اعترف الجنرال الإيراني بهروز إصبتي في تصريح غير معتاد، بهزيمة استراتيجية كبيرة في سوريا، مخالفًا الموقف الرسمي للحكومة الإيرانية التي حاولت التقليل من أهمية سقوط حليفها بشار الأسد.
جاءت هذه التصريحات خلال خطاب علني ألقاه الجنرال إصبتي في مسجد بطهران، ما أثار صدمة كبيرة في الأوساط الإيرانية.
وفي الخطاب الذي تم نشره عبر وسائل الإعلام الإيرانية، قال الجنرال إصبتي: “لا أعتبر خسارة سوريا أمرًا يمكننا الافتخار به… لقد هُزمنا هزيمة قاسية”.
وأضاف أن العلاقة بين إيران وحكومة الأسد كانت متوترة قبل سقوطها، وأشار إلى أن الأسد رفض عدة طلبات إيرانية لفتح جبهة ضد إسرائيل من الأراضي السورية بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
وتطرق إصبتي أيضًا إلى دور روسيا، حليف إيران الرئيس، حيث اتهم موسكو بخداع طهران بشأن ضرباتها الجوية في سوريا، قائلًا إنها كانت تستهدف أراضي خالية بدلاً من المتمردين. كما اتهم روسيا بتعطيل أنظمة الرادار، ما سمح لإسرائيل بتنفيذ ضربات ضد مواقع إيرانية في سوريا.
ورغم الهزيمة، أكد إصبتي أن إيران ستسعى للبقاء فاعلة في سوريا عبر شبكاتها المحلية، موضحًا: “يمكننا تفعيل جميع الشبكات التي عملنا معها على مدار السنوات، وننشط على وسائل التواصل الاجتماعي ونشكل خلايا مقاومة”.
وأثار خطاب الجنرال إصبتي صدمة في إيران بسبب صراحته وموثوقيته في الأجهزة العسكرية الإيرانية، حيث يُعتبر إصبتي أحد القادة البارزين في القوات المسلحة الإيرانية، وكان قد أشرف على العمليات العسكرية الإيرانية في سوريا وتعاون مع مسؤولين سوريين وروس. وأثار المحلل الإيراني مهدي رحمتي تساؤلات حول أسباب اختيار إصبتي لهذا التصريح في منتدى عام، معتبرًا أن هذه المصارحة غير مألوفة في الخطاب الرسمي.
وأرجع الجنرال إصبتي سقوط النظام السوري إلى مجموعة من العوامل الداخلية مثل الفساد والقمع السياسي، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي في البلاد. وأضاف أن الأسد لم يستجب للتحذيرات بضرورة القيام بإصلاحات جذرية.
وعلى الرغم من تأكيد إصبتي إمكانية تشكيل خلايا مقاومة داخل سوريا، يبقى من غير الواضح مدى قدرة إيران على تنفيذ ذلك، خاصة في ظل المعارضة الشعبية السورية والتحديات الجغرافية الكبيرة،كما حذرت إسرائيل من أنها ستقضي على أي تحركات إيرانية جديدة داخل سوريا.
وبينما يدعو المرشد الأعلى علي خامنئي إلى استمرار “المقاومة”، أبدى مسؤولون آخرون في الحكومة الإيرانية، مثل الرئيس مسعود پزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقتشي، موقفًا أكثر مرونة تجاه الحكومة السورية الجديدة. هذا الانقسام يعكس التحديات التي تواجه القيادة الإيرانية في تحديد إستراتيجيتها المستقبلية في سوريا.
وفي محاولة لاحتواء الجدل بشأن الهزيمة في سوريا، بدأت الحكومة الإيرانية حملة للتواصل مع الشعب، حيث نظم كبار القادة العسكريين ندوات للإجابة على أسئلة الجمهور.
وخلال إحدى الجلسات، أجاب الجنرال إصبتي على أسئلة الحضور، حيث أشار إلى رد إيران على مقتل قائد حزب الله حسن نصر الله، موضحًا أن إيران نفذت ضربات صاروخية في الخريف الماضي.
ومع ذلك، أكد أن الظروف الحالية لا تسمح بشن هجوم جديد على إسرائيل أو القواعد الأمريكية، مشيرًا إلى أن الصواريخ الإيرانية التقليدية غير قادرة على اختراق الأنظمة الدفاعية الأمريكية المتطورة.
ورغم الاعتراف بهزيمة استراتيجية في سوريا، شدد الجنرال إصبتي على أن إيران وحلفاءها لا يزالون يمتلكون اليد العليا في المنطقة. لكن التحديات التي تواجهها طهران في سوريا تتزايد، مع استمرار الضغوط الدولية والإقليمية، ما يهدد استقرارها في المنطقة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70121