منظمة حقوقية: الإصلاحات التي تعلنها الإمارات تجميلية بعيدة عن توفير إصلاحات شاملة

الرياض – خليج 24| أكدت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي أن الإصلاحات التي تعلنها دولة الإمارات العربية المتحدة تجميلية وهي بعيدة كل البعد عن توفير إصلاحات شاملة.

جاء ذلك في تقرير للمنظمة بعنوان “الإمارات العربية المتحدة: محاولة إدامة الهيكل الهرمي غير المستدام”.

وأعد التقرير لوركان أوينز المحلل والكاتب في مجال المخاطر السياسية.

ولفت أوينز إلى أن الإمارات أعلنت أواخر يناير الماضي عن خطط لتوفير خيار الحصول على الجنسية لعدد محدود من المغتربين.

وذكر أنه على الرغم من أن عملية الحصول على الجنسية الإماراتية هي عملية انتقائية، حيث ينبغي أن يكون للمرشحين للجنسية الإماراتية “مواهب استثنائية”.

إلا أن مجرد احتمال الحصول على الجنسية-بحسب أوينز- يعد شيئًا جديدًا.

ولفت إلى أن هذا يتبع سلسلة من الإصلاحات الأخيرة التي تهدف إلى جذب المستثمرين الغربيين بإطار انتقال الدولة لاقتصاد ما بعد النفط.

وأضاف أن “هذه الانتقائية تدل أيضًا على شيء آخر: الإصلاحات التي تقوم بها أبو ظبي لا تعدو عن كونها تجميلية”.

وأكد أوينز أنها “بعيدة كل البُعد عن توفير إصلاحات شاملة”.

فبدلًا من توفير العدالة للمجتمع الإماراتي-يضيف الكاتب- لا تفعل الدولة سوى إدامة عدم المساواة الكبيرة والقائمة على العرق.

وأردف “في حين أن الآثار الديموغرافية والسياسية لتوسيع المواطنة الإماراتية إلى مجموعة من الأثرياء والمؤثرين الغربيين لا تزال غير معروفة”.

إلا أنها ستغير بشكل أساسي الوضع الراهن المُتصور للمواطن الإماراتي الأصلي مقابل ديناميكية العامل الضيف بالنسبة لهذا الأخير، بحسب أوينز.

وبين أن عددا قليلا منهم يمكن أن يأمل في الحصول على حق دائم في المجتمع الإماراتي.

واعتبر أن الامر بدأ “بالإعلان المفاجئ في أغسطس 2020 أن الإمارات ستقيم علاقات دبلوماسية واقتصادية كاملة مع إسرائيل”.

ثم في نوفمبر/تشرين الثاني، قامت أبو ظبي بإلغاء مجموعة من القوانين التقييدية التي تُجرّم استهلاك الكحول وتحظر تعايش الأشخاص غير المتزوجين وتسمح بجرائم الشرف.

والآن، مع استعداد البلاد بالكامل لاستقبال الأجانب العلمانيين، يأتي قانون الجنسية الجديد، يقول أوينز.

وقال “هذه الإصلاحات مرحب بها بالطبع، لكنها بلا شك وسيلة لجذب الأثرياء الغربيين”.

غير أنها لا تفعل الكثير لتحسين ظروف ما يقرب من 70٪ من القوى العاملة في دولة الإمارات، وفق أوينز.

وكان يشير إلى المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة من آسيا وأفريقيا الذين يدعمون أسرهم في بلدانهم من خلال التحويلات المالية.

وأضاف “كثير منهم من المسلمين ولا يشربون الخمر، وسفرهم يعتمد على إذن من أرباب العمل، الذين يصادرون جوازات سفر العمال عند وصولهم إلى الإمارات”.

وأردف “يقبع هؤلاء الأشخاص في الدرجات السفلية من الهرم الاجتماعي الطبقي في دولة الإمارات”.

ويؤكد “يُعد قانون الجنسية الجديد دليلًا على أن الإمارات تنوي فقط تقسيم هذه المنظومة إلى طبقات أخرى”.

