توجهات ترمب تهدد قانون أوباما بشأن التعامل مع إيران

قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهدد قانون سلفه باراك أوباما بشأن التعامل مع إيران.

وبحسب الصحيفة طلق الاستراتيجي ادوارد لوتواك على المبدأ التالي قانون أوباما: “يمكن لإيران ان تهاجم الجميع، ولكن لا يجوز لاحد مهاجمة إيران”. وقد كان الرئيس بايدن متحمسًا في التزامه بهذا القانون، بينما يطرح ترامب فكرة إلغائه.

ويبدأ ترامب عهده من منطلق أن أفعال وكلاء إيران هي في الواقع أفعال راعيهم وسيدهم، وقد كتب يوم الاثنين على منصة “تروث سوشيال”: “لا يجب أن ينخدع أحد! فالهجمات بالمئات التي ينفذها الحوثيون، هذه العصابات الإجرامية الحقيرة في اليمن الذين يمقتهم الشعب اليمني، كلها تنبع من إيران ويتم إنشاؤها من قبلها”.

والربط بين الطرفين في تغريدة ترمب لا يمكن إنكاره. إذ يمضي الرئيس في القول “إنهم (الإيرانيون) يوجهون كل حركة، ويزودونهم بالأسلحة، ويمولونهم بالأموال والمعدات العسكرية المتطورة، وحتى يمنحونهم ما يسمى بـ‘المعلومات الاستخباراتية’”.

تقوم السفن التجسسية الإيرانية بتوجيه استهداف الحوثيين، وهناك ممثل لفيلق القدس الإيراني في مجلس الجهاد الحوثي، ولهذا تعهد ترامب قائلًا: “كل طلقة يطلقها الحوثيون سيتم اعتبارها، من الآن فصاعدًا، وكأنها طلقة أطلقت بأسلحة وقيادة إيران، وسيتم تحميل إيران المسؤولية، وستعاني العواقب، وستكون تلك العواقب وخيمة!”.

يعد هذا تغييرًا في السياسة الأمريكية، فما الثمن الذي دفعته إيران على الإطلاق بسبب توفيرها العبوات الناسفة التي قتلت مئات الجنود الأمريكيين للميليشيات الشيعية في العراق؟ أو على الجوائز التي وضعتها على رؤوس الجنود الأمريكيين في أفغانستان؟.

حاول أوباما التقليل من أهمية عدوان إيران عبر وكلائها، بل منع اتخاذ إجراءات ضدها، سعيًا وراء اتفاقه النووي.

لقد كشف تحقيق أجرته صحيفة “بوليتيكو” عام 2017 كيف سمح أوباما لحزب الله بالإفلات من العقاب، مما أدى إلى تعطيل جهود إنفاذ القانون الأمريكية للإطاحة بعملية تهريب المخدرات الإرهابية التي تدر مليارات الدولارات.

نعم في عهد أوباما كان لا بد من استرضاء طهران. لقد افلتت إيران من العقاب خلال ولاية ترمب الأولى حتى بعد تنفيذها ضربة بطائرات مسيرة على منشآت النفط السعودية، مما أدى في 2019 إلى تعطيل نصف إنتاج النفط السعودي، واستخدمت طهران الحوثيين وقتها كغطاء.
وقد كان هناك سبب دائمًا لعدم مواجهة استراتيجية إيران في استخدام الوكلاء.

كان السبب بالنسبة لادارة بايدن هو “خفض التصعيد”، وحول مستشار الأمن القومي جيك سوليفان من ذلك شعارًا بعد أن غزت فرق الموت التابعة لحماس إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

سارع فريق بايدن في اليوم التالي للهجوم إلى النأي بإيران عن الهجوم، وأعلن أنه لا يوجد دليل على تورطها. كانت الرسالة الأميركية إلى إسرائيل واضحة: يمكنكم مطاردة الدمى، لكن ليس محركها الرئيسي.

في ذلك الوقت كما هو الحال الآن، تشير معظم التقارير إلى أن إيران كانت متورطة بشدة في التخطيط للهجوم المعقد، حتى لو فاجأها توقيته، لكن الجدل حول من كان يعرف تفاصيل الهجوم لم يكن هو النقطة الأساسية: لماذا تعتقد أن إيران تسلح وتمول وتدرب حماس؟ أليس لقتل أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين؟ أليس لإغراق “الشيطان الأصغر” في حرب؟.

