أبو ظبي – خليج 24| قالت منظمة حقوقية دولية إن السلطات الإماراتية واصلت الاستثمار باستراتيجية “القوة الناعمة” الهادفة لتصوير البلاد كدولة تقدمية ومتسامحة وتحترم الحقوق، لكن ما تفعله مخالف لذلك.
وكشف منظمة “هيومن رايتش ووتش” أنه ظهر جليًا عبر استمرار السجن الجائر للناشط الحقوقي البارز أحمد منصور، والأكاديمي ناصر بن غيث.
وذكر أن السلطات الإماراتية تعتقل نشطاء ومعارضين عديدين بعضهم أتم مدة عقوبته منذ 3 سنوات ولا يزال محتجزًا دون أساس قانوني واضح.
وقالت إن سجون الإمارات بها محتجزين بظروف مزرية وغير صحية ويسود فيها الاكتظاظ ونقص الرعاية الطبية الملائمة.
وذكرت المنظمة أنه مع بدء تفشي فيروس “كورونا”، تزايد خطر تعرّض المحتجزين وموظفي السجون للإصابة بالفيروس.
وينشر موقع “خليج 24” النص الكامل لتقرير “هيومن رايتش وتش”|
في ليبيا، قدمت الإمارات أسلحة وشنت غارات جوية وبطائرات بدون طيار دعما “للقوات المسلحة العربية الليبية”، والتي تسبب بعضها بمقتل وجرح مدنيين.
بينما في اليمن، ارتكبت القوات والجماعات المسلحة اليمنية المدعومة من الإمارات انتهاكات.
ومنعت الإمارات ممثلي المنظمات الحقوقية الدولية والخبراء الأمميين من إجراء البحوث داخل البلاد ومن زيارة السجون ومراكز الاحتجاز.
حرية التعبير
يقضي مئات النشطاء والأكاديميين والمحامين عقوبات مطوّلة في السجون الإماراتية، وفي الكثير من الحالات بعد محاكمات جائرة بتهم غامضة وفضفاضة تنتهك حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
ظل أحمد منصور، الناشط الحقوقي الإماراتي البارز، مسجونا في زنزانة انفرادية لعامٍ ثالث، مما جعله في حالة صحية خطيرة.
احتجزت الإمارات منصور في 2017 باتهامات تتعلق بالتعبير، تشمل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لـ”نشر معلومات مغلوطة تضر بالوحدة الوطنية”.
احتجزته السلطات لأكثر من سنة في مكان مجهول بدون تواصل بمحام قبل أن تحكم عليه في مايو/أيار 2018 بالسجن 10 سنوات.
في 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، أيدت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات الحكم الصادر بحق منصور.
الأكاديمي البارز ناصر بن غيث الذي يقضي 10 سنوات في السجن بتهم نابعة من انتقاده للسلطات الإماراتية والمصرية، والأستاذ الجامعي والمحامي الحقوقي محمد الركن، الذي يقضي 10 سنوات في السجن إلى جانب 68 شخصا آخرين في محاكمة مجموعة “الإماراتيين الـ 94” الجائرة للغاية، لا يزالون أيضا في السجن.
حتى سبتمبر/أيلول 2020، كانت السلطات الإماراتية مستمرة في احتجاز خليفة الربيع وأحمد الملا، وهما مواطنان أكملا محكوميتهما، سنة للأول وثلاثة للثاني، بتهم تتعلق بأمن الدولة. أدينا في 2014 و2016 على أساس صلاتهما بـ”جمعية الإصلاح”، وهي حركة سياسية إسلامية مسجلة قانونا حظرتها الإمارات في 2014 على أنها “إرهابية”. احتجزتهما السلطات تعسفيا وراء القضبان بسبب “المناصحة”، بحسب نشطاء إماراتيين.
سوء معاملة المحتجزين وظروف السجن المزرية
كان المحتجزون، لا سيما في القضايا التي يُزعم أنها تتعلق بأمن الدولة، معرضين لمخاطر جسيمة تتمثل في الاعتقال التعسفي بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب وسوء المعاملة، والحبس الانفرادي المطوّل، والحرمان من الحصول على المساعدة القانونية.