ولفت إلى أن “عملية التقديم بحد ذاتها هي محاكاة ساخرة للمجتمع الإماراتي فلا يوجد هناك تقديم”.

وأوضح أنه من أجل “التقدم” للحصول على الجنسية، يجب أن يتم ترشيح الوافدين “الموهوبين” من قبل أمير أبو مسؤول إماراتي.

مثل المستثمرين والفنانين ورجال الأعمال.

ثم تُعطي الحكومة قرارًا نهائيًا في الطلب.

باختصار، إذا كنت تريد أن تصبح إماراتيًا، فينبغي أن تكون لك حظوة عند الأشخاص في قمة الهرم.

ويرجع أوينز السبب الذي يجعل الأمراء والدواوين المحلية يمارسون مثل هذه السلطة هو سبب تاريخي.

ويذكر أن الإمارات العربية المتحدة في شكلها الحالي هي اتحاد مكون من سبع إمارات أو مشيخات مطلقة.

كانت الإمارات السبع، قبل استقلالها في عام 1971 (باستثناء رأس الخيمة، التي انضمت عام 1972)، تُدار بشكل جماعي.

وأوضح أن ذلك كان بهيكل فضفاض يُعرف باسم الإمارات المتصالحة تحت الحماية البريطانية.

وكانت كل إمارة مسؤولة إلى حد كبير عن الشؤون الداخلية.

وبعد الاستقلال أصبحت أبو ظبي التي هي أكبر الإمارات وأكثرها ثراءً من حيث احتياطيات النفط العاصمة الاتحادية للدولة.

وأوضح أنه منذ ذلك الحين، أصبح زعيم عائلة آل نهيان العائلة الحاكمة في أبو ظبي، رئيس الدولة.

ويشغل هذا المنصب حاليًا الحاكم الفعلي لإمارة أبو ظبي ولي العهد محمد بن زايد آل نهيان.

في حين تشغل عائلة آل مكتوم في دبي منصب رئيس وزراء دولة الإمارات، والشخص الذي يشغل هذا المنصب حاليًا هو محمد بن راشد آل مكتوم.

وأضاف “استخدمت الإمارات ثروتها النفطية الهائلة لبناء دولة حديثة بسرعة البرق، مع تعبيد الطرق وإنشاء المطارات والمدارس والمدن”.

وتابع “تسارعت وتيرة النمو بشكل كبير في تسعينيات القرن الماضي وما بعدها”.

وفي الوقت نفسه- يقول أوينز- أنشأت الإمارات دولة رفاهية سخية لمواطنيها تشمل إعانات للوقود من المهد إلى اللحد.

إضافة إلى التعليم المجاني من المستوى الثالث على الصعيدين المحلي والدولي، والقروض بدون فوائد وحتى “هدايا” الزفاف.

ويذكر أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا الطريق الجديد للحصول على الجنسية سيسمح للإماراتيين الجدد بالاستفادة من هذه المنظومة السخية.

وأوضح أن “90% من الإماراتيين يعملون في القطاع العام، والذي يكاد يقتصر على المواطنين”.

وأشار الكاتب إلى أنه بالنظر إلى أن الجنسية ستكون متاحة فقط لأصحاب المشاريع والعلماء ورجال الأعمال “الموهوبين”.

فمن غير المرجح أن يعتمد هؤلاء الإماراتيون الجدد على دولة الرفاهية، كما يذكر الكاتب.

ومع ذلك، بمجرد منح الجنسية يجب أن تستحق عائلاتهم هذه المزايا.

وتساءل “ماذا عن أطفالهم؟ ماذا عن الإماراتيين الأصليين في الإمارات الشمالية الأفقر مثل أم القيوين الذين قد يستاؤون من التحيز المتصور تجاه المواطنين مزدوجي الجنسية الميسورين؟.

وأكد أن كل هذا يتم بينما تسعى الدولة خلسة لإزالة الامتيازات التي اشترت من خلالها ولاء المواطنين الإماراتيين بشكل أساسي.

وتم ذلك عبر الشروع في حملة “التوطين”: فطام الإماراتيين عن دولة الرفاهية وتخصيص وظائف في القطاع الخاص للإماراتيين.

