تضطلع دولة الإمارات العربية المتحدة بدور رئيسي في إشعال الحرب الأهلية في السودان مع استمرار المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ونبه مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” من تصاعد الاحتمالات بتطور المواجهات داخل السودان إلى حرب إقليمية بالوكالة، نظرا لموقع السودان الاستراتيجي الذي يجعله محط أنظار قوى إقليمية ودولية.
وأشار المركز إلى تحليل نشرته مجلة “إيكونوميست”، يرى أن المعركة التي بدأت كصراع على السلطة بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد ميلشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد تجتذب “الغرباء” بسبب الأهمية الجيوسياسية للسودان.
وتضيف المجلة أن السودان يجلس على ضفاف النيل، شريان الحياة لمصر، كما أن لديه موانئ قريبة من القرن الأفريقي، تتحكم في الخانق الجنوبي للبحر الأحمر وهي قريبة من الخليج العربي.
هذه الشرايين التي تعد محركا للاقتصاد العالمي تراقبها أمريكا والصين وفرنسا، وكلها لها قواعد عسكرية في جيبوتي.
وينقل التحليل عن كومفورت إيرو، رئيس مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة فكرية مقرها بروكسل قوله: “منطقة القرن الأفريقي استراتيجية للغاية، وهي صورة مصغرة للنزاعات الدولية الأخرى.. إنه مكان يلتقي فيه الغرب بالشرق، ويجمع الخليج بأوروبا”.
احتمال تحول الصراع لحرب أهلية
ترى المجلة أن النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد يطول، نظرا لامتلاك كل منهما عوامل قوة جيدة، فالأول يمتلك القوة العسكرية التقليدية والثقيلة مثل الدبابات والطائرات، لكن الثاني يتقن حرب العصابات والشوارع ويسيطر على ثروة هائلة من الذهب.
وتحاول قوات الدعم السريع إطالة أمد المعركة في الخرطوم بالتخفي وسط الأحياء السكنية، للابتعاد عن مدى طائرات الجيش السوداني ودباباته، ونجحت قواته، بخبراتها القتالية في حروب الأفراد، في فرض سيطرتها على مؤسسات بالخرطوم، مثل القصر الرئاسي والإذاعة الحكومية، وفق ما نقل التحليل عن شهود عيان.
ولجأ الجيش السوداني لمحاولة ضرب إمدادات الدعم السريع القادمة من دارفور، فيما تحاول قوات الدعم السريع لخلق طرق جديدة لتأمين إمداداته.
ووفقا لهذه المعطيات، من المتوقع أن يطول أمد المعارك لتتحول إلى حرب أهلية طاحنة تجتذب أطرافا خارجية، أبرزها دول الخليج إلى المصالح الاقتصادية في اللعبة.
دول الخليج
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقعت شركة إماراتية صفقة بقيمة 6 مليارات دولار لتطوير ميناء ومنطقة اقتصادية على ساحل البحر الأحمر في السودان.
ودعم السعوديون والإماراتيون الجنرال عبدالفتاح البرهان ونائبه حميدتي بعد الانقلاب المشترك الذي نفذوه عامي 2019 و2021، وقدموا حوالي 3 مليارات دولار كمساعدات طارئة، لكن لا يوجد لدى أي من البلدين مصلحة واضحة في تأجيج الصراع.
لكن ما يزيد الأمور تعقيدًا، بحسب التحليل، العلاقة الغامضة بين الإماراتيين وقائد الدعم السريع حميدتي الذي تلقى الأموال والأسلحة مقابل إرسال قوات الدعم السريع الخاصة به للمساعدة في حربهم في اليمن في عام 2017، ومنذ ذلك الحين، أقام علاقات متميزة في كل من أبوظبي والرياض.
ومن باب التذكير، فقد قالت مصادر صحفية أن طائرات شحن إماراتية بدأت في الوصول إلى بعض الدول الإفريقية المجاورة تحت غطاء المساعدات الإنسانية لإيصال أسلحة ومعدات لوجستية لدعم حميدتي في معاركه.
مصر الأكثر نفوذا
يعتبر التحليل أن مصر هي الجار الأكثر نفوذا للسودان وهي الأكثر قدرة على التدخل في المشهد، ولا تزال القاهرة من أشد المؤيدين للحفاظ على اليد العليا للجيش السوداني بقيادة البرهان، باعتباره القوة الأكبر والسلطة الأوضح في البلاد.
وعلى الرغم من أن مدى تدخلها العسكري في الأزمة الحالية غير معروف، فمن المرجح أن تزيد مصر من دعمها للجيش إذا تراجعت قوته.
ويقول مجدي الجزولي من معهد “ريفت فالي” إن “مصر هي العامل الأكثر خطورة، والهدف المصري الآن هو إنقاذ السلطة المركزية في السودان كما يعرفونها”.
روسيا في الصورة
وبشكل عام، ترى “إيكونوميست” أن دول الخليج “تتراجع وتتحوط في رهاناتها لترى في أي اتجاه تسقط الأوراق”، وهو نفس ما تفعله روسيا الآن تقريبا، حيث تستعد للتدخل عن طريق ميليشيا “فاجنر” التي تتداخل مع قوات الدعم السريع.
ويرى التحليل أن الهدف الرئيسي لروسيا في السودان يتمثل في إحباط التحول الديمقراطي، كما يقول صمويل راماني، مؤلف كتاب “روسيا في أفريقيا”، لأن طموحها في بناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر يخدمه بشكل أفضل حكومة عسكرية في الخرطوم من حكومة مدنية ديمقراطية.
تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان
وما يساعد على إمكانية تحول نزاع السودان إلى حرب بالوكالة، وفقا للتحليل، هو الحدود الواسعة للسودان والتي تتميز بأنها طويلة وسهلة الاختراق مع جيران يعانون أيضا من نزاعات جمهورية وأفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا وجنوب السودان، والتي تتكاثر فيها الميليشيات والجماعات المتمردة، وكثير منها له روابط عرقية أو تجارية مع قوات الدعم السريع أو خصومها.
ويحذر سليمان بالدو، الذي يرأس منظمة الشفافية في السودان، وهي مجموعة لمراقبة الصراع، من أنه “كلما استمر الصراع لفترة أطول، سيتدخل المزيد من الجهات الخارجية”.
لكن هناك عنصرين قد يتدخلان بشكل أكبر في النزاع، وهو رئيس إريتريا، الذي سعى لإقامة علاقات مع حميدتي وله تاريخ في دعم المتمردين السودانيين، والآخر هو خليفة حفتر، وهو أمير حرب ليبي له صلات بمجموعة “فاجنر”، ويقال إنه أرسل بالفعل وقودًا وأسلحة إلى قوات التدخل السريع.
ودعم حميدتي حفتر في جهوده للسيطرة على شرقي ليبيا، ودعمه عسكريا في حملته على العاصمة طرابلس عام 2019، وهو الهجوم الذي كانت تدعمه الإمارات، وقبل يومين من اندلاع معارك السودان، لوحظ وصول الابن الأكبر لحفتر إلى الخرطوم لإجراء محادثات مع حميدتي.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=62321
التعليقات مغلقة.