واشنطن تزعم توسطها لتقريب مواقف الفصائل السورية

تزعم الولايات المتحدة الأمريكية أنها تتوسط لتقريب مواقف الفصائل السورية بهدف كبح جماع الفصائل المتشددة وتحقيق الاستقرار في البلاد ومنع عودة الصراع الأهلي.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الضباط الأميركيين شجعوا مجموعة متمردة أخرى، وهي الجيش السوري الحر، والتي تعمل الولايات المتحدة معها في جنوب شرق سوريا بالقرب من قاعدتها العسكرية في التنف، على التصالح مع المتمردين الإسلاميين السابقين الذين أطاحوا بحكم عائلة الأسد الذي دام نصف قرن أواخر العام الماضي، والذين يسيطرون الآن على الحكومة.

وبحسب الصحيفة تهدف هذه التحركات إلى تحقيق الاستقرار في البلاد ومنع عودة الصراع الأهلي، الذي قد يعقد الجهود المبذولة للحد من نشاط تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يعمل بشكل رئيسي في المناطق الصحراوية ذات الكثافة السكانية المنخفضة في سوريا، حسبما قال الضباط الأميركيون.

كما تهدف أيضًا إلى ضمان وجود الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات أثناء تشكيل سوريا لمستقبلها.

وذكرت وسائل الإعلام السورية الرسمية أن الاتفاق يُعد خطوة مهمة لتجنب تقسيم البلاد. فيما صرّح قائد قوات سوريا الديمقراطية على منصة “إكس” بأن الاتفاق يمثل فرصة لبناء سوريا جديدة.

وقد رحب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، يوم الثلاثاء، بالاتفاق الذي تم التوصل إليه هذا الأسبوع، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “تجدد دعمها لعملية انتقال سياسي تُظهر حوكمة غير طائفية وذات مصداقية باعتبارها أفضل طريق لتجنب المزيد من الصراع”.

واتخذت إدارة ترامب موقفًا فاترًا تجاه القادة الجدد في سوريا، الذين ينتمي كثير منهم إلى هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية قطعت علاقاتها السابقة بتنظيم القاعدة، حيث حثتهم واشنطن على تشكيل حكومة أكثر شمولًا. وقد انتقد بعض كبار المسؤولين الأميركيين هؤلاء القادة بوصفهم جهاديين وأعربوا عن شكوكهم تجاه نواياهم.

وقامت إدارة ترامب بوقف جهود كانت إدارة بايدن قد شرعت فيها للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

تحتفظ الولايات المتحدة بنحو 2000 جندي في سوريا موزعين على ثماني قواعد، وهو أكثر من ضعف العدد المعلن قبل إرسال البنتاغون تعزيزات عندما بدأ نظام الأسد في الانهيار.

وقد أسفر سقوط نظام الرئيس بشار الأسد عن تفكيك القوات العسكرية الموالية لإيران ودفع روسيا، الحليف الرئيسي للنظام التي دعمت بقاءه عسكريًا، إلى التراجع. واستغلت الولايات المتحدة هذا الفراغ لتكثيف هجماتها على الميليشيات الجهادية، حيث نفذت سلسلة من الضربات ضد تنظيم الدولة الإسلامية وأحد فروع تنظيم القاعدة في سوريا، وهو “حراس الدين”، الذي أعلن عن حله في يناير الماضي.

وأوضح المسؤولون العسكريون الأميركيون أن احتمال انسحاب القوات الأميركية في المستقبل ساهم في الضغط على قوات سوريا الديمقراطية للتوصل إلى اتفاق مع دمشق. وقال أحدهم: “هذا جزء من أوراق الضغط. أعتقد أن تهديدنا بالمغادرة جعل المسألة أكثر إلحاحًا”.

وكان الرئيس ترامب قد قرر سحب القوات الأميركية من سوريا خلال ولايته الأولى، قبل أن يتراجع عن القرار.

وتم توقيع الاتفاق، ليلة الاثنين، بين رئيس سوريا الجديد، الزعيم السابق للمعارضة أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي، منهياً مواجهة استمرت ثلاثة أشهر بين الجانبين، ويمهد الطريق لعودة السيطرة الحكومية على مساحات واسعة من الأراضي.

وقال مسؤول عسكري أميركي كبير: “كان هناك الكثير من المفاوضات ذهابًا وإيابًا، وقد لعبنا دور الوسيط لمساعدتهم على إجراء هذا النقاش.

ظللنا نتنقل بين الطرفين حتى حصلنا في النهاية على صيغة تناسب الجميع، وبعد عدة محاولات توصلنا إلى هذه النتيجة”.

وفي نهاية المطاف، تم التوصل إلى الاتفاق بشكل مفاجئ، حيث نقل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الجنرال عبدي بطائرة مروحية إلى مطار بالقرب من دمشق، حيث وقّع الوثيقة مع الشرع.

ووصفت الحكومة الجديدة بقيادة الشرع الاتفاق بأنه انتصار مهم، حيث يسعى إلى احتواء الأضرار الناتجة عن جولات القتال العنيف بين قوات الحكومة ومؤيدي الأسد.

وقال أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين إن دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن منظومة الحكومة مفيد لضمان قدرة الجيش الأميركي على العمل في سوريا.

وأضاف: “روسيا ما زالت لديها شركاء تعمل معهم، وتركيا لديها حلفاؤها أيضًا. وإذا لم يكن للولايات المتحدة شركاء نتعاون معهم، فلن يكون لدينا مكان على الطاولة، وعندها لن نستطيع تنفيذ ضربات”.

وإذا تم تنفيذ الاتفاق، فإنه يمكن أن يسهم في إزالة مصدر للتوتر بين الولايات المتحدة وحليفتها تركيا، التي تعتبر الميليشيات الكردية في سوريا جماعات إرهابية.

وبينما تصنف الولايات المتحدة أيضًا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، إلا أنها تميز بينه وبين العناصر السورية المنضوية في صفوف قوات سوريا الديمقراطية.

وأوضحت المصادر أن الجيش الأميركي يتواصل بشكل مباشر مع مكتب الشرع ووزارة الدفاع السورية، بشكل رئيسي لمنع وقوع صدامات بين القوات الأميركية والسورية.

وقال أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين إنه في الأسبوع الماضي، كاد التحالف بقيادة الولايات المتحدة أن يقصف موقعًا لإطلاق صواريخ مهجور مرتبط بجماعة موالية لإيران، لكنه تواصل أولاً مع وزارة الدفاع السورية، التي أرسلت فريقًا لإزالة المنصة، مما حال دون تنفيذ ضربة كان من الممكن أن تتسبب بأضرار جانبية.

وأضاف المسؤول: “لقد كانوا متعاونين ومستجيبين. ولو لم نكن نتحدث معهم، لكنا واجهنا العديد من المواقف العشوائية التي لم تكن ستسير بشكل جيد”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.