تباطؤ الإنترنت في الشرق الأوسط قد يستمر لأشهر بعد تلف كابل البحر الأحمر

يشهد مستخدمو الإنترنت في الشرق الأوسط تباطؤًا ملحوظًا في الاتصال بعد تعرض كابلين بحريين رئيسيين للتلف في البحر الأحمر بالقرب من جدة، وفقًا لمرصد الإنترنت العالمي NetBlocks.

وتؤكد اللجنة الدولية لحماية الكابلات أن إصلاح هذا النوع من الأعطال قد يستغرق أسابيع وربما أشهر، ما يثير مخاوف من استمرار التأثير لفترة طويلة.

والكابلان المتضرران هما SEA-ME-WE 4 (SMW4) وIMEWE، وهما من أهم الكابلات التي تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا.

وتشير بيانات NetBlocks إلى أن الانقطاع أدى إلى تعطيل الاتصال في عدة دول، بينها الهند وباكستان ودول الخليج وأجزاء من أفريقيا، مع اضطرار شركات الاتصالات إلى إعادة توجيه حركة البيانات عبر مسارات بديلة أطول وأكثر ازدحامًا.

في الإمارات، تلقّت شركتا اتصالات ودو مئات الشكاوى يوم السبت بشأن بطء الاتصال، شملت صعوبات في تصفح المواقع وبث الفيديو واستخدام تطبيقات المراسلة.

وأظهرت بيانات DownDetector ارتفاعًا حادًا في البلاغات عند الساعة التاسعة مساءً، بينما أكد Cloudflare Radar وجود تحولات في التوجيه أثرت على حركة المرور الدولية.

أهمية البحر الأحمر كممر رقمي

بحسب شركة أبحاث الاتصالات TeleGeography، فإن ممر البحر الأحمر يحمل ما يقارب 17% من حركة الإنترنت العالمية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، ما يجعله واحدًا من أكثر نقاط الاختناق الرقمية حساسية.

ويشير خبراء الصناعة إلى أن المنطقة عرضة بشدة للأضرار العرضية والمتعمدة بسبب ازدحام ممرات الشحن، وعمق المياه المحدود، والتوترات الجيوسياسية.

وقد وقعت حادثة مماثلة العام الماضي حين تضررت ثلاثة كابلات بعد أن ألقت سفينة مرساها إثر تعرضها لهجوم حوثي، ما أدى إلى تعطيل خدمات الإنترنت لأسابيع.

تأثيرات إقليمية ودولية

في السعودية، ورغم غياب تعليق رسمي، فإن قرب موقع العطل من جدة يشير إلى أن المستخدمين المحليين تأثروا أيضًا.

أما في مصر، فرغم عدم ذكرها في بيان هذه الحادثة، فإنها تاريخيًا مركز رئيسي لانقطاعات الكابلات، كما حدث مع كابل AAE-1 في السابق.

وقد حذرت شركات كبرى من انعكاسات العطل. فقد أصدرت مايكروسوفت بيانًا حذرت فيه من ارتفاع زمن الاستجابة لبعض خدمات Azure التي تمر عبر المنطقة، مؤكدة أنها أعادت توجيه الحركة عبر مسارات بديلة لتقليل التأثير.

وفي باكستان، أعلنت شركة PTCL عن انخفاض في السعة وأكدت أنها وفرت قنوات بديلة للتخفيف من الأثر.

ويطال الاضطراب بشكل خاص المؤسسات المالية وشركات الطيران والتطبيقات السحابية وخدمات البث المباشر، نظرًا لاعتمادها الكبير على الاتصال الفوري وانخفاض زمن الوصول.

صعوبة الإصلاح

إصلاح الكابلات البحرية عملية معقدة تتطلب سفن إصلاح متخصصة، وتشمل مراحل دقيقة من تحديد موقع التلف واسترجاع الكابل وربطه وإعادة نشره، وهي عمليات معرضة للتأخير بسبب الطقس أو العوامل القانونية والسياسية.

وتشير لجنة حماية الكابلات البحرية إلى أن التكلفة قد تتراوح بين مليون وثلاثة ملايين دولار للحادث الواحد.

ويزداد الأمر صعوبة في البحر الأحمر بفعل النزاعات الإقليمية، حيث منعت الحكومة اليمنية في العام الماضي فرق الإصلاح من الوصول إلى بعض المواقع المتضررة. واليوم، يأتي الانقطاع الجديد في ظل استمرار التوترات بين الحوثيين وإسرائيل على خلفية حرب غزة، ما قد يعقّد الإجراءات اللوجستية.

ويرى المحللون أن الحادثة الأخيرة تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتنويع مسارات الكابلات البحرية وتوسيع الاعتماد على بدائل مثل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية لتقليل المخاطر.

ومع احتمال أن تمتد أعمال الإصلاح لأسابيع أو أشهر، يتوقع أن يعاني مستخدمو الإنترنت في الإمارات والمنطقة من تباطؤ متكرر في الخدمات، رغم إعادة التوجيه عبر مسارات بديلة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.