تفاقم الحرب في السودان بسبب الدعم العسكري من الإمارات وإيران

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن الحرب الأهلية المدمرة في السودان تغذي جزئيًا من خلال إمدادات سرية للأسلحة إلى كلا الجانبين من قبل دول أجنبية، بما في ذلك الذخائر والطائرات بدون طيار المقدمة من الإمارات العربية المتحدة وإيران.

ونشرت الصحيفة تقريرها استنادا إلى تقييمات سرية، وتقرير تموله وزارة الخارجية الأمريكية، وأدلة تم جمعها من أسلحة تم الاستيلاء عليها في السودان.

وبحسب الصحيفة سمح مسؤولون عسكريون سودانيون في مدينة أم درمان مؤخرًا لصحفيين بتفتيش طائرة بدون طيار قالوا إنها استُولي عليها من قوات الدعم السريع المتنافسة، إلى جانب الذخائر المخصصة للطائرة.

وقدم المسؤولون صورًا للصناديق التي استولوا عليها، بما في ذلك واحد يحمل علامة تشير إلى أن الذخائر صُنعت في صربيا وأرسلت إلى القيادة اللوجستية المشتركة للقوات المسلحة الإماراتية.

وتتوافق هذه الأدلة الظاهرة مع نتائج مرصد النزاع السوداني، وهو مجموعة تمولها وزارة الخارجية الأمريكية، حيث تتبعت الرحلات الجوية الإماراتية.

وقال المرصد إنه تتبع 32 رحلة بين يونيو 2023 ومايو 2024، وخلص “بدرجة يقين شبه مؤكدة” إلى أنها كانت عمليات نقل أسلحة من الإمارات إلى قوات الدعم السريع.

وقد نفت قوات الدعم السريع تلقيها دعمًا عسكريًا من الإمارات، كما رفض الدبلوماسيون الإماراتيون بشدة هذه الاتهامات عندما أُثيرت من قبل مسؤولين في الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام.

ومنذ نهاية العام الماضي، استخدم الجيش السوداني أيضًا طائرات مسلحة بدون طيار مقدمة سرًا من إيران، وفقًا لتقرير المرصد. وتتبعت المجموعة سبع رحلات بين إيران والسودان من ديسمبر حتى يوليو.

ووفقًا للتقرير، يُعتقد أن أربع من هذه الرحلات كانت عسكرية لأنها عادت إلى منطقة خاصة بالقوات الجوية الإيرانية في مطار بطهران. أما الرحلات الثلاث الأخرى فقد أطفأت أجهزة التتبع الخاصة بها عند هبوطها في إيران، مما يشير إلى احتمال حملها شحنات عسكرية.

في حين أن المسؤولين العسكريين السودانيين نفوا علنًا تلقيهم طائرات مسيرة من إيران، أكد مسؤول أمني سوداني أنهم تلقوا هذه الطائرات. لم يستجب المسؤولون الإيرانيون لطلبات التعليق.

وتأتي هذه الشحنات من الأسلحة من الإمارات وإيران إلى أطراف الصراع في السودان بعد أن تم الكشف عنها سابقًا، بما في ذلك تقرير من “نيويورك تايمز” حول دعم الإمارات لقوات الدعم السريع عبر قاعدة جوية في تشاد المجاورة. ومع ذلك، فإن بعض التفاصيل حول تكرار الرحلات الجوية وأنماطها وطبيعتها من الإمارات وإيران لم تُنشر من قبل.

واندلعت الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023 بعد شهور من التوترات المتصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي كانت تتقاسم السلطة في حكم البلاد. منذ ذلك الحين، نزح حوالي خمس السكان، ويهدد الجوع البلاد.

وقد توقفت محادثات السلام برعاية الولايات المتحدة، في الوقت الذي زودت فيه عدة دول في المنطقة الأطراف المتصارعة بدعم عسكري، مما يزيد من احتمالات انتشار الصراع إلى خارج حدود السودان وزعزعة استقرار جيرانه.

