يتنقل الناس والبائعون في شوارع حماة بالقرب من عجلة المياه التاريخية الشهيرة “النواعير”، الواقعة على جسر فوق نهر العاصي في وسط المدينة السورية، بينما كان الكثيرون في دمشق يتطلعون إلى بداية جديدة مع العام الجديد، في أعقاب الإطاحة المفاجئة بنظام الرئيس بشار الأسد، كانت الأجواء أكثر هدوءاً وحذراً في بيروت حيث يعكس السكان أحلامهم المتواضعة لعام 2025، في ظل استمرار الأزمات المتعددة.
في العاصمة السورية دمشق، كانت الشوارع تغمرها أجواء من التفاؤل في اليوم الأخير من 2024، حيث عبر العديد من السوريين عن أملهم في أن يحمل العام الجديد وعداً بمستقبل أفضل، وبينما كان السوريون في دمشق يتطلعون إلى غدٍ جديد بعد سقوط نظام الأسد، بدا المزاج في بيروت أكثر حذراً، فقد استمر لبنان، الذي يعاني من أزمات اقتصادية وانقسامات سياسية منذ عام 2019، في معاناته من تداعيات الأزمات، على الرغم من وقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
تقول عبير حمصي، من دمشق: “أنا متفائلة بمستقبل سوريا، حيث نعيش في سلام وأمان، مع حرية التعبير وعودة الأمان إلى المجتمعات السورية التي كانت مفصولة بسبب الحرب”، وأضافت: “نتمنى العودة إلى ما كنا عليه سابقًا، حيث كان الجميع يحب بعضهم البعض ويحتفلون معاً دون حدود”.
في المقابل، حمل عبد الرحمن الحبّيب، القادم من دير الزور، آمالًا أخرى، حيث قال وهو يتجول في ساحة مرجة: “نأمل أن يتحسن وضعنا في العام الجديد، وأن يسود السلام في العالم العربي كله.”
في لبنان، جاء وقف إطلاق النار الذي وقع بين إسرائيل وحزب الله في وقت متأخر من العام ليعطي شعورًا مؤقتًا بالاستقرار، لكن هذا الهدوء لم يخفِ التحديات التي يعاني منها لبنان من انهيار اقتصادي وسياسي طويل الأمد.
في الوقت نفسه، كانت بعض العائلات تتجه إلى منتجع مزار في جبال لبنان للاستمتاع بالثلج في بداية السنة الجديدة، بينما كان آخرون مثل محمد محمد، الذي عاش تجربة النزوح، يعبرون عن أملهم في السلام رغم التحديات المتواصلة.
في غزة، التي شهدت صراعًا مروعًا بين حماس وإسرائيل، حيث أودى النزاع بحياة أكثر من 45,500 فلسطيني، كان التفاؤل شبه معدوم.
تقول نور أبو عبيد، إحدى النساء النازحات من شمال غزة: “كان عام 2024 أحد أسوأ الأعوام بالنسبة لجميع الفلسطينيين، كان عام الجوع والنزوح والمعاناة والازمات المتعددة”. وتضيف: “نحن لا نتوقع أي شيء جيد في 2025، بل نتوقع الأسوأ.”
إسماعيل صالح، الذي فقد منزله وموارده، عبر عن أمله في أن ينتهي الصراع في غزة في عام 2025 ليبدأ الفلسطينيون إعادة بناء حياتهم، وقال: “كان العام الماضي كله حربًا ودمارًا. منازلنا دمرت، وأشجارنا اختفت، ومواردنا ضاعت. نأمل أن نعيش مثل بقية شعوب العالم في أمن وسلام.”
في العراق، الذي عانى لسنوات من الصراعات الداخلية والإرهاب، كانت الآمال لعام 2025 تعتمد على استعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
ورغم الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة لتحسين الوضع الأمني وعودة الحياة إلى بعض المناطق التي عانت من دمار الحرب ضد تنظيم “داعش”، إلا أن العراق لا يزال يواجه تحديات كبيرة، وتقول لينا حسين، وهي موظفة حكومية في بغداد: “نأمل أن يكون العام الجديد فرصة لتوحيد الصفوف الوطنية وتحقيق التقدم في إعادة بناء البلاد، نريد عراقاً قوياً ومستقراً حيث يشعر الجميع بالأمان”.
ومع ذلك، تظل الانقسامات الطائفية والعرقية، وكذلك الوضع الاقتصادي الهش، من أبرز العقبات التي ستواجهها الحكومة العراقية في محاولة لتجاوز أزماتها.
أما في اليمن، الذي يعيش في ظل حرب مستمرة منذ عام 2015 بين الحكومة المعترف بها دولياً والمتمردين الحوثيين، فإن الوضع لا يبدو أكثر إشراقاً، رغم بعض المؤشرات على إمكانية إرساء هدنة طويلة الأمد بفضل الجهود الدولية، لا يزال المدنيون في معظم المناطق اليمنية يعانون من الجوع والمرض والنزوح. في تعز، يقول محمود صالح، أحد النازحين: “لقد عشنا في جحيم طوال سنوات الحرب، وكل عام يمر يشعرنا باليأس أكثر. نتمنى أن نجد في 2025 سلامًا حقيقيًا يعيد لنا حياتنا”.
إن مستقبل اليمن يظل غامضًا، مع تصاعد الحاجة للمساعدة الإنسانية وضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي النزاع ويعيد بناء الدولة.
وفي الوقت الذي يشهد فيه الشرق الأوسط تحولات جذرية، يبقى المستقبل غير واضح بالنسبة للعديد من شعوب المنطقة، في العديد من الدول العربية، مثل مصر والأردن، لا يزال المواطنون يتطلعون إلى التحسن الاقتصادي الذي قد يكون محكومًا بالتقلبات الإقليمية والدولية.
يقول أحمد عبد الله، خبير اقتصادي في القاهرة: “نعيش في فترة من الترقب والقلق بشأن ما ستؤول إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة. هناك أمل في أن تؤدي الإصلاحات الاقتصادية إلى تحسن الأوضاع، لكن الواقع يقول إن التحديات أكبر من ذلك”.
وفي ظل هذه الظروف، يظل مشهد المنطقة مفتوحًا على جميع الاحتمالات: إما صعود للسلام والاستقرار، أو استمرار في غياهب النزاع والتحديات التي تواجهها شعوب المنطقة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=69972