جولة ترامب الخليجية ترسم معالم شرق أوسط جديد وتهمّش نتنياهو

أحدثت جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الخليج هذا الأسبوع هزة دبلوماسية في الشرق الأوسط، عكست تحوّلًا لافتًا في أولويات واشنطن وتحالفاتها الإقليمية.

ووفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز، فإن الجولة التي شملت السعودية وقطر والإمارات لم تكن مجرد استعراض للاستثمارات والصفقات، بل أسّست لتحالف إقليمي جديد بقيادة سنّية، في وقت تتراجع فيه مكانة إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة التقليدية.

وكانت صورة ترامب وهو يصافح أحمد الشرع، الزعيم الإسلامي الجديد في سوريا، خلال زيارته إلى الرياض، الأكثر تعبيرًا عن العزلة التي يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

الشرع، الذي كانت واشنطن تضعه سابقًا على قائمة المطلوبين، وصفه ترامب بأنه “قائد حقيقي”، في مشهد اعتبرته رويترز رمزًا لتحول الموقف الأميركي من دعم إسرائيل إلى إعادة تموضع في الإقليم.

 

وخلال جولته التي استغرقت أربعة أيام، عقد ترامب سلسلة من الاتفاقيات في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة، بلغت قيمتها، وفقًا للبيت الأبيض، أكثر من تريليوني دولار، بينما قدرت رويترز إجمالي ما أُعلن عنه فعليًا بنحو 700 مليار دولار.

ومن أبرز هذه الصفقات، اتفاق تسليح ضخم مع السعودية بقيمة 142 مليار دولار، أثار مخاوف إسرائيلية من تراجع تفوقها العسكري في حال حصول الرياض على مقاتلات F-35 الأميركية.

 

ونقلت رويترز عن خمسة مصادر، ثلاثة إقليميين واثنين غربيين، أن الجولة تمثل رسالة واضحة لإسرائيل بأن الدعم الأميركي التقليدي غير المشروط لم يعد مضمونًا. وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى، إن إدارة ترامب تشعر “بإحباط بالغ” من نتنياهو، مضيفًا: “إنهم يتعاملون بمنطق الصفقة، ونتنياهو لا يقدم شيئًا بالمقابل”.

 

وتعود جذور التوتر إلى أبريل الماضي، عندما طلب نتنياهو من ترامب دعماً لتوجيه ضربات عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية، لكن واشنطن أبلغته قبل ساعات من لقائه أن الإدارة قررت بدء مسار دبلوماسي بديل. وبعد أسابيع، أعلن ترامب عن وقف لإطلاق النار في اليمن، وفتح قنوات تفاهم مع القيادة الإسلامية الجديدة في سوريا، متجاوزًا إسرائيل في معادلاته الإقليمية.

 

الجولة الخليجية جاءت أيضاً على خلفية تفاقم الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول حرب غزة. فعلى الرغم من دعوات ترامب المتكررة لوقف إطلاق النار وتحرير الأسرى، يرفض نتنياهو التهدئة، بل يوسّع العمليات العسكرية دون طرح رؤية لليوم التالي، وهو ما ساهم في سقوط أكثر من 52,900 قتيل فلسطيني حتى الآن، بحسب مصادر صحية محلية.

 

وفي ختام الجولة، شنّت إسرائيل هجومًا جديدًا على غزة، في خطوة اعتبرها مراقبون تعميقًا للفجوة مع إدارة ترامب. كما شكّل تعثّر مشروع ترامب لتوسيع اتفاقيات أبراهام إلى السعودية انتكاسة إضافية، إذ ربطت الرياض التطبيع بوقف الحرب والتوصل إلى حل الدولتين، وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة.

 

وتعزز هذه التحولات من موقع السعودية كقوة إقليمية تقود النظام الجديد في الشرق الأوسط، مستندة إلى أدوات النفوذ الاقتصادي والاستثماري، بدلًا من المواجهة العسكرية. وقال مصدر خليجي لـرويترز: “إيران كانت تقود المحور، الآن السعودية تفعل ذلك بأدوات جديدة”.

 

في السياق ذاته، استُقبل ترامب في قطر باحتفاء ملكي، وسط تنويه أميركي بدور الدوحة في ملف الأسرى في غزة. وقال الباحث الإسرائيلي يوئيل غوزانسكي: “كثير من الإسرائيليين لا يدركون مدى أهمية قطر بالنسبة للولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أن أكبر قاعدة أميركية في المنطقة تقع هناك.

 

في المقابل، بقيت حكومة نتنياهو صامتة إزاء هذه التحولات، بينما عبّرت المعارضة في إسرائيل عن قلق بالغ. وقال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت: “الشرق الأوسط يتغير أمام أعيننا، ونتنياهو غائب عن المشهد”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.