كشفت صحيفة التيليغراف البريطانية عن تحوّل تدريجي لبيع الكحول علنا في المملكة العربية السعودية بما في ذلك توسيع دائرة متاجر الخاصة ببيعها.
وذكرت الصحيفة أن السعودية تشهد تحولًا تدريجيًا لبيع الكحول، فبالإضافة إلى منفذ الرياض المتخصص لبيع الكحول للأجانب، امتلأت الفنادق الفخمة بالبارات التي تقدم البيرة الخالية من الكحول.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الخطوات تستهدف تسهيل عملية الانتقال الناعمة عند تغيير قانون المنع الخاص ببيع الكحول وذلك لأول مرة في بلاد الحرمين.
وبحسب الصحيفة تستعد السعودية لإطلاق خط رحلات بحرية فاخر خاص بها هذا الشتاء، مما يتيح للمسافرين فرصة استكشاف البحر الأحمر بأسلوب راقٍ. ومع ذلك، وبما يتماشى مع القيم السعودية، فإن هذه الرحلات ستتضمن شرطًا صارمًا: منع تام للكحول.
وأوضحت الصحيفة أنه بغض النظر عن عادات الشرب الشخصية، يُعتبر أن العديد من الناس يرون في الرحلات البحرية فرصة للاسترخاء والاستمتاع. ورغم أن مكتب الإحصاءات الوطنية لم يقم بقياس معدل استهلاك المشروبات على متن الرحلات البحرية، فقد حاول محللو الصناعة تقدير الأرقام: إذ زعم استطلاع أن المسافر العادي يستهلك حوالي 50 مشروبًا كحوليًا خلال رحلة بحرية نموذجية.
وعلى الرغم من أن الصناعة قد سعت لجذب العملاء بصفقات شاملة، إلا أنها اضطرت في بعض الأحيان إلى تقييد الأمور. ففي الشهر الماضي، أعلنت شركة “P&O Cruises” أنها ستمنع العملاء من جلب أي بيرة أو مشروبات روحية على متن السفينة (مقيدة إياهم بزجاجة نبيذ واحدة لكل شخص). وتقول الشركة إنها تريد تشجيع “الشرب المسؤول” على متن سفنها وستصادر أي مشروبات كحولية محظورة.
وقبل أشهر أوردت مجلة إيكونوميست بأن فتح متجر لبيع الكحول للدبلوماسيين الأجانب في المملكة ممطلع العام الجاري يعتقد بأنه مقدمة للسماح بالكحول في مواقع محددة، مثل المنتجعات الفاخرة في البحر الأحمر.
وأبرزت المجلة أنه حتى لو سمحت المملكة بتناول المشروبات الكحولية، فإن العديد من السعوديين سيستمرون في الامتناع عنه لأسباب دينية.
وعلى مدار سنوات مهد محمد بن سلمان لقرار بيع الخمور في بلاد الحرمين متجاوزًا كل النصوص الدينية والأعراف الاجتماعية.
فبعد أكثر من 7 عقود من منع الخمور في المملكة، حصل ما كان متوقّعًا، وسمح محمد بن سلمان ببيعها علانية في المملكة.
ولي العهد الذي دأب على كسر كل المحرمات والأعراف تدريجيًا، بدأ بالسماح لـ “الدبلوماسيين الاجانب” في خطوة أولى ستسمح بانتشاره الكامل.
ففي عام 1952 أصدر الملك عبد العزيز قرارًا بمنع دخول الخمور للمملكة بأي طرق حتى لغير المسلمين المقيمين فيها وتوعّد بعقوبات للمخالفين.
ورغم أن دوافع القرار كانت سياسية اجتماعية وليست دينية، بعد أن قتل ابنه مشاري وهو سكران نائب القنصل البريطاني في المملكة بالرصاص قبلها بعام.