في ضوء هذه التطورات، فإن تورط الإمارات وإيران في السودان يعود إلى مخاوف استراتيجية تتعلق بموقع السودان على البحر الأحمر، وهو ممر حيوي لحوالي 12% من حركة الشحن العالمية.

ويعتبر موقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر عاملاً رئيسيًا في الاهتمام المتزايد من قبل دول مثل الإمارات وإيران ومصر والسعودية وتركيا وروسيا.

وكما أشار ألكسندر روندوس، مستشار كبير في مركز إفريقيا في معهد الولايات المتحدة للسلام، فإن “القرن الإفريقي أصبح ساحة لمصالح متنافسة من الخليج، الذين يمولون ويسلحون الوكلاء المحليين”. وأضاف: “من يسيطر على السودان يسيطر على البحر الأحمر”.

وتتعلق مصالح الإمارات في السودان، حسب دبلوماسيين ومحللين إقليميين، بمخاوف حول ممرات الشحن في البحر الأحمر، الحاسمة لتجارة الموانئ الإماراتية، وكذلك القلق من عودة الإسلاميين الذين ازدهروا في السودان في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

بالإضافة إلى ذلك، للإمارات مصالح واسعة في قطاعات الذهب والزراعة في السودان، ولها علاقات طويلة الأمد مع قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي.

وتعتبر الإمارات شريكًا مهمًا للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالتعاون العسكري والدبلوماسي في الشرق الأوسط. في الشهر الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تصنيف الإمارات كـ”شريك دفاعي رئيسي للولايات المتحدة”، ولم يذكر دعم الإمارات لقوات الدعم السريع.

وفي الوقت الذي رفض فيه دبلوماسيون إماراتيون هذه الاتهامات، وصف دبلوماسيان غربيان، رفضا الكشف عن هويتهما، النفي الإماراتي لتسليح قوات الدعم السريع بأنه سخيف وكوميدي.

وفقًا لتقرير مرصد النزاع السوداني، هبطت الرحلات الإماراتية بانتظام في مطار أمجرس في شمال شرق تشاد، بالقرب من الحدود الطويلة والمسامية مع السودان. وتقول الإمارات إن القاعدة في أمجرس هي مستشفى للمدنيين الجرحى، رغم أنها تبعد ساعات عن مخيمات اللاجئين السودانيين.

وأشار التقرير إلى أن بعض الطائرات المستخدمة في هذه الرحلات كانت مرتبطة سابقًا بعمليات تهريب الأسلحة. وقال جاستن لينش، مستشار في المرصد: “لا يوجد تفسير معقول لهذه الجسور الجوية سوى دعم الأسلحة لقوات الدعم السريع”.

وفي الوقت الذي تحصل فيه قوات الدعم السريع على دعم خارجي أكبر بكثير من الجيش السوداني، يقول الدبلوماسيون إن دعم الجيش السوداني، الذي يرتبط بتحالف طويل الأمد مع مصر، قد تقلص بعد أن وعدت الإمارات باستثمار 35 مليار دولار في مصر.

ردًا على ذلك، لجأ الجيش السوداني إلى إيران وروسيا. في أكتوبر، أعاد قادة الجيش السوداني تطبيع العلاقات مع طهران بعد ثماني سنوات من قطع العلاقات.

وبدأت الرحلات السرية من إيران إلى السودان تصل في ديسمبر، باستخدام طائرة كانت قد حددتها الحكومة الأمريكية سابقًا بأنها تُستخدم لنقل الأسلحة إلى مقاتلين سوريين مرتبطين بإيران، وفقًا لتقرير المرصد. وكانت أحدث رحلة في 23 يوليو.

يذكر التقرير أن هذه الرحلات الجوية، التي بدأت في ديسمبر 2023، تزامنت مع زيادة في الأسلحة الإيرانية التي تم التعرف عليها في ساحات المعارك، بما في ذلك طائرات مسيرة إيرانية الصنع من طراز “مهاجر-6” ومدافع وذخائر مدفعية إيرانية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.