسالة إلى فريق أشلي تقول: “يحاول (ياسر الرميان) التمسك بالصفقة وإقناع ولي العهد بعدم الانسحاب”.
لكن في أكتوبر 2020، أخبرت ستافلي فريق أشلي عبر رسالة واتساب بأن الحكومة لا يمكنها التورط أكثر مما فعلت حتى الآن، مشيرة إلى دعم الحكومة البريطانية للصفقة خلف الكواليس.
واستمر العمل على إتمام الصفقة، وفي النهاية تم التوصل إلى اتفاق في أكتوبر 2021 لبيع النادي لصندوق الاستثمارات العامة السعودي بنسبة 80%، بينما احتفظ الأخوان روبيان بنسبة 10%، وشركة «PCP» التي تديرها ستافلي بنسبة 10%.
وتأتي هذه الرسائل لتلقي الضوء على الدور الكبير الذي لعبه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الصفقة التي أثارت الكثير من الجدل على الساحة الدولية والمحلية.
تكشف الرسائل المسربة عن تورط سياسي عميق في صفقة شراء نادي نيوكاسل يونايتد، حيث كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يراقب سير العملية عن كثب، وكان يتلقى تحديثات منتظمة من الدبلوماسيين والمستثمرين المشاركين.
وعندما تعرضت الصفقة لمشكلات بسبب مخاوف الدوري الإنجليزي الممتاز بشأن هيكل الملكية وتورط الدولة السعودية، تم استدعاء شخصيات دبلوماسية مثل الأمير خالد بن بندر آل سعود، السفير السعودي في المملكة المتحدة، للمساعدة في تسهيل التفاوض مع الدوري.
قالت ستافلي في رسالة بتاريخ 6 أغسطس 2020: “تحدث السفير السعودي في المملكة المتحدة مع ولي العهد هذا الصباح”. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، قالت إن السفير السعودي كان يتعامل مع القضية نظرًا للطبيعة العامة للصفقة، وأنه يقدم تقاريره مباشرة إلى ولي العهد.
كما شارك بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، ومسؤولون آخرون في الحكومة البريطانية خلف الكواليس لدفع الصفقة إلى الأمام، خوفًا من أن يؤدي رفض الصفقة إلى تقليص الاستثمارات السعودية المستقبلية في المملكة المتحدة.
وقد كانت المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، خاصة بعد مقتل جمال خاشقجي، قضية رئيسية في صفقة الاستحواذ، مما أثار اعتراضات من جماعات مثل منظمة العفو الدولية وأرملة خاشقجي. ومع ذلك، كان العائق الرئيسي أمام الصفقة هو اتهام السعودية بالقرصنة غير القانونية لمباريات الدوري الممتاز.
ورغم حصول الدوري الإنجليزي الممتاز على ضمانات قانونية بأن صندوق الاستثمارات العامة سيكون مستقلًا عن الدولة السعودية في إدارة نادي نيوكاسل، تشير الرسائل المسربة إلى أن ولي العهد كان له تأثير كبير على الصفقة واتخاذ القرارات الرئيسية فيها.
كانت الصفقة التي بلغت قيمتها 305 ملايين جنيه إسترليني مثيرة للجدل للغاية، ليس فقط بسبب الجوانب المالية والسياسية، بل أيضًا بسبب التوترات المستمرة حول حقوق الإنسان والدور الذي تلعبه السعودية في إدارة الأندية الكبرى.
وأدت هذه الصفقة في نهاية المطاف إلى تحول جذري في إدارة نادي نيوكاسل يونايتد، الذي أصبح الآن مملوكًا بشكل رئيسي لصندوق الاستثمارات العامة السعودي. ورغم أن الصفقة تعرضت لانتقادات شديدة، إلا أنها تمثل جزءًا من التوسع السعودي في استثمارات الرياضة العالمية.
وقد غادرت أماندا ستافلي النادي في وقت لاحق بعد أن باعت أسهمها، تاركة وراءها إرثًا معقدًا في تاريخ نيوكاسل يونايتد، بينما يواصل صندوق الاستثمارات العامة السعودي إدارة النادي بشكل فعال، مع مراقبة مستمرة من المجتمع الدولي حول مدى تأثير الدولة السعودية في شؤون النادي.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=68508