تصاعد النفوذ التركي في سوريا هل سيحد من النفوذ الروسي والإيراني؟
حققت المعارضة السورية المسلحة في الأيام الأخيرة تقدماً عسكرياً كبيراً، مما منح تركيا، العضو في حلف الناتو، قوة متزايدة للحد من النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة.
ومع ذلك، فإن هذه المكاسب قد تثير موجة جديدة من عدم الاستقرار على الحدود الجنوبية لأنقرة.
ولطالما احتفظت تركيا بعلاقات وثيقة مع المتمردين السوريين، الذين تمكنوا من السيطرة على مدينة حماة يوم الخميس، بعد أن استولوا على مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، قبل أيام.
هذا التطور يمثل أكبر تحدٍ لنظام بشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران منذ سنوات.
وفي ظل انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا وانخراط إيران في مواجهة مع إسرائيل، يبدو أن تركيا في موقع أقوى للتأثير على مستقبل سوريا، كما يتيح هذا التقدم لأنقرة فرصة للضغط على الميليشيات الكردية التي تعتبرها تهديداً لأمنها القومي.
وتسعى تركيا لاستغلال هذا الزخم لتعزيز موقفها التفاوضي مع روسيا وإيران بشأن مستقبل سوريا، حيث تحث أنقرة نظام الأسد على المضي قدماً نحو حل سياسي للصراع. وفي الوقت نفسه، يمثل التقدم الميداني فرصة لأنقرة لتخفيف الضغط على حدودها الجنوبية، حيث يقطن أكثر من مليون لاجئ سوري في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون شمال البلاد.
ومع وجود أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في تركيا، تأمل الحكومة التركية أن يتمكن البعض منهم من العودة إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، ما قد يخفف من حدة الانتقادات الداخلية التي تواجهها.
ورغم المكاسب، فإن التقدم العسكري للمتمردين قد يُشعل موجة جديدة من العنف. فقد كثّفت روسيا والنظام السوري الغارات الجوية على حلب والمناطق الأخرى التي يسيطر عليها المتمردون، ما يهدد بتدفق موجات جديدة من اللاجئين إلى تركيا.
كما أن سيطرة هيئة تحرير الشام، التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، على الحملة العسكرية قد تزيد من الضغوط الدولية على أنقرة، خصوصاً أن تركيا حافظت على علاقات غير مباشرة مع الهيئة عبر أجهزتها الاستخباراتية.
ومع احتدام القتال، دعت الولايات المتحدة إلى وقف إطلاق النار يشمل جميع الأطراف، بما في ذلك هيئة تحرير الشام.
ويرى محللون أن تركيا قد تكون على علم مسبق بالهجوم الذي شنته الهيئة، نظراً لعلاقاتها الوثيقة مع المتمردين ووجودها العسكري في شمال سوريا.
ورغم نفي الحكومة التركية أي دور مباشر في الهجوم الأخير، فإن المحللين العسكريين يشيرون إلى أن تركيا قد استفادت من الروابط التي بنتها مع المعارضة المسلحة عبر السنوات الماضية.
وفي محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أهمية استقرار سوريا ومنعها من أن تصبح مصدراً جديداً لعدم الاستقرار. وتسعى أنقرة إلى اتفاق أوسع مع روسيا لتهدئة الأوضاع وتجنب موجة جديدة من التصعيد العسكري.
ويعزز التقدم الميداني للمتمردين دور تركيا كلاعب رئيسي في تحديد مستقبل سوريا، ومع ذلك، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن أنقرة من تحقيق أهدافها الاستراتيجية دون المخاطرة باستقرار حدودها أو الانخراط في صراعات أعمق؟
إن تطورات الأيام القادمة ستكشف عن قدرة تركيا على إدارة هذه المكاسب في سياق التوازن المعقد بين المصالح الدولية والإقليمية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=69499