وقد بقي القرار ساريًا مدعومًا بتوجّه الشعب المعتز بدينه، فضلًا عن مكانة المؤسسة الدينية وعلمائها الكبار الذين وضحوا الحكم الشرعي بلا لبس كالشيخ ابن عثيمين الذي أكّد بأن من يعطي رخصة لبيع الخمر في بلاد المسلمين فهو مستحل له، فلو رأى أنه حرام ما فعل هذا، ومن استحل الخمر فهو كافر.
بل إن الحكومة نفسها كانت تخصّص جوائز للمواطنين الذين يبلّغون عن متعاطي الخمور من الأجانب والمروجين لها.
فضلًا عن الدور الذي كانت تقوم به هيئة الأمر بالمعروف في ضبط وملاحقة مصانع الخمور أو بائعيها.
ولأعوام قليلة خلت كانت حيازة وشرب الخمور لغير المسلمين في المملكة جريمة يعاقب عليها القانون.
ففي 2015 تم اعتقال بريطاني بتهمة حيازة خمور منزلية الصنع وواجه عقوبة 360 جلدة.
وأعلنت بريطانيا انسحابها من اتفاق بقيمة 8.97 مليون دولار مع مصلحة السجون السعودية، ما أثار أزمة سياسية.
وفي 2017 قال محمد بن سلمان لوكالة Bloomberg: “في نيوم سيكون هناك قوانين مختلفة، وسنطبق ما نسبته 98% من المعايير المُطبقة في المدن المشابهة، ولكن لن نطبّق نسبة 2% المتبقية مثل المشروبات الكحولية، وإذا رغب الأجنبي بتناول المشروبات الكحولية، فيمكنه الذهاب لمصر أو الأردن”.
كانت هذه أولى تصريحاته والتي كذّبتها حقائق الواقع. إذ بدأت الماكنة الإعلامية بالحديث تدريجيًا عن الخمور وجدوى تحريمها وبيعها بالخفاء، وعن “الخمر المغشوش” وأضراره الصحية، وكأنها تدعو للبديل الأفضل وهو الخمر الأصلي، فيما كانت مجموعة MBC إحدى رافعي لواء هذه الحملة.
واستمرت الحكومة في ترغيب الناس بالخمور بتهيئة أجوائها الخاصة، بعد سماحها بفتح “البارات الحلال” والتي تسمح بتقديم ما يُسمّى بـ “الخمر الحلال” الذي يحوي على نسبة كحول 40%.
في هذه الاماكن…كل شيء يوحي لك أنك في بار حقيقي: الأجواء والتصاميم والكؤوس والزبائن، وربما المشروب كذلك.
وفي مارس 2022 رفض ولي العهد في لقائه مع مجلة أتلانتك التعليق على سؤال عن بيع الخمور في المملكة.
لتسرّب بعدها صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مقربين من مشروع مدينة نيوم صورة لمخطط منتجع سندالة في البحر الاحمر يظهر تقديم الخمور للزوار في تأكيد واضح على تخطيط النظام لتقديمه مستقبلًا.
وجاءت الخطوة التي كان يتوقّعها الجميع من ولي العهد، بعد كشف رويترز السماح بافتتاح أول متجر للخمور في المملكة يقدّم خدماته لـ”الدبلوماسيين الأجانب”.
هذه الخطوة ستسمح للمرة الأولى ببيع الخمور علانية في المملكة، ومع توجّهات النظام المعروفة ستصبح الخمور متاحة للجميع بلا استثناء.
ولم تنتظر الحكومة لتخمد عاصفة الانتقادات، بل أتبعتها بأخرى بعد نقل شبكة CNBC الأمريكية عن أحد مستشاري الديوان الملكي بأن إقرار بيع الخمور للدبلوماسيّين هو الخطوة الأولى للسماح ببيعه خارج السفارات الأجنبية، كجزء من حملة الحكومة الأوسع لتحرير المجتمع وجذب المزيد من السياح.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=67263