أتاحت أسعار الطاقة المرتفعة في السنوات الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجي فرصًا كبيرة، ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي ثروة دول مجلس التعاون الخليجي من 2.7 تريليون دولار إلى 3.5 تريليون دولار بحلول عام 2026.
لقد خرجت هذه البلدان من حقبة هيمنت عليها الحرب العالمية على الإرهاب لكن بقي قوتها ونفوذها عبر اوبك بلس دون خدش.
وقد تصارعت هذه الدول لعقود مع حقيقة أن الجغرافيا السياسية هي التي تحرك مصالحها الاقتصادية؛ اما الآن يضع الكثيرون الاقتصاد في صدارة اولوياتهم الجيوسياسية.
بالرغم من ان الشرق الأوسط مازال منطقة مليئة بالتحديات، الا ان دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك الفرصة لإعادة تقديم نفسها للعالم كشركاء منتجين وليس فقط كأماكن لاستخراج الموارد أو مصادر لرأس المال.
جزء من استراتيجية هذه الدول هو تحقيق اهداف في الداخل مثل المشاريع الضخمة مثل نيوم في السعودية، وكأس العالم في قطر، وإنشاء مركز عصب للأعمال في الإمارات، وهذا امر يسمح لها بتمييز نفسها وجذب الاستثمارات والمواهب لها.
يتمثل الجزء الثاني من استراتيجية الدول الخليجية في نشر رأس المال في الخارج بطرق تنويع نقاط الاتصال الجغرافي الخاصة بها ومعايرتها مع خبراتها.
تستثمر الإمارات وقطر والسعودية والكويت بنشاط في عدد لا يحصى من المناطق تمتد من أمريكا اللاتينية إلى جنوب شرق آسيا والهند وأفريقيا.
قد يؤدي صعود الدول المتأرجحة جيوسياسيًا إلى تحقيق التوازن بين القوى العظمى والمساعدة في استقرار النظام العالمي.
ويمكن أن يكون صنع القرار القائم على المصلحة في هذه الدول مصدرًا للثبات في الأوقات غير المستقرة، أو قد يؤدي نفوذهم المكتشف حديثًا إلى زيادة عدم الاستقرار العالمي من خلال انخراط المزيد الاطراف في المعادلات الدولية وزيادة قدراتهم للتأثير عليها.
ولكن حتى لو لم يكن عالم اليوم متعدد الأقطاب بعد، فإن مجموعة صاعدة من البلدان تدرك أنها تستطيع تحديد مسار الأحداث العالمية.
تدرك تلك الدول المتأرجحة جيوسياسيًا أن قوتها قد تكون غير مستدامة أو حتى عابرة وهي مصممة على الاستفادة من نافذة الفرص الحالية.
يجب أن تأخذ القوى العظمى علما بهذه القوى، وكذلك يجب على الشركات متعددة الجنسيات، التي تجد نفسها بشكل متزايد في مرمى التقاطع الجيوسياسي.
تكافح هذه الشركات لتحليل الاتجاهات الكلية، والبحث عن مصادر ووجهات الاستثمار لتحقيق العوائد الأكثر فعالية على رؤوس أموالها، والبحث عن طرق لبناء المزيد من المرونة في سلاسل التوريد الخاصة بها.
هناك فرص كبيرة للشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها للاستثمار في الداخل، وللشركات الدولية للاستثمار في أمريكا حيث لا يزال الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر والأكثر ديناميكية وإنتاجية في العالم، وتدين هذه الشركات بالكثير من نجاحها للأمن وسيادة القانون والقوى العاملة المتعلمة الى الولايات المتحدة وشكل حكومتها.
العديد من هذه الشركات – وخاصة شركات التكنولوجيا وتلك المهمة لسلاسل التوريد العالمية – تدرك الآن أهميتها كأصحاب مصلحة في الأمن القومي في حد ذاتها، ولكن للارتقاء إلى مستوى هذه المناسبة، تحتاج الشركات أيضًا إلى إدراك أهمية الدول المتأرجحة جيوسياسيًا الآن وفي المستقبل.
إن تتبع الطريقة التي تتنقل بها الدول المتأرجحة في نظامنا العالمي الحالي سيمنح الشركات نقطة مرجعية جيدة لمعايرة أفعالها استجابةً لواشنطن وبكين (وبدرجة أقل، موسكو).
كما سيكشف عن أطروحات استثمارية جديدة ومثيرة للاهتمام، مثل صعود دول مجلس التعاون الخليجي كمصدر رئيسي لرأس المال الاستثماري في جميع أنحاء العالم، ويعطيهم نظرة ثاقبة بشأن كيفية قيام الشركات الأخرى بإعادة توجيه سلاسل التوريد الخاصة بها نحو البلدان التي يمكن أن تلعب أدوارًا متعددة في النزاعات الدولية.
يعد تحديد واغتنام الفرص في الجغرافيا السياسية العالمية ضرورة في البيئة الاقتصادية اليوم وستكون ميزة تنافسية مستدامة للشركات في المستقبل؛ حيث سيكون قادة الأعمال الأكثر فاعلية هم أولئك الذين يعملون بلا كلل لفهم كيف أن التغييرات في المشهد الجيوسياسي تخلق مخاطر جديدة وتوفر فرص عمل جديدة.
لسنوات، كانت الجغرافيا السياسية مهمة لصناعات معينة أكثر من غيرها والآن اصبحت الجغرافية السياسية مهمة للجميع بلا استثناء، وأفضل رهان للشركات التي تستيقظ للتو على هذا الواقع هو التعلم من تجارب واستراتيجيات هذه الدول المتأرجحة التي تعززت قوتها حديثًا.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=62633