بينما تتأهب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا لمواجهة تحديات تخفيضات الميزانية المقترحة من إدارة ترامب، تعمل الوكالة على توسيع الفرص أمام شركائها الدوليين في مشاريع استكشاف القمر والمريخ. في خطوة تهدف لتعزيز التعاون العالمي، تأمل ناسا في الاستفادة من هذه الشراكات لدعم جهودها في مشاريع الفضاء المستقبلية.
تخفيضات الميزانية وتأثيرها على مشاريع الفضاء
قدمت إدارة ترامب ميزانية قدرها 18.8 مليار دولار لعام 2026، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 24% عن الميزانية السابقة. من بين هذه التخفيضات، يأتي إلغاء مشروع “بوابة القمر”، وهو محطة تدور حول القمر تم بناؤها بالتعاون مع دول أخرى. على الرغم من هذا التحدي المالي، أكدت ناسا أنها ستعيد استخدام المكونات التي تم إنتاجها بالفعل من أجل استكشافات جديدة إلى القمر والمريخ، وستواصل دعوة الشركاء الدوليين للمشاركة في مهامها المستقبلية من خلال “تعاون هادف”.
وقال مسؤولو ناسا في تصريحات لصحيفة “ذا ناشيونال” إن الشراكات الدولية تعتبر جزءًا أساسيًا من برنامج “أرتميس” الذي يهدف إلى إعادة البشر إلى القمر استعدادًا لاستكشاف المريخ في المستقبل. وأضافوا أن هذا التعاون سيشمل استكشاف الفجوات التكنولوجية الحرجة التي تحتاج إلى حلول مبتكرة لضمان استدامة الاستكشافات على المدى الطويل.
الإمارات ودورها المميز في استكشاف الفضاء
في ظل هذه التطورات، تُعد الإمارات العربية المتحدة في وضع مميز للمساهمة في المشاريع الفضائية العالمية، وذلك بفضل استثماراتها المستمرة في قطاع الفضاء. عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة نيويورك أبوظبي، ديميترا أتري، أوضحت أن الإمارات يمكنها أن تساهم بشكل كبير في مشاريع مثل أنظمة الروبوتات المتقدمة والتنقل السطحي، مشيرة إلى دور الإمارات البارز من خلال تجربتها الناجحة في مركبة “راشد” القمرية.
الإمارات تتمتع أيضًا بقدرات مثبتة في تكنولوجيا الأقمار الصناعية التي يمكن أن تعزز من شبكات الاتصالات على القمر والمريخ. علاوة على ذلك، يمكن لتجربة الإمارات المتزايدة في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، المكتسبة من مهام مثل مسبار الأمل، أن تدعم العمليات المعقدة والاكتشافات العلمية في مشاريع ناسا المستقبلية.
أهمية المشاركة العالمية في مشاريع الفضاء
في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى الحفاظ على ريادتها في استكشاف الفضاء، فإن الشراكات الدولية مثل تلك التي تقترحها ناسا تصبح ذات أهمية استراتيجية. في هذا السياق، يرى الدكتور أتري أن المشاركة الفعالة في برامج الفضاء قد تكون أكثر من مجرد تعاون علمي. فهي تساهم في تعزيز الابتكار التكنولوجي وتسريع التطور في الاقتصادات القائمة على المعرفة في المنطقة، فضلًا عن إلهام الأجيال الجديدة لدراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
فرص متعددة لدول الخليج
إلى جانب الإمارات، تملك دول الخليج الأخرى فرصًا كبيرة للمشاركة في هذه المشاريع العالمية. من خلال التعاون في مجالات مثل أنظمة الطاقة، تقنيات بناء القمر، والحمولات العلمية، يمكن لدول مثل السعودية وقطر أن تلعب أدوارًا رئيسية في استكشافات الفضاء المستقبلية. وبفضل تطور البنية التحتية في المنطقة، بما في ذلك مراكز البحث والتعليم، ستظل دول الخليج في طليعة هذه الجهود الدولية.
كما تساهم الجامعات في الإمارات، مثل جامعة نيويورك أبوظبي، بشكل فعال في البحث العلمي المتعلق بمشاريع الفضاء. من خلال محاكاة القمر واختبار حلول الزراعة المستدامة في بيئات مشابهة للبيئات القمرية والمريخية، تسهم هذه المؤسسات الأكاديمية في تطوير تقنيات قد تكون حاسمة للبعثات المستقبلية.
وعلى الرغم من التحديات المالية التي تواجهها وكالة ناسا، فإن دول الخليج، خاصة الإمارات، في وضع قوي لاستغلال الفرص المتاحة للمساهمة في استكشاف الفضاء. هذه الشراكات تعكس الأهمية الاستراتيجية للتعاون الدولي في المجال الفضائي وتساهم في تعزيز مكانة دول الخليج كشركاء فعالين في مستقبل استكشاف الفضاء.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71559