تراجع المساعدات إلى غزة لأدنى مستوى في 11 شهرًا رغم إنذار الولايات المتحدة لإسرائيل

أظهرت الأرقام الرسمية الإسرائيلية أن كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ ديسمبر الماضي، رغم إنذار الولايات المتحدة الذي صدر قبل شهر، والذي هدد بفرض عقوبات إذا لم يتم زيادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وتم تقديم الإنذار في 13 أكتوبر، ومن المتوقع أن ينتهي يوم الثلاثاء أو الأربعاء. ورغم ذلك، لم يتضح بعد ما هي الإجراءات التي ستتخذها الولايات المتحدة بسبب عدم استجابة إسرائيل لمطالبها، لكن هناك احتمالية أن تشمل هذه الإجراءات توقفًا مؤقتًا عن تزويد إسرائيل ببعض الذخائر أو المساعدات العسكرية.

حتى الآن، تم إدخال 8,805 أطنان من المساعدات الغذائية عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية إلى غزة هذا الشهر.

وفي خطوة تبدو كتنازل في اللحظة الأخيرة، أعلنت السلطات الإسرائيلية يوم الاثنين عن تمديد “المنطقة الإنسانية” المعينة، مما يتيح للأشخاص الذين تم تهجيرهم الانتقال بعيدًا عن السواحل مع اقتراب فصل الشتاء، لكن إسرائيل تجاهلت معظم المطالب التي وردت في رسالة مشتركة من وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين.

ويصف المسؤولون عن المساعدات في غزة الوضع بأنه “مروع”، حيث إن أكثر من 80% من سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة قد تم تهجيرهم، ودُمرت أو تضررت أكثر من ثلثي المباني خلال 13 شهرًا من الحرب.

وقال أحد مسؤولي الأمم المتحدة: “لا يدخل أي شيء تقريبًا. الأسواق الصغيرة التي ظهرت قد اختفت، هناك قليل من الدقيق، وبعض سائل غسل الأطباق… كيلو الطماطم يكلف حوالي 20 دولارًا. حتى لو كان لديك المال، لا يوجد ما يمكنك شراؤه، الجميع يعاني من الجوع مرة أخرى”.

وفرضت إسرائيل حصارًا كاملًا على غزة في الأسابيع الأولى من الحرب، قبل أن تخفف القيود تدريجيًا تحت الضغط الدولي، وبلغت ذروتها في مايو عندما تم إدخال 117,000 طن من المواد الغذائية عبر أكثر من 6,000 شاحنة.

ومع ذلك، تظهر الإحصاءات الصادرة عن السلطة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق المساعدات الإنسانية أن 25,155 طنًا فقط من المساعدات الغذائية دخلت غزة في أكتوبر، وهو أقل مستوى منذ ديسمبر 2023.

في أكتوبر، سمحت السلطات الإسرائيلية بعبور 57 شاحنة يوميًا إلى غزة، وهو ما يعد بعيدًا عن 350 شاحنة يوميًا التي طالبت بها الولايات المتحدة و600 شاحنة التي تحتاجها وكالات المساعدات لتلبية الاحتياجات الأساسية.

وتواجه وكالات المساعدات أيضًا نقصًا في السائقين والمعدات اللازمة للتواصل والملابس الواقية، فمنذ مايو، تم منح 10% فقط من أكثر من 300 طلب قدمته وكالات الأمم المتحدة للحصول على تصاريح للسائقين.

والعملية مع السلطات العسكرية الإسرائيلية تتطلب تنسيقًا طويلًا وصعبًا، وغالبًا ما تُرفض الطلبات، في أكتوبر، منعت السلطات الإسرائيلية 58% من تحركات المساعدات، وفقًا لوكالات المساعدات.

وأدى استمرار الهجمات الإسرائيلية وانعدام القانون إلى نهب منهجي لما يقرب من ثلث جميع المساعدات التي تم إدخالها إلى غزة، حيث يتم الاستيلاء على بعض المساعدات، لكن معظمها يُسرق بواسطة عصابات إجرامية لإعادة البيع. كما تم إيقاف قوافل تجارية خاصة.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد طالبت بزيادة المساعدات، إلا أنها لم تتخذ خطوات فعالة لفرض طلباتها.

الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن إسرائيل حققت بعض التقدم من خلال فتح معبر جديد إلى وسط غزة، لكن يجب عليها أن تفعل المزيد، مضيفا: “ليس كافيًا فتح طرق جديدة إذا لم يتم تمرير المزيد من المساعدات الإنسانية عبر هذه الطرق”.

وتتمثل الأزمة الأكثر حدة في شمال غزة، حيث كانت مدن جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا تحت حصار لمدة شهر، وتقول القوات الإسرائيلية إنها تقوم بتطهير المنطقة من مقاتلي حماس الذين أعادوا تنظيم صفوفهم في المنطقة.

ويخشى العديد من الفلسطينيين أن تهدف إسرائيل إلى تقليل عدد السكان في الشمال على المدى الطويل.

وأصدر خبراء في الأمن الغذائي العالمي تحذيرات من “احتمالية قوية بحدوث مجاعة” في مناطق شمال غزة، بينما تنفي السلطات الإسرائيلية وجود خطر المجاعة، مشيرة إلى أن التوقعات السابقة كانت غير دقيقة وتعتمد على بيانات جزئية.

وتستمر معاناة سكان غزة في ظل تراجع المساعدات الإنسانية، وسط حرب تواصل فيها الأوضاع الإنسانية تدهورها، ويتطلب الوضع الحالي جهودًا دولية أكبر لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين، في ظل القيود والتحديات التي تفرضها الظروف السياسية والأمنية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.