مع مرور عشرين عامًا على تولي محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية في 15 يناير 2005، فإن قيادته تمثل فصلًا معقدًا في تاريخ الفلسطينيين، حيث كانت مليئة بالتحديات، الانقسامات، وخيبة الأمل، لكن أيضًا بالإصرار.
تولى عباس رئاسة السلطة بعد وفاة ياسر عرفات في 2004، ليجد نفسه في مواجهة وضع سياسي فلسطيني مضطرب، قسمته التوترات الداخلية والصراعات مع حركة حماس.
ويقول داود كتّاب، الصحفي الفلسطيني الحائز على جوائز: “منذ توليه السلطة، ركز عباس جهوده على تحقيق دولة فلسطينية مستقلة باستخدام الوسائل الدبلوماسية والسياسية”.
ورغم أنه كان من المفترض أن تنتهي رئاسة عباس في 2009 مع إجراء انتخابات رئاسية جديدة، إلا أن الصراع الداخلي بين حركتي “فتح” و”حماس” حال دون إجراء الانتخابات، مما جعل ولايته تتجاوز عقدين من الزمن.
وتتزامن السنة العشرون لعباس في المنصب مع جهود دولية متجددة لتحقيق حل الدولتين، وخاصة في ظل القيادة السعودية التي تسعى لإعادة الزخم للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
وفي أكتوبر 2024، أعلنت السعودية عن تشكيل “التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين”، وهو تحالف يشمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية، يهدف إلى معالجة القضايا الجوهرية مثل الحدود والمستوطنات وحقوق اللاجئين ووضع القدس. تأتي هذه المبادرة ضمن سياق أوسع من الحوار العربي مع إسرائيل، مشروطًا بتقدم نحو تحقيق حقوق الفلسطينيين.
ويعكس هذا الدور القيادي للمملكة العربية السعودية التزامها القوي بالقضية الفلسطينية ويزيد من فرص تحقيق تقدم نحو دولة فلسطينية مستقلة.
ويقول هاني نصيرة، الكاتب والمحلل السياسي المصري: “السعودية تلعب دورًا محوريًا في هذا التحالف، حيث تسعى لتقديم دعم قوي للحقوق الفلسطينية ضمن مسار سلمي يتضمن حل الدولتين”.
ورغم الدعم الدولي المتزايد، يظل الطريق نحو الدولة الفلسطينية محفوفًا بالعقبات، فإسرائيل، تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تظهر معارضة شديدة لتقديم أي تنازلات في ملفات المستوطنات أو قضايا الأمن.
هذه العوامل تزيد من تعقيد الوضع، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت سنوات عباس الأخيرة ستشهد تحقُّق الدولة الفلسطينية.
وفي ظل هذا المناخ، يواجه عباس ضغوطًا متزايدة من الداخل، حيث يعاني من انتقادات بسبب غياب الانتخابات وتزايد الاحتجاجات ضد حكمه، ويطالب الكثير من الفلسطينيين بتغيير في القيادة. من ناحية أخرى، يبقى عباس ملتزمًا بالسعي لتحقيق الدولة الفلسطينية عبر مفاوضات سلمية، ويأمل أن تثمر جهود التحالف السعودي الدولي عن نتائج ملموسة.
وتعتبر فترة رئاسة عباس بمثابة رحلة مليئة بالفرص الضائعة والتحديات المستمرة، ولكن المبادرة السعودية والتحالف العالمي يوفران فرصة جديدة لتحقيق الأمل الفلسطيني.
ويبقى السؤال: هل سيستطيع عباس تحويل سنوات من المناشدات السياسية إلى حقيقة واقعية تتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة؟
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70177