وول ستريت جورنال تنشر تفاصيل الخطة المصرية بشأن السلام في غزة

تشن مصر حملة دبلوماسية لحشد الدعم لإعادة إعمار غزة بقيادة وتمويل عربي، متجاوزة المخاوف السياسية القديمة، في محاولة لإجهاض خطة ترامب غير المقبولة على نطاق واسع في العالم العربي.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن هذه التحركات تعكس كيف أن اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ بأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على غزة وتعيد تطويرها كوجهة دولية، بينما يتم تهجير سكانها الفلسطينيين، قد قلب مواقف اللاعبين الرئيسيين في المنطقة بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة.

وكانت الدول العربية تأمل سابقًا في استخدام قدرتها التمويلية للضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية، لكنها أصبحت الآن تحت ضغط لمنع تهجير جماعي للفلسطينيين من غزة، وهو الأمر الذي قد يزعزع استقرار أي دولة يُطلب منها استقبالهم.

وتواجه مصر مخاطر كبيرة إذا لم تستطع تقديم بديل مقبول، فقد لمح ترامب مرارًا إلى إرسال الفلسطينيين إلى هناك، رغم رفض القاهرة القاطع للفكرة، وعندما سُئل يوم الثلاثاء عن وجهة الفلسطينيين، قال جزئيًا: “أعتقد أننا سنحصل على قطعة أرض في مصر”.

وقالت مصادر مطلعة إن المقترح المصري يتمحور حول إبقاء الفلسطينيين في أماكنهم، وتشكيل لجنة من التكنوقراط من مختلف أنحاء غزة لإدارة القطاع، وستتولى قوات أمنية فلسطينية مدربة من قبل الدول العربية مسؤولية الأمن.

ويسعى المسؤولون المصريون الآن إلى جمع التمويل من مصادر عامة وخاصة في المنطقة، ويأملون في عقد مؤتمر للمانحين لتأمين الالتزامات المالية اللازمة.

ومن المتوقع أن تستغرق خطة إعادة الإعمار حتى خمس سنوات، وستنفذ على مراحل، تبدأ باستعادة الخدمات الأساسية وتوفير المأوى.

وتعكس الخطة بعض الأفكار التي طُرحت خلال الحرب، لكنها تثير أسئلة مهمة لم تتم الإجابة عليها، مثل: كيف سيتم إبعاد حماس عن السلطة أو منعها من عرقلة العملية؟ ومن سينضم إلى القوات الأمنية، وهل سيكونون قادرين على التعامل مع المسلحين المتبقين ؟ وهل سيكون هناك تمويل كافٍ لمشروع إعادة إعمار طويل الأمد، ومن سيموّله؟ وهل ستحافظ التهدئة على استمراريتها؟

والنقطة الأخيرة حاسمة، حيث تعتمد دول الخليج على ضمان أن أموالها لن تضيع بسبب تجدد القتال، كما تريد هذه الدول ضمان عدم إساءة استخدام أموال إعادة الإعمار من قبل حماس أو السلطة الفلسطينية، وفقًا لمصادر مطلعة.

وتحاول مصر أيضًا فصل مسألة الدولة الفلسطينية عن جهود إعادة إعمار غزة، بحسب المصادر ذاتها.

ورغم أن القاهرة لا تزال تؤكد ضرورة وضع خارطة طريق نحو دولة فلسطينية، فإن سعيها للمضي قدمًا في ترتيبات إدارة وإعادة إعمار غزة يمثل تغييرًا جوهريًا في الموقف العربي، بعد أن أكدت الدول العربية العام الماضي أنها لن تموّل إعادة الإعمار بدون التزام واضح بإقامة دولة فلسطينية.

ويقول اتش إيه هيليهر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمعهد الخدمات الملكي البريطاني “إدراك الدول العربية أن ترامب جادّ في خطته بشأن غزة يجعل من الضروري التوصل إلى بديل واقعي”.

ويضيف أن الدولة الفلسطينية لن تُسقط من الحسابات، لكن لن تكون شرطًا مسبقًا للبدء في إعادة الإعمار.