استُخدمت الاعترافات القسرية كدليل في إجراءات المحاكمة، واشتكى السجناء من الاكتظاظ والظروف غير الصحية وعدم كفاية الرعاية الطبية.
في مارس/آذار، ذكرت تقارير محاولة امرأة إماراتية (21 عاما) مسجونة بتهم تتعلق بأمن الدولة الانتحار بعد أن أخضعتها سلطات السجن وسجينة أخرى للحبس الانفرادي المطوّل وحرمتهما من الرعاية الطبية المناسبة. لم تجرِ السلطات الإماراتية تحقيقا مستقلا في الحادث.
في مايو/أيار، حكمت محكمة إماراتية على رجل عماني (21 عاما) بالسجن مدى الحياة بعد محاكمة كانت جائرة للغاية على ما يبدو. بعد اعتقاله، اخضعته السلطات للاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والحبس الانفرادي المطوّل وسوء المعاملة. حتى سبتمبر/أيلول، وبحسب أحد أفراد أسرته، منعته السلطات الإماراتية من الاتصال بالعالم الخارجي لمدة ستة أشهر، مما أثار مخاوف جدية على صحته ورفاهه، لا سيما وسط تفشي فيروس كورونا في سجن الوثبة بحسب تقارير.
تفشّى فيروس كورنا في ثلاثة مرافق احتجاز على الأقل في الإمارات، مما فاقم ظروف السجن المزرية أصلا، بما يشمل عدم كفاية الوصول إلى الرعاية الطبية والعلاج والتواصل مع العالم الخارجي.
طوال 2020، حرمت سلطات السجون الإماراتية المحتجزين الأجانب الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية من العلاج المنتظم لمضادات الفيروسات المنقذة للحياة، في انتهاك صارخ لحقهم في الصحة.
في سجنَيْن على الأقل في الإمارات، يُفصل المحتجزون المصابون بفيروس نقص المناعة عن باقي السجناء ويواجهون وصمة العار والتمييز المنهجي. يتعرض السجناء المصابون بفيروس نقص المناعة في الإمارات والذين حُرموا من الرعاية الطبية الكافية لخطر التعرض لمضاعفات خطيرة إذا أصيبوا بفيروس كورونا.
في 17 مارس/آذار، دعا خبراء حقوقيين أمميين السلطات الإماراتية إلى إصلاح “ظروف الاحتجاز المهينة” في سجون الإمارات بسرعة. رفضت الإمارات السماح لمراقبين دوليين مستقلين بدخول البلاد وزيارة السجون ومراكز الاحتجاز رغم الدعوات الدولية للقيام بذلك.
الهجمات غير المشروعة وإساءة معاملة المحتجزين في الخارج
ظلت الإمارات ظلت جزءا من العمليات العسكرية بقيادة السعودية رغم إعلانها انسحاب معظم قواتها البرية من اليمن في 2019، وواصلت الحفاظ على وجودها في عدن والمحافظات الجنوبية، وفي تقديم الدعم لبعض القوات اليمنية التي ارتكبت انتهاكات جسيمة على مدى السنوات العديدة الماضية.
في ليبيا، نفذت الإمارات غارات جوية وبطائرات بدون طيار لدعم القوات المسلحة العربية الليبية، وهي جماعة مسلحة مقرها الشرق بقيادة الفريق خليفة حفتر، وأحد الطرفين الليبيين الرئيسين في النزاع المسلح الذي بدأ في أبريل/نيسان 2019، أسفر بعضها عن مقتل وجرح مدنيين. أسفر هجوم إماراتي غير قانوني على ما يبدو على مصنع للبسكويت في جنوب طرابلس في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 عن مقتل ثمانية مدنيين وإصابة 27. بحسب وسائل إعلام و”الأمم المتحدة” وتقارير أخرى، نفّذت الإمارات خمس غارات أخرى على الأقل أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين منذ أبريل/نيسان 2019. وفقا لفريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا، زوّدت الإمارات القوات المسلحة العربية الليبية بأسلحة، وذخيرة، ومركبات قتالية وطائرات بدون طيار، في انتهاك لحظر الأسلحة الذي فرضه “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” عام 2011 والذي يحظر عمليات النقل المماثلة.