وذكر أنه “يمكن أن يكون لتكوين مجموعة جديدة من المواطنين تأثير تحويلي على توازن القوى الاقتصادية في الدولة”.

وأردف “كان لأعضاء النخبة الإماراتية تقليديًا الأدوار الأكثر تأثيرًا في أعمال الدولة”.

وقال الكاتب إن السماح للمواطنين الجدد بتأسيس أعمال تجارية على أساس المعايير الدولية للتنافسية وقوى السوق بدلًا من الواسطة سيؤدي حتمًا إلى زعزعة الوضع الراهن.

وأضاف “قد تجد القطاعات التي توجد بها احتكارات، مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية، والعلامات التجارية الإماراتية الراسخة مثل إعمار نفسها مضطرة إلى التنافس مع منافسين أكثر تفاؤلًا وطموحًا عالميًا”.

في مقابل ذلك-يضيف أوينز- سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيكون وضع الجنسية المزدوجة بالنسبة للغربيين.

وبين أن هؤلاء سيضطرون إلى التنازل عن حرياتهم المدنية والرضوخ للسياسات الإماراتية المحلية والخارجية.

وذكر على سبيل المثال، قد يكون للإماراتي الكندي وجهات نظر قوية بشأن قمع الصين لمسلمي الأويغور، أو الحرب في اليمن.

ككندي-يقول أوينز- يمكنه التحدث بصراحة عن آرائه حول هذه القضايا أو أي قضايا أخرى.

لكن كإماراتي، سيتعين عليه قبول موقف الإمارات بإذعان، أو يحتفظ برأيه لنفسه.

ثم هناك أيضًا مسألة المرأة الإماراتية، التي لا يحق لها نقل جنسيتها تلقائيًا إلى أطفالها.

ولفت إلى أنه يوجد في الدولة عدد من البدون والذين لا يزال وضعهم القانوني دون حل.

وذكر الكاتب أن البدون هم عرب عديمي الجنسية في منطقة الخليج ولم يتم الاعتراف بهم كمواطنين عندما أصبحت دول الخليج مستقلة.

وقدر عدد البدون في الدولة ما بين 20,000 إلى 100,000، مؤكدا أنهم يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية.

وبين أنهم على عكس المواطنين الإماراتيين، لا يمكنهم الحصول على رعاية صحية مجانية ولا يمكنهم السفر إلى الخارج.

فهم لا يحملون جنسية ولا جواز سفر، وهم مستبعدون من الحصول على الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها الإماراتيون الآخرون.

وأشار إلى “الترتيب الغريب” للبدون بحل مع دولة جزر القمر حيث دفعت لها مبالغ مالية مقابل منح البدون جنسيتها.

وبالتالي-يقول أوينز- يوجد الآن حوالي 40،000 شخص يحمل جنسية “جزر القمر” يقيمون في الإمارات.

وأكد أنه لا يوجد لهؤلاء الأشخاص أي روابط تاريخية بجزر القمر، فلم يعيشوا هناك ولا يعرفون شيئًا عن “وطنهم”.

وذكر أن التغييرات في سياسة الإمارات تؤدي إلى تعقيد هذه المظالم والتفاوتات التاريخية.

وأوضح انه من غير الواضح كيف تعتزم الإمارات الاستمرار في المزج بين الوضع الراهن للملكية الاستبدادية المطلقة والرأسمالية ونظام الكفالة الذي يتيح الاستغلال المنهجي لحقوق العمال.

واستعرض نظام الكفالة للمقيم أو المهاجر بصاحب العمل.

وذكر أنه على النقيض من العُرف الغربي الذي يمنح تصريح أو تأشيرة العمل.

لكنه لا يمكن للعمال في الإمارات العمل والإقامة في الدولة إلا إذا تم كفالتهم من قبل ربّ العمل.

وأضاف “تقع تكلفة تنظيم بطاقة الإقامة وتصريح العمل على عاتق صاحب العمل”.

ومع ذلك، فقد خلق هذا عقلية “الملكية” على العمال المهاجرين، بحسب أوينز.

