مستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي خلال العقد المقبل

بحلول عام 2035، ستكون تقنيات الذكاء الاصطناعي قد أثرت على جميع الصناعات تقريبًا وستصبح مدمجة بشكل وثيق في الحياة اليومية للبشر في معظم الدول ذات الدخل المتوسط والمرتفع، على غرار النمو الهائل الذي شهدته الهواتف الذكية قبل عقدين.

وقالت دراسة صادرة عن مركز ستراسفور للتحليلات الاستراتيجية، إنه رغم أن الذكاء الاصطناعي سيحدث ثورة في مختلف المجالات، سيظل البشر جزءًا أساسيًا من الابتكار والنشاط الاقتصادي، حيث سيظل الذكاء الاصطناعي عرضة للأخطاء ولن يصل إلى مستوى التفوق على الذكاء البشري.

وتوقعت الدراسة أن يصبح الذكاء الاصطناعي العام – وهو المرحلة التي تتفوق فيها أنظمة الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري في جميع المجالات – أمرًا شائعًا، ولكن ستتسارع وتيرة تطوير الروبوتات خلال العقد المقبل، وستصبح أكثر قدرة على التنقل بفضل التقدم المستمر في تكنولوجيا البطاريات والذكاء الاصطناعي، مما سيجعل الأنظمة المستقلة المدعومة بالذكاء الاصطناعي منتشرة ومعتمدة على نطاق واسع.

وستكون المنافسة الجيوسياسية على الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية البرمجية والعتادية الداعمة له شرسة، لكن من المرجح أن تحافظ الولايات المتحدة على تفوقها بفضل مزيج من الاستثمارات الضخمة، ورأس المال البشري، والطاقة الرخيصة.

وسيمكن التفوق في الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة من جني فوائد اقتصادية وعسكرية وغيرها، مما سيعزز من نجاح الشركات الأمريكية عالميًا في مواجهة نظيراتها الآسيوية والأوروبية، حيث ستطور شركات التكنولوجيا الأمريكية النماذج الأكثر تقدمًا في الذكاء الاصطناعي، بينما ستُبقي الولايات المتحدة القيود المفروضة على تبني هذه التقنيات في حدها الأدنى.

وستكون الصين أيضًا إحدى الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، رغم تأثرها في البداية بقيود التكنولوجيا الغربية، لكن بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحالي، ستتراجع قدرة الصين على استغلال الذكاء الاصطناعي خارج حدودها، ليس فقط بسبب صعوباتها الاقتصادية الداخلية، ولكن أيضًا نتيجة القيود الصارمة التي ستفرضها حكومتها الاستبدادية المتزايدة على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، مما سيحدّ من فعالية التطبيقات الصينية لهذه التكنولوجيا على المستوى الدولي.

وسيجبر الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد على تخفيف أو إبطاء نهجه التنظيمي الصارم تجاه الذكاء الاصطناعي، ولن يكون ذلك كافيًا لتمكين المطورين الأوروبيين من مجاراة منافسيهم الأمريكيين أو لجعل الشركات الأوروبية تتبنى الذكاء الاصطناعي بنفس سرعة نظيراتها الأمريكية، مما سيؤدي إلى تراجع القدرة التنافسية الاقتصادية والتكنولوجية لأوروبا، وسيفاقم من المشاعر المناهضة لشركات التكنولوجيا الأمريكية داخل القارة.

ورغم أن النمو في قطاع الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى خلق وظائف أكثر مما سيقضي عليه، إلا أن العقد المقبل سيشهد اضطرابات كبيرة في سوق العمل ضمن بعض المجتمعات، مما سيؤدي إلى تصاعد الشكوك تجاه الذكاء الاصطناعي، وفي كثير من الحالات، إلى اتساع الفجوة بين المستفيدين ماليًا من هذه التقنية وأولئك الذين لا يستفيدون منها.

وستكون ثورة سوق العمل التي يسببها الذكاء الاصطناعي مختلفة عن الاضطرابات السابقة، مثل أتمتة التصنيع في الغرب خلال القرن العشرين، في جانبين أساسيين. أولًا، سيؤثر الذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي على العمال ذوي الياقات البيضاء المتعلمين، إلى جانب العمال الأقل تعليمًا من ذوي الياقات الزرقاء، وثانيًا، لن يقتصر تأثيره على صناعات أو مناطق جغرافية محددة، بل سيمتد إلى جميع القطاعات، وسيؤدي ذلك إلى تحديات سياسية واجتماعية أكثر تعقيدًا أمام الحكومات أثناء محاولتها مساعدة العمال على التكيف مع ديناميكيات سوق العمل المتغيرة، من خلال برامج إعادة التدريب وشبكات الأمان الاجتماعي.

وسيؤدي الفشل في معالجة هذه التحديات إلى تصاعد المشاعر المناهضة للحكومات والرأسمالية بين العمال الساخطين، بالإضافة إلى تفاقم آفاق التوظيف للخريجين الجدد.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.