منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD): التضخم العالمي يقترب من الاستقرار

أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) تقريرًا جديدًا يشير إلى أن معدلات التضخم في معظم الاقتصادات الكبرى ستعود إلى المستويات المستهدفة بحلول نهاية عام 2025، وهو تطور قد يساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي بعد سنوات من الضغوط التضخمية غير المسبوقة.

وتُعزى هذه التوقعات إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية، أبرزها السياسات النقدية الصارمة، حيث اعتمدت البنوك المركزية حول العالم، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، سياسات رفع أسعار الفائدة بشكل حاد لكبح جماح التضخم.

كذلك تحسن سلاسل الإمداد، فلقد عادت شبكات الإمداد العالمية إلى مستويات طبيعية بعد الاضطرابات الكبيرة التي تسببت فيها جائحة كوفيد-19 والصراعات الجيوسياسية.

أيضا استقرار أسعار الطاقة، حيث ساهمت الجهود الدولية في تنظيم أسواق الطاقة، إلى جانب التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة، في تقليل تقلبات أسعار الوقود.

وفي الولايات المتحدة، يتوقع التقرير أن يعود التضخم إلى المستوى المستهدف البالغ 2% خلال الأشهر القادمة، مدعومًا بتباطؤ في نمو الأسعار الاستهلاكية.

أما في أوروبا، ورغم التحديات التي تواجهها منطقة اليورو، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي، فإن التضخم يتجه نحو الاستقرار بفضل انخفاض أسعار المواد الغذائية والطاقة.

وتوقع التقرير تحسنًا كبيرًا في الأسواق الناشئة مثل الهند والبرازيل، حيث ساعدت السياسات المالية والنقدية المتوازنة على احتواء الضغوط التضخمية.

في الصين، ساهمت استراتيجية “النمو المستدام” في تقليل الاعتماد على التوسع الاقتصادي القائم على الديون، مما يدعم استقرار الأسعار.

ورغم التفاؤل، حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من عدة تحديات قد تؤثر على تحقيق هذه التوقعات:

التوترات الجيوسياسية: استمرار النزاعات مثل الحرب في أوكرانيا قد يؤدي إلى اضطرابات في أسواق الطاقة والغذاء.
ارتفاع أسعار الفائدة: بينما تساعد السياسات النقدية على كبح التضخم، فإنها تزيد من مخاطر الركود الاقتصادي في بعض الدول.

التغيرات المناخية: قد تؤدي الكوارث الطبيعية إلى تقلبات في أسعار السلع الأساسية، مثل الغذاء والطاقة.

الإجراءات المطلوبة لضمان الاستقرار

تعزيز التعاون الدولي، حيث دعت المنظمة الحكومات والمؤسسات المالية إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية والنقدية لضمان استدامة النمو وتقليل مخاطر التضخم المفرط.

التركيز على الاستثمارات المستدامة، حيث أشارت إلى أهمية توجيه الاستثمارات نحو البنية التحتية المستدامة والطاقة النظيفة لتحفيز النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

تخفيف آثار ارتفاع أسعار الفائدة، فقد أوصت الحكومات بتقديم دعم مالي للشركات الصغيرة والأسر المتأثرة بارتفاع تكلفة الاقتراض.

ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض التضخم إلى استقرار العملات العالمية، مع تقليل التذبذبات في أسعار الصرف.

ومع عودة التضخم إلى المستويات الطبيعية، قد تزداد شهية المستثمرين نحو الأسواق المالية، خاصة في الاقتصادات الناشئة التي تتمتع بإمكانات نمو كبيرة.

ويشير تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن الاقتصاد العالمي في طريقه للتعافي من موجة التضخم العالية التي شهدها في السنوات الأخيرة، ومع ذلك، يبقى تحقيق هذه التوقعات مرهونًا بتعاون الدول واستقرار الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية.

ومع استمرار العمل على تهدئة التضخم، تبرز فرص لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز رفاهية الأفراد والشركات على حد سواء. من الضروري أن تظل السياسات المالية والنقدية مرنة وموجهة نحو تحقيق توازن بين احتواء التضخم ودعم النشاط الاقتصادي.

ويمثل هذا التقرير دعوة للتفاؤل الحذر والاستعداد للتحديات القادمة، مع التركيز على البناء الاقتصادي المستدام والتعاون الدولي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.