ولفت إلى أنه لا يمكن للعمال المهاجرين تبديل وظائفهم لأن حقهم الكامل في الإقامة في الدولة مرتبط بصاحب العمل.

وأكد أن نظام الكفالة المنتشر في الخليج أدى إلى استغلال العمال من قبل أرباب عملهم.

ولذلك “لن يفيد أي من الإصلاحات الجذابة في الإمارات أولئك الخاضعين لنظام الكفالة، الذي يتجاهل الإماراتيون والمغتربون الغربيون مساوئه”.

وذكر أنه في الواقع، هؤلاء الغربيون الأثرياء قادرون فقط على الاستمتاع بفرص الإمارات على حساب العمال الذين يعملون بإخلاص ويلبون رغبات أولئك الأثرياء.

ولذلك “فتوقع أن يظل معظم المنتمين للقوى العاملة صامتين أمام التغاضي عن حقوقهم—بينما تُعزز حقوق الآخرين—ليس نموذجًا مستدامًا”.

وقال “لا يبدو أن دولة الإمارات، التي تفتخر بريادة الابتكار والتحديث والإصلاح في المنطقة، تشعر بالقلق في أن لا يكون لها الريادة بدعم حقوق العمال وكرامتهم”.

وأضاف “لو شعرت الإمارات بالحاجة إلى إصلاح قوانين الكفالة من أجل استرضاء الجهات الغربية، لكانت قد فعلت ذلك”.

ويبين أنه يمكن للغرب ويجب عليه ممارسة الضغط على الإمارات”.

لكن الغرب أظهر مرارًا وتكرارًا أن المال وليس الجانب الأخلاقي، هو صاحب الكلمة الأولى عندما يتعلق الأمر بالإمارات، والخليج عمومًا.

وأكد أن الحقيقة هي أن أبو ظبي لا تشعر بوجود أي حافز مالي لإصلاح قوانين العمل لديها.

وأضاف “يبدو أن الشركات الغربية والحكومات والسياح والمقيمين لا يبالون بآلاف الرجال الذين يكدحون في الحر الشديد على ناطحات السحاب في دبي”.

وأوضح أن هؤلاء يرتدون زيهم الأزرق في كل مكان ويعملون في خطر كبير في ظروف صحية وسلامة متدنية.

وذلك قبل أن يتم حشرهم في حافلات صغيرة وإعادتهم إلى مساكن جماعية مزدحمة أو معسكرات عمل.

وبين أن ذلك يتم بعيدًا عن نوادي الشاطئ وأماكن وجبات الإفطار الراقية.

ولفت إلى الخادمات اللواتي يرتدين الزي الوردي أو الأزرق، مثقلات بالأعباء في مراكز التسوق الإماراتية.

وتحاول الخادمات الإشراف على الأطفال المشاغبين والاستماع للمطالب اللانهائية لـ “سيداتهن.”

وأضاف “تعوّض الإمارات نبرات السخط النادرة من السفارات الغربية بالترويج لقشرة من التسامح ونمط حياة غربي ليبرالي”.

غير أنه أكد أنه يُحسب لها أنها بذلت جهودًا حقيقية وجديرة بالثناء لإنشاء دولة يتم فيها التسامح مع جميع الأديان.

لا سيما أنها تسعى إلى إقامة علاقة حميمة مع اليهود واليهودية بشكل عام.

وأوضح أن العديد من مواطني الدول العربية قاموا ببناء أعمال تجارية ناجحة للغاية في الإمارات.

وتساءل “هل سيستفيدون من فرصة تأسيس جذور دائمة أخيرًا في موطنهم الجديد، مع وجود مميزات إضافية لهم”.

وهذه متمثلة في التحدث بلغة البلد وفهم السياق الثقافي للبلد بشكل أفضل؟.

وتساءل أيضا “هل يمكنهم أن يأملوا في التقاعد في البلد الذي ساهموا فيه كثيرًا؟”.

غير أن أوينز أكد “تظل هذه الأسئلة بلا إجابة”.

