أُعلن عن انتخاب رئيس جديد يوم الخميس، وذلك بفضل تدخل سعودي في اللحظات الأخيرة، حيث كانت البلاد على حافة أزمة سياسية بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي والذي يعد تحول مفصلي للبنان.
ومع بقاء أقل من 24 ساعة قبل تصويت البرلمان، كانت الساحة السياسية اللبنانية في حالة من التوتر والفوضى، حيث ظلّ أكثر من ستة مرشحين في سباق رئاسة الجمهورية، وسط تباين حاد في الآراء حول مرشح الجيش اللبناني جوزيف عون، الذي اُعتبر من قبل البعض غير مؤهل دستوريًا بسبب منصبه العسكري.
وكانت الجلسة البرلمانية مرشحة للفشل للمرة الثالثة عشرة على التوالي، لكن التدخل السعودي غيّر مجرى الأمور. وصلت إلى بيروت وفود سعودية برئاسة الأمير يزيد بن فرحان، التي اجتمعت مع الأطراف السياسية الرئيسية. ومع مغادرة الوفود، كان مرشح واحد فقط قد حظي بالدعم: جوزيف عون، الذي حصل على تأييد من الولايات المتحدة.
وفي تصويت حاسم، حصل عون على 99 صوتًا من النواب، متجاوزًا نسبة الثلثين المطلوبة، فيما صوتت 29 ورقة إما بيضاء أو ملغاة. في لحظة تاريخية، غادر عون قاعة البرلمان مرتديًا بدلة وربطة عنق، عوضًا عن زيه العسكري، وأدى اليمين الدستورية، واعدًا بتوحيد لبنان تحت مظلة الدولة.
ودور المملكة العربية السعودية في دعم انتخاب عون لم يكن مفاجئًا. فقد كانت السعودية قد سعت على مدى أيام لتعزيز موقف عون، فيما جرت مشاورات دبلوماسية مع فرنسا والولايات المتحدة، بما في ذلك اجتماعات مع دبلوماسيين غربيين في لبنان.
السعودية، التي كانت قد انسحبت من الشأن اللبناني طوال سنوات، أظهرت التزامًا جديدًا بالاستقرار في لبنان، وهو ما جعلها تتخذ هذه الخطوة المهمة. ويأتي هذا في وقت حساس بالنسبة للحزب الشيعي حزب الله، الذي كان داعمًا للرئيس اللبناني السابق ميشال عون، وحينها كان الحزب يشهد تراجعًا في قوته نتيجة الهزائم العسكرية في الحرب مع إسرائيل وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
ورغم هذا الانتصار الانتخابي، تبقى الأسئلة حول المدى الذي ستتخذ فيه الحكومة الجديدة خطوات لفرض سيادة الدولة على السلاح، خاصة مع التأثيرات المستمرة لحزب الله، الذي لا يزال يمتلك تأثيرًا عسكريًا وسياسيًا قويًا. في الوقت ذاته، يمثل هذا التقدم اختبارًا للعلاقة المستمرة بين السعودية وإيران، خاصة أن الأخيرة لها دور بارز في دعم حزب الله.
ويبقى الرئيس الجديد، جوزيف عون، أمام تحديات كبيرة في قيادة لبنان، سواء في الداخل أو على الساحة الدولية. لكنه في النهاية يشكل بارقة أمل للبنانيين، الذين يرون في انتخابه بداية لحقبة جديدة من الاستقرار والشرعية.
اليوم، يُختتم الجمود السياسي الذي دام لأكثر من عامين، ويشعر الكثيرون في لبنان بأن هذا التحول يمثل فرصة لتحقيق التغيير. كما تقول الكاتبة والمحللة لِن زوفيجيان: «لبنان أخيرًا لديه رئيس يمنح شعبه قيادة حقيقية تتسم بالشرعية».
ومع انتخاب عون، يبدو أن لبنان قد بدأ فصلاً جديدًا في تاريخ حكمه، رغم التحديات التي قد تواجهه في المستقبل القريب.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70167