كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استخدم نفوذه الرئاسي يوم الخميس الماضي لتعزيز جهوده في التوسط لاتفاق طال انتظاره بين جولة PGA الأمريكية ودوري LIV Golf المدعوم من السعودية، وهو اتفاق قد يعود بالنفع في النهاية على ملاعب الغولف التابعة لعائلته.
وأوردت الصحيفة أن ترامب استضاف للمرة الثانية هذا الشهر في البيت الأبيض كبار المفاوضين لمحاولة إنهاء الخلاف العميق بين جولة الغولف الأمريكية المرموقة والدوري المنافس الممول من صندوق الثروة السيادي السعودي.
وبحسب الصحيفة، كان اجتماع يوم الخميس لافتًا بشكل خاص، حيث لم يضم فقط جاي موناخان، مفوض جولة PGA، الذي زار المكتب البيضاوي في أوائل فبراير، بل شمل أيضًا ياسر الرميان، رئيس مجلس إدارة LIV Golf ورئيس صندوق الثروة السيادي، بالإضافة إلى نجم الغولف تايغر وودز.
وقد وصف خبراء الأخلاقيات الاجتماع بأنه نمط متزايد من تضارب المصالح في فترة ترامب الرئاسية الثانية.
رغم أن دعم الرؤساء الأمريكيين للشركات الأمريكية أمر شائع، فإن الدور المحوري الذي يلعبه ترامب في هذه المفاوضات غير معتاد، نظرًا لأن النتيجة قد تفيد شركته الخاصة، حيث تمتلك عائلة ترامب واحدة من أفخم محفظات ملاعب الغولف في العالم، وقد استضافت بطولات لكل من PGA وLIV في السنوات الأخيرة.
ويهدف ترامب إلى عقد اتفاق دائم بين الدورات المتنافسة قد يعيد نجوم الرياضة للتنافس في ملاعب ترامب، ما قد يوفر لشركته ملايين الدولارات ويزيد من هيبتها، كما قد يستلزم بعض الإشراف من وزارة العدل الأمريكية، حيث يراقب مسؤولو مكافحة الاحتكار ما إذا كان الاتفاق قد يضر بالمنافسة داخل الولايات المتحدة.
في حفل استقبال بمناسبة شهر التاريخ الأسود يوم الخميس، بدا ترامب سعيدًا باستضافة وودز ولاعب الغولف آدم سكوت، وكلاهما عضو في مجلس إدارة PGA. وقال إنه شارك في “مناقشات مثيرة للاهتمام” مع ضيوفه، لكنه لم يوضح تفاصيل أكثر.
كان اجتماع الخميس هو المرة الثالثة على الأقل خلال 16 يومًا التي يتواصل فيها ترامب مع الرميان. في وقت سابق من الشهر، أجرى المسؤول السعودي مكالمة هاتفية مع ترامب أثناء اجتماعه مع موناخان وسكوت.
كما جلس الرميان في أحد الصفوف الأمامية يوم الأربعاء بينما كان ترامب يلقي خطابًا في مؤتمر في ميامي بيتش برعاية مؤسسة مرتبطة بصندوق الثروة السيادي. وبعد ذلك، سافر إلى واشنطن لحضور الاجتماع الخاص.
ولم يصدر الصندوق السيادي تعليقًا رسميًا بشأن الاجتماع، لكن عندما سئل الرميان عن التقدم المحرز خلال عشاء في فلوريدا بعد ساعات من الاجتماع، اكتفى بالقول إنه كان «جيدًا».
في بيان مشترك، وصف موناخان وسكوت وودز الاجتماع بأنه جلسة عمل بناءة، مؤكدين أنهم “ملتزمون بالمضي قدمًا بأسرع ما يمكن” نحو اتفاق مع السعوديين.
وقرار ترامب بدفع الصفقة يتماشى مع نمط واضح من دمج مصالح عائلته المالية مع دوره الرسمي. رغم أن الرؤساء معفيون من قوانين تضارب المصالح التي تحظر على الموظفين الفيدراليين اتخاذ إجراءات تؤثر مباشرة على ممتلكاتهم المالية، إلا أن الرؤساء السابقين امتنعوا طواعية عن القيام بذلك.
وقبل أيام من تنصيبه، أطلق ترامب عملة رقمية باسم $TRUMP واستمر في الترويج لها منذ توليه منصبه. كما استغل منصته Truth Social، التي تمتلكها شركة ترامب ميديا التي يعد هو أكبر مساهم فيها، للتواصل حول رئاسته. وأعلنت الشركة مؤخرًا عن توسعها في المنتجات المالية، وهو مجال قد يتطلب موافقة هيئة الأوراق المالية الأمريكية.
فيما يتعلق بالغولف، تدير ملاعب ترامب شركة ترامب أورغانيزيشن، التي يشرف عليها ابناه الأكبران.
وقالت الشركة إن ترامب لن يكون له أي دور في قراراتها اليومية خلال فترته الثانية، وإنها لن تشارك في أي معاملات أو عقود مع حكومات أجنبية، باستثناء التعاملات التجارية العادية.
لكن خبراء الأخلاقيات والأعمال أكدوا أن ترامب أورغانيزيشن لا تزال تستفيد من أي اتفاق ينهي الانقسام في عالم الغولف.
قالت كاثلين كلارك، أستاذة القانون المتخصصة في أخلاقيات الحكومة بجامعة واشنطن في سانت لويس: “بينما يبدو أن مصلحة عائلة ترامب واضحة، فإن المصلحة العامة أو الحكومية غير واضحة تمامًا”.
وأضافت أن تدخل ترامب قد يكون “أكثر إشكالية إذا كان الاتفاق خاضعًا لمراجعة الاحتكار الفيدرالي، لأنه قد يشير إلى المنظمين الفيدراليين بضرورة دعمه”.
وعلاقات عائلة ترامب التجارية مع السعوديين تمتد إلى ما هو أبعد من الغولف. فصندوق الثروة السيادي السعودي، الذي يبلغ حجمه 925 مليار دولار، قام بتمويل صندوق استثمار خاص أنشأه جاريد كوشنر، صهر ترامب.
وقبل شهرين فقط من تنصيب ترامب، أعلنت ترامب أورغانيزيشن عن مشروعين عقاريين في الرياض، عاصمة السعودية.
ويحرص ترامب، المعروف بحبه للغولف، على إعادة توحيد رياضة شهدت انقسامات حادة لعدة سنوات. رغم أن التوترات خفت مؤخرًا، إلا أن إطلاق LIV في 2022 أجبر اللاعبين النخبة على اختيار أحد الجانبين: إما جولة PGA التقليدية، أو خيار LIV المغري بتمويله الضخم.
وقد حاولت جولة PGA حماية سلطتها، مع التركيز على سجل السعودية في حقوق الإنسان، بينما برر لاعبو LIV انضمامهم بأنه يرتبط بجدول المباريات وصيغ البطولات أكثر من أي اعتبارات سياسية.
طوال هذا الصراع، كان ترامب مشجعًا صريحًا للدوري المدعوم من السعودية. في مقابلة عام 2022، تجاهل المخاوف بشأن انتهاكات الحكومة السعودية لحقوق الإنسان، واصفًا استثمارات الصندوق السيادي في الرياضة بأنها “مهمة وذكية”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70667