تمهد نتائج الاستفتاء العام الذي جرى في دولة قطر إلى تحول في إدارة الشؤون العامة للبلاد بعد أن تضمن عدة تغيرات جوهرية منها إلغاء الانتخابات التشريعية وإنهاء حصر المناصب الوزارية على المواطنين الأصليين.
وصوت القطريون في استفتاء حول إلغاء الانتخابات التشريعية، التي كانت تملأ ثلثي مقاعد مجلس الشورى، وهو المجلس الذي يتولى صياغة القوانين والموافقة على الميزانيات الحكومية، والتي تعد خطوة تاريخية.
هذا الاستفتاء يأتي بعد اقتراح أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في العام الماضي، بإلغاء الانتخابات التي جرت لأول مرة في 2021.
وتم إدخال فكرة الانتخابات التشريعية في دستور قطر لعام 2003، لكن السلطات القطرية لم تنفذ الخطط المرتبطة بها إلا بعد تأجيلات عديدة، أخيرًا، في أكتوبر 2021، جرت الانتخابات التي أثارت توترات، حيث لم يكن جميع المواطنين القطريين البالغ عددهم حوالي 380,000 مؤهلين للتصويت.
وقد وصف الشيخ تميم الانتخابات بأنها “تجربة”، مما أدى إلى اقتراحه تغييرات دستورية لإلغائها.
من جهة أخرى تمكن جميع المواطنين القطريين من المشاركة في هذا الاستفتاء التاريخي، حيث أُعيدت جميع الموظفين في الدولة إلى منازلهم لتسهيل عملية التصويت.
وقد أظهرت الأجواء العامة حماسًا كبيرًا من قبل المواطنين، حيث اعتبرت هذه اللحظة بمثابة احتفال وطني يعكس رغبة الجميع في نجاح العملية الديمقراطية.
وفي السياق، قالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية إن الاستفتاء يعكس “لحظة تاريخية” تعزز النسيج الاجتماعي في البلاد، وتعتبر مرحلة مهمة في مسيرة قطر نحو الوحدة الوطنية والنجاح.
وصدرت نتائج الاستفتاء يوم الأربعاء، حيث سيتعين على الحكومة القطرية التعامل مع النتائج التي قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في البلاد، بموجب التعديلات الدستورية المقترحة، سيعود مجلس الشورى ليكون بالكامل مُعَيَّنًا من قبل الأمير، مما يعني أن الانتخابات ستُلغى، وستُمنح الصلاحيات لمجلس الشورى لتقديم التشريعات والموافقة على الميزانيات واستدعاء الوزراء، بينما يحتفظ الأمير بحق النقض.
ومن بين التغييرات الأخرى المطروحة في الاستفتاء هي السماح لجميع القطريين، بما في ذلك المواطنين المجنسين، بتولي المناصب الوزارية، وهو حق كان محصورًا سابقًا بالمواطنين القطريين الأصليين فقط، هذا التغيير قد يمثل خطوة نحو مزيد من الشمولية في الحكومة القطرية.
ويبدو أن المؤسسة القطرية كانت واثقة من نتائج الاستفتاء، حيث إن هذا الاستفتاء هو الأول من نوعه منذ أكثر من 20 عامًا، وقد عُقدت أيضًا انتخابات للمجالس البلدية كل أربع سنوات منذ عام 1999، مما يدل على وجود تاريخ من المشاركة السياسية، رغم أن هذا الاستفتاء يمثل تحولًا كبيرًا في كيفية إدارة الشؤون العامة.
وإذا تم إقرار التعديلات الدستورية، فإن ذلك سيعني عودة السلطة التنفيذية إلى يد الأمير، مما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في طريقة اتخاذ القرارات في البلاد، هذا الأمر قد يثير تساؤلات حول مدى رغبة الشعب القطري في المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية، ومدى تأثير هذه التغييرات على الاستقرار الداخلي.
إن الاستفتاء الذي جرى في قطر يعد خطوة مهمة في تاريخ البلاد، حيث يعكس التوجهات السياسية الحالية والآمال المستقبلية للمواطنين، بينما كان ينتظر الجميع نتائج هذا الاستفتاء، فإن هذه اللحظة التاريخية قد تكون نقطة تحول في كيفية إدارة الشؤون العامة في قطر، وتعزيز الوحدة الوطنية في إطار رؤية مستقبلية أكثر شمولية.
ويبقى الأمل معقودًا على أن هذه التغييرات ستساهم في خلق بيئة سياسية أكثر انفتاحًا وشفافية، تعكس تطلعات الشعب القطري نحو مزيد من المشاركة في صنع القرار.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=68993