وتحاول الدول العربية أيضًا تقليل الضغط عليها لاستقبال الفلسطينيين النازحين، عبر زيادة قبول الحالات الإنسانية.

وأعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، خلال لقائه ترامب يوم الثلاثاء، أن بلاده ستستقبل الفّي طفل مريض من غزة.

وتستقبل مصر المرضى والجرحى، وهناك مناقشات إقليمية أوسع حول إمكانية السماح للغزيين الذين يرغبون في استئناف دراستهم بالمغادرة.

ودعا ترامب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى لقاء في البيت الأبيض، لكن القاهرة قلقة بشأن الانطباع السياسي لمثل هذا الاجتماع، ولم يتم تحديد موعد للزيارة، وفقًا لمسؤولين مصريين، ولم ترد مصر على الفور على طلبات التعليق.

وأعلنت مصر يوم الأحد أنها ستستضيف قمة للقادة العرب في 27 فبراير لمناقشة “التطورات الجديدة والخطيرة في القضية الفلسطينية”.

وقال ديفيد شينكر، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية خلال ولاية ترامب الأولى: “هناك فرصة جيدة أمام الدول العربية لتقديم مقترحاتها الخاصة”.

وتابع: “السؤال الآن أمام عبد الله، والسيسي، والإمارات، والسعودية، وجميع الدول المعنية، هو التوصل إلى موقف موحد حول ما يجب القيام به في غزة”.

ويشكك معظم خبراء الشرق الأوسط في إمكانية تنفيذ خطة ترامب، بسبب مخاوف الفلسطينيين من التهجير القسري إلى المنفى الدائم.
كما أثارت الخطة مخاوف قانونية دولية بشأن ما إذا كانت تشكل “تطهيرًا عرقيًا”.

ورحّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخطة ترامب باعتبارها تفكيرًا جديدًا، وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي تعليماته للجيش بوضع خطط طوارئ لنقل الفلسطينيين، لكن العديد من عائلات الرهائن المحتجزين في غزة تخشى أن تعقّد هذه الخطة الجهود المبذولة للإفراج عن أحبّائهم في محادثات الهدنة الجارية.

ويرى بعض مؤيدي ترمب أن خطته تتميز بالبساطة وهي تطرح حلا لمسألة كيفية إزالة حماس من القطاع، حيث سيتم إخراج الجميع منه إلى جانب تسهيل إعادة إعمار غزة، فإنها تطرح حلًا.

ويعتقد بعض داعمي الخطة داخل إدارة ترامب أن أحد فوائدها غير المباشرة هو تحفيز الدول العربية على المساهمة في حل التحديات الأمنية والمالية لإعادة إعمار غزة.

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في مقابلة إذاعية يوم الاثنين إن خطة ترامب تمثل مثالًا على تفكيره “خارج الصندوق”، وإنه يجب على المنتقدين العرب الذين لا يقبلون الفكرة تقديم حل بديل.

وقال روبيو لمحطة SiriusXM Patriot: “الحقيقة الصارخة هي أن الشرق الأوسط ظل لفترة طويلة منطقة مليئة بالأطراف التي تحب التحدث لكنها لا تريد اتخاذ أي إجراء. إذا لم تعجبهم خطة دونالد ترامب، فقد حان الوقت لكي تتقدم هذه الدول في المنطقة وتقدم حلها الخاص”.

في هذه الأثناء، يتمسك ترامب بخطته، وقال خلال لقائه مع الملك عبد الله يوم الثلاثاء: “سنأخذها، وسنحافظ عليها، وسنرعاها”.

وأضاف الرئيس أنه يريد تحويل غزة إلى وجهة سياحية على الواجهة البحرية، تضم فنادق ومساكن للناس من جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ووجد الملك عبد الله نفسه في موقف محرج، وقال إن الأردن ومصر وحكومات عربية أخرى ستقدم خطتها الخاصة لغزة ما بعد الحرب في وقت لاحق من هذا الشهر. وقال: “لننتظر حتى يقدم المصريون أفكارهم”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.