رفض واسع في مصر لطلب ترامب بالمرور الحر لقناة السويس

قوبل طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن تمر السفن الأمريكية في قناة السويس المصرية مجانًا برود فعل رافضة بشكل واسع في مصر، وذلك رغم عدم صدور أي ردّ رسمي من الحكومة المصرية.

وطلب علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، من ترامب أن “يُحسن التصرف” وقال له: “كفى هذا الهراء”. وكان من بين الذين قدموا ردودًا حادة شخصيات إعلامية مصرية بارزة، معروفة بتقديم برامج حوارية مؤيدة للحكومة.

وكان ترامب قال في منشور على موقع “تروث سوشيال” إنه ينبغي السماح للسفن الأمريكية “بالسفر مجانًا عبر قناتي بنما والسويس”. وقد قوبلت تعليقاته بأن “هاتين القناتين ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية” بازدراء شديد.

واقترحت لميس الحديدي، إحدى أبرز الصحافيات المؤيدات للحكومة في مصر، يوم الأحد، أن يذكّر شخص ما السيد ترامب بأن “قناة السويس افتتحت رسميا في عام 1869 عندما انتهت للتو الحرب الأهلية، وكان لا يزال المصريون يمتلكون العبيد وكان لديهم بالكاد خط سكة حديد يعمل”.

فيما قال أحمد موسى، وهو إعلامي مؤيد للدولة، إن تصريحات السيد ترامب تُعدّ “تجاوزًا خطيرًا”. وأضاف أن العلاقات الأمريكية المصرية تعود بالنفع على الطرفين، وأنه “لا يمكن لأي رئيس أمريكي التضحية بها”.

وقناة السويس رمزٌ وطنيٌّ في مصر، يُجسّد نجاحها في إزاحة الاستعمار البريطاني الذي كان يُسيطر على الممر المائي وإيراداته. وقد أصبح حفر القناة بالسخرة، والذي أسفر عن وفاة عشرات الآلاف من الفلاحين، جزءًا لا يتجزأ من تصوّر الكثير من المصريين لأمتهم.

وقد أثارت تعليقات الرئيس الأمريكي غضب المصريين العاديين أيضًا، حيث لاحظ العديد منهم موقف ترامب تجاه الشرق الأوسط بقلق متزايد.

قال سعيد عبد الحي، 57 عامًا، مدير مزرعة خضراوات عضوية في القاهرة: “لقد أثبت ترامب أنه طاغية أمريكي آخر لا يبالي بحياة العرب أو سيادتهم. من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نواجه جنونه كأمة ونثبت أننا لن نستسلم للأوامر أو نتنازل عن ثروتنا وكرامتنا بهذه السهولة”.

بينما أعرب محمود عامر، صاحب شركة سباكة، عن مخاوفه من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة المرتفعة بالفعل في مصر.

وقال: “لا تتخيلوا كم من المصريين، وخاصةً في قطاع البناء والمصانع، انقلبت حياتهم رأسًا على عقب بسبب تقلبات أسعار الاستيراد والرسوم الجمركية. ستسرّح المصانع عشرات العمال ريثما تصل قطع الغيار باهظة الثمن. على ترامب أن يدرك أن قراراته لا تؤثر على الأمريكيين فحسب، بل على العالم أجمع”.

وصرح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في خطاب ألقاه هذا الشهر أن الاقتصاد المصري المعتمد على الواردات عرضة للتغيرات في الأسواق العالمية.

في هذه الأثناء، غضب مصريون آخرون من موقف ترامب المؤيد بوضوح لإسرائيل بشأن الحرب في غزة ، والتي أودت بحياة أكثر من 52200 مدني فلسطيني منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأثارت مقترحات ترامب المتكررة بتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن قلق العديد من المصريين.

في خطاب ألقاه يوم الجمعة بمناسبة يوم تحرير سيناء، عندما أنهت إسرائيل احتلالها لشبه الجزيرة عام ١٩٨٢، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السيد ترامب إلى القيام “بدوره المأمول” في ضمان بقاء الفلسطينيين في وطنهم.

وقد حافظت مصر على هذا الموقف منذ أن جددت هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول دعوات إسرائيل للدول العربية المجاورة لاستقبال الشعب الفلسطيني.

ولكن خطاب ترامب لم يؤد إلا إلى زيادة التوتر مع مصر، التي تجري قواتها المسلحة حاليا مناورات عسكرية مشتركة مع الصين، ومن المتوقع أن تستمر حتى أوائل مايو/أيار.

وبدأت التدريبات في 19 أبريل/نيسان الماضي، وشهدت عرض العديد من المعدات العسكرية الصينية، بما في ذلك مقاتلات J-10C وناقلات Y-20 التي تعتبر منافسين أقوياء للنماذج الغربية الصنع التي تمتلكها مصر في أسطولها.

وقد أثار إطلاق التدريبات، وخاصة على خلفية ما وصفه مدبولي بـ “حرب تجارية شاملة” بين الصين والولايات المتحدة، قلقا واسع النطاق في واشنطن وتل أبيب من أن القاهرة تتطلع إلى قوى عالمية أخرى لملاحقة مصالحها.

وحذر مدبولي أيضا من أن انخفاض عائدات قناة السويس يعد أحد المخاوف الرئيسية في مصر، خاصة مع معاناة اقتصادها من مستويات قياسية من الديون، كما هو موضح في أحدث ميزانية للبلاد.

وقناة السويس، تُعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية في مصر، لكن حركة الملاحة فيها انخفضت بنحو النصف، وانخفضت إيراداتها بنسبة 61% منذ عام 2023. وجاء هذا الانخفاض الحاد في الإيرادات نتيجة التوتر في البحر الأحمر، حيث شنّ الحوثيون ، تضامنًا مع فلسطينيي غزة، هجمات على السفن العابرة.

ومنذ المراحل الأولى من الحرب الإسرائيلية على غزة، اضطرت شركات الشحن الدولية إلى تغيير مسار السفن حول أفريقيا، وهي رحلة أطول وأكثر تكلفة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.