وقد شنت الميليشيات الإيرانية في العراق وسوريا أكثر من 170 هجومًا على القواعد العسكرية الأمريكية، واحد هذه الهجمات، في يناير 2024، أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 40 بالقرب من الحدود السورية مع الأردن.

كما سُمح للحوثيين في اليمن بإرهاق البحرية الأمريكية، حيث هاجموا السفن الحربية الأمريكية 174 مرة، وأجبروا الشحن التجاري غير الروسي وغير الصيني على تغيير مساره حول جنوب إفريقيا، مما كلف المستهلكين الغربيين كثيرًا، واستهدفت الهجمات الانتقامية الأمريكية والإسرائيلية اليمن، وليس إيران.

وحتى عندما هاجمت إيران إسرائيل مرتين بشكل مباشر، التزم فريق بايدن بقانون أوباما، فقد طلب بايدن من إسرائيل في ابريل 2024 بـ “الاكتفاء بالنصر” – أي اعتراض الصواريخ الباليستية الإيرانية – بدلًا من الرد، وكان بايدن يعلم في أكتوبر 2024 أن إسرائيل سترد، لكنه حثها علنًا على عدم استهداف البرنامج النووي الإيراني أو منشآت النفط، حاميًا بذلك أصول إيران الأكثر قيمة.

في الثامن من نوفمبر، وجه المدعون الفيدراليون تهمًا إلى ثلاثة رجال فيما يتعلق بمخطط للحرس الثوري الإسلامي الإيراني لاغتيال ترامب، وأبدى الكثيرون دهشتهم من أن إيران قد تحاول مثل هذا الأمر.

لكن المرشد الأعلى علي خامنئي اعتاد الإفلات من العقاب، فقد ضمن قانون أوباما ألا تدفع إيران الثمن أبدًا لحربها على الولايات المتحدة وحلفائها، ناهيك عن الدمار الذي تسببت به في العراق وسوريا ولبنان وغزة والضفة الغربية واليمن.

وهناك بعض الأسباب التي قد تكون دفعت ترامب إلى اختراق هذه الواجهة الإيرانية.

أولًا: لم تؤدِ محاولات بايدن لمعاقبة الحوثيين وحدهم إلى كسر حصارهم للبحر الأحمر أو استعادة حرية الملاحة الأمريكية، التي يعتبرها ترامب مصلحة حيوية، فالجماعة التي شعارها “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، لا تمانع في زيادة بؤس الشعب اليمني. ولا المرشد الأعلى يريد انهاء هذا البؤس.

ثانيًا: ليس الاسترضاء على طريقة أوباما هو الطريقة الوحيدة للتفاوض.

إذا كان ترامب يسعى للحصول على تنازلات كبيرة من إيران في المحادثات النووية، فإنه يحتاج إلى “أقصى ضغط”، ولتحقيق ذلك، فرض عقوبات على إيران في شهرين أكثر مما فعل بايدن في أول عشرين شهرًا من رئاسته.

إن تحميل إيران مسؤولية أفعال وكلائها هو وسيلة أخرى لزيادة الضغط وكسب النفوذ.

والسؤال هو ما إذا كان ترامب سينفذ تهديده بمعاقبة إيران على هجمات الحوثيين، فإذا لم يفعل، ألن نكون امام مجرد اتباع لسياسة بايدن المناهضة للحوثيين، ولكن بشدة أكبر؟

وقد أعلن الحوثيون أنهم أطلقوا عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة على حاملة طائرات أمريكية ردًا على الضربات الأمريكية المستمرة في اليمن منذ 15 مارس، كما أطلقوا صواريخ باليستية عدة على إسرائيل منذ يوم الثلاثاء، بمعدل واحد أو اثنين يوميًا، وتم اعتراض جميعها، لكن قادة الجماعة يتعهدون بمواصلة إطلاق النار.

وبحسب الصحيفة يبدو أن الحوثيين وراعيتهم في طهران يعتقدون أنهم قادرون على اختبار ترامب.

وخلصت إلى أن أوباما وبايدن أدركا أن قيامهم بربط إيران بأفعال وكلائها سيعني ان عليهم القيام بشيء لمعالجة ما يجري، وكان هذا اس المنطق الذي شل افعالهما وتسبب في إفلات طهران من العقاب.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.