أعلنت رابطة “ليف غولف” السعودية أنها ستندمج مع “رابطة لاعبي الغولف المحترفين” في الولايات المتحدة وبطولة “دي بي ورلد” في أوروبا، لتنهي أشهرًا من الدعاوى القضائية المرتبطة بالمشروع السعودي الممتد على عامين.
ويشكل الاتفاق تحولًا ملحوظًا في الأحداث، وتبرئةً من الناحية التجارية على الأقل لدخول الرياض المثير للجدل إلى عالم الغولف الاحترافي بحسب معهد واشنطن في دول الخليج.
أُنشئت رابطة “ليف غولف” بتمويل من “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي في إطار مشروع المملكة الطموح، “رؤية 2030″، لتنويع اقتصادها.
ومن خلال إطلاق الدوري والإعلان عن خطط لمضاعفة عدد ملاعب الغولف المحلية، سعت الرياض إلى الظهور كوجهة للغولف والسياحة ومكان أكثر جذبًا لمقار الشركات الإقليمية مقارنةً بمنافستها التجارية دبي.
وتعزيزًا لتنافسية الدوري، استثمر “صندوق الاستثمارات العامة” بكثافة في المواهب، فوظّف نجم “رابطة لاعبي الغولف المحترفين” السابق غريغ نورمان رئيسًا تنفيذيًا، ودفع المال لقاء انشقاق كبار لاعبي الرابطة، أمثال فيل ميكلسون وداستن جونسون وبروكس كوبكا وبرايسون ديشامبو وكاميرون سميث.
ولكن “ليف” تعرّضت منذ البداية للانتقادات على نطاق واسع باعتبارها “غسلًا رياضيًا”، أي محاولة مزعومة من الرياض لتطهير بعض انتهاكاتها لحقوق الإنسان، لا سيما الاغتيال الوحشي للصحافي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 داخل قنصلية المملكة في اسطنبول.
فعلى سبيل المثال، اتهم محلل قناة الغولف براندل شامبلي اللاعبين الذين ينضمون إلى الدوري بأخذ “الدية” والتواطؤ في إعادة تأهيل “ديكتاتور قاتل”، في إشارة إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه أمر بقتل خاشقجي.
لكن بالنسبة إلى الرياض، لطالما كانت “ليف” تهدف إلى تعزيز مواردها المالية وتنويع اقتصادها أكثر من تحسين صورتها.
كما أن التركيز الإعلامي المكثف على الدوري السعودي ألمح إلى ازدواجية المعايير لأن شراكات ومواقع دوري “دي بي” و”رابطة لاعبي الغولف المحترفين” مثيرة للجدل بالقدر نفسه ولكنها تعرضت لكمٍّ أقل من الانتقادات.
فقد سُمي مثلًا دوري “دي بي ورلد” حاليًا على اسم جهة راعية رئيسية في دبي، حيث فاز النجم روري ماكلروي ببطولة في كانون الثاني/يناير الماضي بدون إشارة تُذكر إلى سجل حقوق الإنسان في الإمارة.
ومن بين الحوادث الأخرى، ورد أن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أمر بالقبض على ابنته لطيفة في المياه الدولية عام 2018، وهو العام نفسه الذي قُتل فيه خاشقجي، قبل إعادتها وزجّها في السجن.
ولطالما أقامت “رابطة لاعبي الغولف المحترفين” بطولة في الصين، البلد الذي قالت وزارة الخارجية إنه يرتكب إبادة جماعية بحق سكانه الأويغور المسلمين. وقد لفتت وسائل إعلام مختلفة إلى هذه العلاقة الإشكالية، لكن التغطية الناقدة لأخبار “ليف” كانت أكثر ثباتًا وأعلى مستوى.
من المؤكد أن السعودية لا تزال دولة استبدادية تفرض قيودًا كبيرة على حرية التعبير.
لكن الأدلة تثبت أن سجلها في مجال حقوق الإنسان ليس أسوأ من سجل مناطق أخرى في الشرق الأوسط مثل مصر التي تتلقى مساعدات تفوق قيمتها المليار دولار سنويًا من الولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، يميل منتقدو “ليف” إلى التغاضي عن التحسينات السعودية الأخيرة في بعض القضايا، مثل منح المرأة حقوقًا جديدة، والتخفيف من القوانين التي تجرّم المثلية الجنسية، وقمع الترويج لأشكال الإسلام غير المتسامحة في الداخل والخارج.
بغض النظر عن قضايا حقوق الإنسان، يبقى الاتفاق غير المتوقع بين “ليف” و”رابطة لاعبي الغولف المحترفين” جيدًا لمحبي الغولف الذين قد يرون كبار اللاعبين المنشقين يتنافسون في فعاليات الرابطة مرة أخرى.
كما يشكل فوزًا كبيرًا لـ “صندوق الاستثمارات العامة” الذي خاض مجازفة كبيرة مع “ليف” حين طرحها بسعر أدنى من سعر السوق في محفظته المتوسعة.
ومن المرجح الآن أن يحصل الدوري السعودي على تغطية تلفزيونية أفضل من جانب الشبكة التلفزيونية الأمريكية وأن يحقق بعض الأرباح أيضًا.
والأهم من ذلك بالنسبة إلى الرياض (والمصالح الأمريكية ككل) هو أن الانفراج بين “ليف” والرابطة يمثل نجاحًا آخر في خطة المملكة لتنويع اقتصادها والحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري، وهو الهدف نفسه الذي دفع جهودها الأخيرة للسعي إلى التقارب مع إيران وتهدئة التوترات الخليجية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=63238