لذلك، ربما يكون التهديد الأكبر في كون الشخص إماراتيًا أو حتى مقيمًا في الإمارات هو أكثر ما يهم الإمارات: المال.

تم تصميم هذه التغييرات في السياسة، سواء كانت في إلغاء قانون الشريعة للمغتربين أو إقامة علاقات مع إسرائيل أو استضافة إكسبو.

أو توسيع المواطنة بشكل بسيط، لجعل الإمارات بيئة أكثر ملائمة للأعمال والتجارة والسياحة والاقتصاد.

كل هذه التغييرات تحدث، بينما يتم ترسيخ السلطة بشكل أكبر بين عصبة صغيرة من الشيوخ ذوي الصلاحيات المطلقة.

مع عدم التسامح مع المعارضة ولا حرية التعبير ولا المساءلة البرلمانية ولا الإعلام الحر ولا إبداء رأي في كيفية حكم الاتحاد بالنسبة للغالبية العظمى من سكانه.

وهنا يأتي كعب أخيل في التناقض الصارخ في جهود دولة الإمارات.

ففي حين تقوم بتحرير اقتصادها وتشجع المؤثرين على التدفق على شواطئها، فهي تقمع الحقوق المدنية وتُظهر اتجاهات مقلقة بصورة تشبه القمع الصيني.

بمجرد أن تجف آبار النفط، سيتعين على الإمارات البدء في التوسع في الضرائب وجمع المزيد منها.

بدأت أبو ظبي منذ عام 2018 في فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5٪ على معظم السلع والخدمات.

كانت رسوم التعرفة موجودة منذ عدة سنوات في دبي وبدأت أخيرًا في شهر يناير/كانون الثاني، بعد عدة تأخيرات، في أبو ظبي.

تم إدخال الضرائب الانتقائية في عام 2017، وتم توسيعها في عام 2019.

في مرحلة ما في المستقبل القريب إلى المتوسط، سيتعين على الإمارات فرض ضرائب على الدخل.

الجدير بالذكر أنه تم مؤخراً الإعلان عن ضريبة الدخل لأصحاب الدخول المرتفعة في سلطنة عمان.

بمجرد أن يبدأ الناس في دفع ضرائب الدخل، سيرغبون في رؤية المساءلة.

من شأن ضرائب الدخل، بغض النظر عن مدى انخفاضها، أن تغير وضع دولة الإمارات بشكل دائم.

لا سيما بالنظر إلى ارتفاع تكلفة المعيشة المرتبطة بالفعل بالعيش هناك.

قد يطالب المواطنون، الأصليون والجدد، بمزيد من الشفافية في كيفية إنفاق أموالهم وكيفية حكم بلدهم.

وفي الوقت نفسه، ستبقى الغالبية العظمى من القوى العاملة مستبعدة تمامًا من المشاركة في الحياة المدنية للبلد التي تساهم فيها ضرائبهم.

قد يصاب المواطنون الجدد بالصدمة إذا بدأوا بالمطالبة بالمساءلة من النظام الإقطاعي للديكتاتورية في الإمارات تحت رداء المشيخات القبلية التشاورية.

في نهاية الأمر، إذا كان بإمكان حاكم دبي خطف وتعذيب واحتجاز ابنته الأميرة لطيفة لمجرد رغبتها في أن تعيش حياتها وفقًا لما تريد.

فما الذي يمكن أن يفعله هو أو قرناؤه الأمراء أو أحفاده بهؤلاء المواطنين الجدد الذين قد يسعون للحصول على نفس الحريات المدنية.

التي هي لديهم من المسلّمات في بلدانهم الأصلية؟.

قضية الشيخة لطيفة ليست جديدة، فقد اختُطفت عام 2018.

كما اختُطفت شقيقتها شمسة في كامبريدج عام 2000، ولم تظهر أو يُسمع عنها شيء منذ ذلك الحين.

تشير أدلة جديدة إلى أنه تم إسقاط التحقيق في اختطاف شمسة بهدوء في المملكة المتحدة.

