قالت خمسة مصادر مطلعة على محادثات داخلية إن مسؤولين سعوديين يطلعون الحلفاء وخبراء الصناعة على أن المملكة غير مستعدة لدعم سوق النفط من خلال خفض إضافي للإمدادات، ويمكنها التكيف مع فترة طويلة من الأسعار المنخفضة.
وبحسب وكالة رويترز يشير هذا التحول المحتمل في سياسة السعودية إلى احتمال توجهها نحو زيادة الإنتاج وتوسيع حصتها السوقية، وهو تغيير كبير بعد خمس سنوات من ضبط السوق عبر تخفيضات كبيرة في الإنتاج بصفتها زعيمة لتحالف “أوبك+”.
وقد ساهمت هذه التخفيضات في دعم الأسعار، ما عزز بدوره عائدات صادرات النفط التي تعتمد عليها العديد من الدول المنتجة للنفط.
وبحسب المصادر، فإن الرياض تشعر بالاستياء من تجاوز كل من كازاخستان والعراق لحصصهما المحددة ضمن “أوبك+”، وهو التحالف الذي يحدد أهداف الإنتاج للحفاظ على توازن العرض والطلب في السوق.
وبعد أن ضغطت الرياض في الأشهر الأخيرة على الدول الأعضاء للالتزام بهذه الأهداف وتعويض فائض الإنتاج، بدأت – بحسب مصادر من داخل “أوبك+” – في تغيير استراتيجيتها.
وقد دفعت السعودية لزيادة إنتاج “أوبك+” خلال شهر مايو بشكل أكبر مما كان مخططًا، وهي خطوة ساهمت في هبوط أسعار النفط إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات.
وتمثل الأسعار المنخفضة خبرًا سيئًا للدول التي تعتمد على صادرات النفط لتمويل ميزانياتها.
ورغم أن السعودية تتمتع بتكلفة إنتاج منخفضة جدًا، فإنها بحاجة إلى أسعار نفط مرتفعة لتمويل إنفاقها الحكومي. وعندما تنخفض الأسعار، تجد الدول المنتجة نفسها مضطرة لخفض نفقاتها.
وتبدو السعودية، بحسب ما نقلته المصادر، مستعدة لمواجهة هذا الوضع.
وقد أبلغ مسؤولون سعوديون خلال الأسابيع الماضية الحلفاء والمشاركين في السوق بأن المملكة يمكنها التكيف مع انخفاض الأسعار عبر زيادة الاقتراض وخفض النفقات، بحسب ما أفاد به خمسة مصادر.
وقال أحدهم: “السعوديون مستعدون للأسعار المنخفضة، وقد يضطرون إلى التراجع عن بعض المشاريع الكبرى”. ورفض جميع المصادر الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع.
وبحسب صندوق النقد الدولي، تحتاج السعودية إلى سعر نفط يفوق 90 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، وهو أعلى من باقي كبار المنتجين في “أوبك” مثل الإمارات.
ويرى محللون أن المملكة قد تضطر إلى تأجيل أو تقليص بعض المشاريع بسبب انخفاض الأسعار.
وقالت مصادر من داخل “أوبك+” إن التحالف، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاء مثل روسيا، قد يقرر تسريع زيادات الإنتاج مجددًا في يونيو.
وتقوم “أوبك+” حاليًا بخفض الإنتاج بأكثر من 5 ملايين برميل يوميًا – أي نحو 5% من المعروض العالمي – تساهم السعودية بنسبة تقارب 40% منها.
وأشارت مصادر مطلعة على التفكير الروسي والمحادثات مع الرياض إلى أن روسيا، ثاني أكبر مصدر في “أوبك+” بعد السعودية، على علم بخطط الرياض لزيادة الإنتاج بسرعة.
ووفقًا لهذين المصدرين، فإن روسيا تفضل الحفاظ على زيادات أبطأ في الإنتاج.
وتعد السعودية وروسيا القوتين الرئيستين في قيادة خفض الإنتاج داخل “أوبك+”.
ويبلغ سعر تعادل الميزانية الروسية نحو 70 دولارًا للبرميل، إلا أن الإنفاق الروسي في ازدياد بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقد ترى موسكو انخفاضًا إضافيًا في عائداتها، إذ يمكن أن تنخفض أسعار نفطها المخفّض والمفروض عليه عقوبات إلى أقل من 50 دولارًا للبرميل نتيجة زيادة إنتاج “أوبك+”، بحسب أحد المصدرين.
وتتنوع التفسيرات وراء التغير الظاهر في استراتيجية السعودية، من الرغبة في معاقبة الدول الأعضاء التي تجاوزت حصصها الإنتاجية، إلى السعي لاستعادة حصة سوقية بعد خسارتها لصالح منتجين من خارج “أوبك+” مثل الولايات المتحدة وغيانا.
كما أن زيادة الإنتاج قد تصب في مصلحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعا “أوبك” إلى رفع الإنتاج للمساعدة في خفض أسعار البنزين في الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن يزور ترامب السعودية في مايو، وقد يعرض على الرياض صفقة أسلحة واتفاقًا نوويًا. وقد قرر تحالف “أوبك+” مضاعفة زيادة الإنتاج المقررة إلى 411 ألف برميل يوميًا.
ومع ذلك، ما زال التحالف يواصل حجب أكثر من 5 ملايين برميل يوميًا، وهي تخفيضات يعتزم إنهاءها بحلول نهاية عام 2026.
وقال المحلل في بنك UBS، جيوفاني ستاونوفو: “ما زلنا نعتبر هذا تفكيكًا تدريجيًا ومدروسًا للتخفيضات، وليس معركة على الحصص السوقية”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71419