العمال الوافدون
شكّل الوافدون أكثر من 80% من سكان الإمارات، وفقا لأرقام “منظمة العمل الدولية” لعام 2015.
ربط نظام الكفالة تأشيرات العمال الوافدين بأصحاب عملهم، حيث لا يُسمح للعامل الوافد بتغيير صاحب عمله أو مغادرته دون إذنه. يواجه أولئك الذين يتركون أصحاب عملهم دون إذن العقاب بتهمة “الفرار”، بما يشمل الغرامات والسجن والترحيل. تعرّض العديد من العمال الوافدين ذوي الأجور المنخفضة للعمل القسري.
يستثني قانون العمل الإماراتي من حمايته عاملات وعمال المنازل، اللذين يواجهون مجموعة من الانتهاكات، مثل عدم تلقي أجورهم، والحبس في المنزل، والعمل حتى 21 ساعة يوميا فضلا عن اعتداء أصحاب عملهم عليهم بدنيا وجنسيا. يواجهون أيضا عقبات قانونية وعملية في سعيهم إلى الانتصاف. بينما يضمن قانون 2017 بشأن العمل المنزلي بعض حقوق العاملات العمال، إلا أنه أضعف من قانون العمل ولا يفي بالمعايير الدولية.
كشف تفشي فيروس كورونا السبل التي تُنتَهك بها من خلالها حقوق العمال الوافدين وفاقمها. خسر عشرات الآلاف من العمال الوافدين وظائفهم وظلوا عالقين في البلاد في ظروف مزرية. عاش الكثير منهم فترات الإغلاق الصارم في مساكن مزدحمة وغير صحية. بينما غادر الآلاف الإمارات بعد تعرضهم للفصل بإجراءات موجزة، عانى الكثيرون للعودة إلى بلدانهم الأصلية بسبب قيود السفر وتذاكر الطيران الباهظة، وأصبحوا غير قادرين على دفع الإيجار أو شراء الطعام. لم يتلقّ أيضا العديد من العمال الوافدين أجورهم على العمل الذي قاموا به قبل فصلهم من العمل. فرضت السلطات شروط إغلاق أكثر صرامة على عاملات المنازل، ومنعتهن من رؤية أي شخص خارج منزل صاحب العمل وحذرت أرباب عملهن من السماح لهن بمقابلة أي شخص بالخارج. بالنظر إلى أن قيام العديد من أصحاب العمل بحبس عاملات المنازل بالفعل في المنزل وإجبارهن على العمل بما فوق طاقتهن، جعلتهن هذه الظروف أكثر عرضة للانتهاكات، بما في ذلك زيادة ساعات العمل، وانعدام أيام الراحة، والإساءات البدنية واللفظية.
في مارس/آذار وأبريل/نيسان، دعت “هيومن رايتس ووتش” ومنظمات حقوقية دولية أخرى الحكومات إلى اتخاذ عدة خطوات لحماية العمال الوافدين بشكل مناسب من انتشار الفيروس، بما في ذلك في أماكن احتجاز وأماكن إقامة العمال الوافدين.
حقوق المرأة
التمييز على أساس الجنس والنوع الاجتماعي غير مدرج في تعريف التمييز في القانون الإماراتي لمكافحة التمييز لسنة 2015. تُميّز بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية ضد المرأة، منها أن على ولي أمرها إبرام عقد زواجها لكي تتزوج. للرجل الحق في تطليق زوجاته من جانب واحد، بينما يتوجب على المرأة التقدم بطلب للحصول على أمر قضائي بالطلاق. قد تخسر المرأة حقها في النفقة إذا رفضت مثلا إقامة علاقة جنسية مع زوجها دون عذر شرعي. في 2019، أدخلت السلطات تعديلات على قانون الأحوال الشخصية ألغت مادة كانت تُلزم المرأة بـ”طاعة” زوجها. في أغسطس/آب، أُدخلت تعديلات طفيفة أخرى غيرّت اللغة المستخدمة في تعديلات 2019 بشأن الالتزامات لتبدو أقل تمييزا بين الجنسين. إلا أن هذه التغييرات تزيل التمييز في القانون فحسب ولا تزال تسمح للقضاة بالتمييز ضد المرأة في الممارسة.