وهذا دليل آخر على أنه إذا كان للإمارات أن تتغير، فينبغي أن يتم ذلك من الداخل، عندما يتم وقف العمل بالنموذج الحالي.

في غضون ذلك، بالنسبة لأولئك الذين يحافظون على استمرار المنظومة بأكملها.

لن يتأثر العمال المهاجرون بـ “الإصلاحات” الأخيرة المتعلقة باستهلاك الكحول أو الجنسية.

هذا الأمر مقصود، فهذه الإصلاحات ليست شاملة أو مستنيرة أو خيرية.

وتكشف بشكل أوضح التمييز بين المغترب والعامل المهاجر، وبين الأبيض والأسود.

وبين أولئك الذين لديهم جوازات سفر محترمة من أولئك الذين يمكن إخفاء جوازات سفرهم بسهولة في درج مغلق، خشية أن يقرر موظف متمرد المغادرة.

هناك تطبيع مقلق لهذا الهيكل شبه الإقطاعي للحياة في الإمارات.

يعرف الجميع في الإمارات مكانهم ومكانتهم في الحياة.

إن موقع الشخص في الهيكل الهرمي محدد سلفًا، وسيضمن من هم في السلطة بقاء الوضع الراهن طالما أن المجتمع—والغرب—يقبل به.

وبغض النظر عن ذلك، فإن النموذج الديموغرافي والاقتصادي والسياسي الذي تسعى الإمارات إلى تأسيسه هو ببساطة غير مستدام.

فبمجرد أن تنضب عروق دولة الرفاه، لن يرى مواطنوها أي مبرر لدعم النخبة التي تطالب بالطاعة المطلقة وتحرمهم من أن يكون لهم رأي في مستقبل وطنهم.

لا يمكن للنخبة الإماراتية أن تتوقع إغراء الغربيين بالتدفق إلى شواطئها الفخمة ظاهريًا.

مع احتمال بسيط للحصول على الجنسية في مرحلة ما من الغموض في المستقبل.

إذا كانت تتوقع من هؤلاء الأشخاص أن يساهموا ماليًا في دولة ليس لديهم رأي في حكمها.

لا يمكن أن نتوقع إذعانًا إلى أجل غير مسمى من العمال المهاجرين إذا كانوا سيشهدون نفاقًا صارخًا في الهيكل الهرمي الاجتماعي الذي أصبح الآن سياسة حكومية رسمية.

بينما يرون أن رواتبهم الضئيلة تُسلب عن طريق الضرائب، والأمر نفسه بالنسبة لحقوقهم وجوازات سفرهم.

تمكنت دولة الإمارات من استخدام التقسيم الطبقي الاجتماعي منذ عام 1971 بسبب ثروتها النفطية الهائلة.

لقد استخدمت هذه الثروة لشراء الولاء من مواطنيها، وإغراء الغربيين بأسلوب حياتها ووضعها المعفي من الضرائب.

وضاعفتها بالقمع الصامت لأولئك الذين يتحملون عبء بناء هذا النموذج غير المستدام بشكل كبير.

الإصلاحات الأخيرة في الإمارات هي مجرد تعديلات تجميلية تتجاهل التغييرات الحتمية التي سيتعين عليها مواجهتها في نهاية المطاف.

والتي ستشمل هيكلها السياسي برمته ونموذجها الاقتصادي وموقفها من حقوق الإنسان ورؤيتها للمستقبل.

الحلول واضحة: إقامة ملكية دستورية وإنشاء مجتمع ديمقراطي وإلغاء نظام الكفالة برمته وتكريس حقوق الإنسان في دستور جديد.

كل هذه الأشياء ستجعل دولة الإمارات مكانًا مستقرًا وشفافًا وجذابًا ومستدامًا يعيش فيه الجميع.

ولكن في الوقت الحالي على الأقل، ستستمر المسرحية.

ومع ذلك، فإن أولئك الذين يحكمون دولة الإمارات والذين يعتقدون أن نموذج الحكم الحالي يمكن أن يصمد أمام هذه التغييرات السريعة.

قد يحتاجون إلى البدء في التخطيط لنسخة بديلة وأكثر احتمالية للواقع.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.