كيف يكون حسن الظن بالله وما أثره على المسلم ؟

الرياض- خليج 24 | يعتبر حسن الظن بالله، من أجمل المعاني السامية ويعني توقع الجميل دائمًا من الله عز وجل.

فحسن الظن بالله من حسن العبادة لقول رسولنا الكريم في الحديث الذي يرويه أبو هريرة ضي الله عنه قال رسول الله “إن حسن الظن بالله تعالى من حسن العبادة” رواه أبو داود والترمذي.

علاوة على ذلك فإن من مميزات وفوائد حسن الظن بالله أن من أحسن ظنه بالله آتاه الله إياه.

فقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم “يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي» متفق عليه.

علاوة على ذلك فقد ورد في المسند عنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، إنْ ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله».

والمعنى: “أعاملُه على حسب ظنه بي، وأفعل به ما يتوقعه مني من خير أو شر”([1]).

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه  “والذي لا إله غيرُه ما أُعطي عبدٌ مؤمن شيئاً خيراً من حسن الظن بالله عز وجل،

والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنَّه؛ ذلك بأنَّ الخيرَ في يده» رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن.

قال سهل القطعي رحمه الله: رأيت مالك بن دينار رحمه الله في منامي، فقلت: يا أبا يحيى ليت شعري،

ماذا قدمت به على الله عز وجل؟ قال: قدمت بذنوب كثيرة، فمحاها عني حسن الظن بالله رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن.

مواطن حسن الظن بالله

ينبغي للمؤمن أن يحسن ظنه بالله في كل موطن وحال، فإنما نحن بالله، ولا حول ولا قوة لنا إلا به، ومن أشقى ممن وكله الله إلى نفسه؟ وأيُّ هلاكٍ ينتظره؟!

ويتأكد حسن الظن بالله في مواطن، منها:

حسن الظن بالله عند الموت

فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: «لا يموتَنَّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل» رواه مسلم.

ودخل واثِلَةُ بن الأسْقَع على أبي الأسود الجُرَشي في مرضه الذي مات فيه، فسلم عليه وجلس. فأخذ أبو الأسود يمين واثلة، فمسح بها على عينيه ووجهه، فقال له واثلة: واحدةٌ أسألك عنها.

قال: وما هي؟

قال: كيف ظنك بربك؟

فأومأ أبو الأسود برأسه، أي حسن.

فقال واثلة: أبشر؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء» رواه أحمد.

علاوة على ذلك فقد روى أنس رضي الله عنه  أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت، فقال: «كيف تَجِدُكَ»؟ قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله،

وإني أخاف ذنوبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمَنه مما يخاف» رواه الترمذي.

وفي كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا، قال حاتم بن سليمان: دخلنا على عبد العزيز بن سليمان وهو يجود بنفسه، فقلت: كيف تجدك؟

قال: أجدني أموت. فقال له بعض إخوانه: على أية حال رحمك الله؟ فبكى، ثم قال: ما نعول إلا على حسن الظن بالله. قال: فما خرجنا من عنده حتى مات.

عند الشدائد والكرب

فإنَّ الثلاثة الذين تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك لم يُكشف عنهم مابهم من كرب وضيق إلا بعدما أحسنوا الظن بربهم، قال تعالى: }لَقَدْ تَابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{ [التوبة/ 117-118]. وتأمل في قوله: }وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه{، فلما أحسنوا الظن بالله رزقهم الله إياه.

عند ضيق العيش

ففي جامع الترمذي، عن ابن مسعود  رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسَدَّ فاقتُه، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشِكُ الله له برزق عاجل أو آجل». وإنزالها بالله: أن توقن وتظن أن الله تعالى يفرِّجُ عنك ويزيلها.

عند غلبة الدَّين

علاوة على ذلك فقد ثبت في صحيح البخاري من قول الزبير بن العوام لابنه عبد الله رضي الله عنهما:

يا بني إن عجَزت عن شيء من ديني فاستعن عليه مولاي. قال عبد الله:

فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟. . قال: فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه.

عند الدعاء

علاوة على ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» رواه الترمذي.

فإذا دعوت الله -أيها المؤمن-فعظم الرغبة فيما عنده، وأحسن الظن به.

وإني لأدعو الله حتى كأنني   —    أرى بجميل الظن ما الله صانعُه

حسن الظن بالله عند التوبة

علاوة على ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم -فيما يحكي عن ربِّه عز وجل- قال: «أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي.

فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب.

ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي.

علاوة على ذلك قال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً فعلم أنَّ له ربَّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. اعمل ما شئت فقد غفرت لك» رواه مسلم.

أي: ما دمتَ أنَّك تذنب وتتوب فإني أتوب عليك ولو تكرر الذنب منك.

وإني لآتي الذنب أعرف قدره  — وأعلم أن الله يعفو ويغــفرُ

لئن عظَّم الناس الذنوب فإنها — وإن عظمت في رحمة الله تصغُرُ

علاوة على ذلك فقد قال أحمد بن أبي الحواري: وقفت بجانب أبي سليمان الداراني وهو لا يراني، فسمعته يناجي ربَّه ويقول:

“لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك، ولئن طالبتني بتوبتي لأطالبنك بسخائك، ولئن أدخلتني النار لأخبرنَّ أهلها أني أحبك”.

رواه البيهقي في شعب الإيمان.

المزيد:

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.