بعد التعديلات في 2016، لم يعد قانون العقوبات الإماراتي يسمح صراحة بالعنف الأسري. في 31 ديسمبر/كانون الأول، أصدرت السلطات قانون الحماية من العنف الأسري الذي دخل حيز التنفيذ في مارس/آذار. يحتوي القانون على أحكام إشكالية رغم إدراجه بعض الأحكام الإيجابية، مثل أوامر الحماية (أوامر تقييدية ضد المعتدين). يُعرّف القانون “العنف الأسري” بأنه “كل فعل أو قول أو إساءة أو إيذاء أو تهديد، يرتكبه أحد أفراد الأسرة ضد فرد آخر منها متجاوزا ما له من ولاية أو وصاية أو إعالة أو سلطة أو مسؤولية، وينتج عنه أذى أو ضرر جسدي أو نفسي” مما يشير إلى أن في إمكان السلطات أن تقرر إلى أي نقطة تجاوز أولياء الأمور من الذكور ما لهم من ولاية في تأديب زوجاتهم وأقاربهم وأطفالهم. يتطلب القانون أيضا أن تقترح النيابة العامة “الصلح” بين الضحية والمعتدي قبل متابعة أي دعوى جنائية.
في نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت الإمارات عن سلسلة من الإصلاحات القانونية، تشمل إلغاء تجريم شرب أو حيازة الكحول، ومحاولة الانتحار، وتسمح للأشخاص غير المتزوجين بالعيش معا، مما يعني أنه لم يعد بإمكان الرجال الاستفادة من عقوبات أخف لاعتدائهم على قريباتهم جرّاء ما يسمى بجرائم “الشرف”. ستسمح الإصلاحات، على النحو المُعلَن، للأزواج الذين تزوجوا خارج الإمارات باتباع قوانين بلدهم الأم أو البلد الذي تزوّجوا فيه في مسائل الطلاق والميراث.
التوجه الجنسي والهوية الجندرية
تُجرّم المادة 356 من قانون العقوبات الاتحادي، “جريمة هتك العرض”، دون أن تُعرّفها، وتنص على عقوبة بالسجن لمدة سنة واحدة على الأقل. تستخدم المحاكم الإماراتية هذه المادة لإدانة الأشخاص بسبب العلاقات المثلية وكذلك العلاقات بين الجنسين بالتراضي خارج الزواج. تتأثر النساء بشكل غير متناسب، حيث يُعتبر الحمل دليلا على ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، وقد تجد النساء اللواتي يبلغن عن الاغتصاب أنفسهن عرضة للملاحقة القضائية بتهمة ممارسة الجنس بالتراضي. يعاقب قانون العقوبات الإماراتي “كل رجل يتنكّر بزي امرأة أو دخل متنكرا مكانا خاصا بالنساء” بالسجن لمدة سنة، وبغرامة تصل إلى 10 آلاف درهم (2,723 دولارا أمريكيا)، أو كليهما. اعتُقِلت نساء متغيرات النوع الاجتماعي (ترانس) بموجب هذا القانون حتى في الأماكن المختلطة بين الجنسين.
لدى الإمارات قوانين تُجرّم العلاقات الجنسية المثلية، وقد تصل عقوبة “كل من يتصل بشخص آخر اتصالا جنسيا منافيا للطبيعة” في أبو ظبي إلى السجن 14 عاما. تُعاقب المادة 177 من قانون العقوبات في دبي “اللواط” بالتراضي بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.
الأطراف الدولية الرئيسية
في 13 أغسطس/آب، أعلنت الإمارات وإسرائيل أنهما اتفقتا على التطبيع الكامل للعلاقات، مما يمهد الطريق لتعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني وتكنولوجيا المراقبة، وأثار مخاوف من أنه قد يؤدي إلى زيادة القمع محليا وإقليميا.
رافق اتفاق السلام، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، تقارير عن بيع الولايات المتحدة طائرات مقاتلة من طراز “إف-35” (F-35) إلى الإمارات. إسرائيل هي الدولة الأخرى الوحيدة في الشرق الأوسط التي حصلت على طائرات إف-35.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=9596