تحقيق: شركة لعضو بالعائلة الحاكمة بالإمارات “تقضم” حقوق مئات الموظفين

 

أبو ظبي- خليج24|أزاح تحقيق استقصائي الستار عن تعسف شركة تعود ملكيتها للعائلة الحاكمة في الامارات، بحقوق مئات الموظفين عقب تسريحهم وتصفية الشركة.

وأفاد موقع “بروكسل تايمز” البلجيكي: “بعد 3 سنوات من تصفية شركة كومودور للمقاولات العملاقة بأبو ظبي عام 2017، ما يزال حوالي 300 من موظفيها السابقين دون عمل”.

وذكر أن العمال الموظفين من جنسيات مختلفة “أغلبهم من الهند”، قدموا إلى الإمارات لنيل فرص عمل.

ويحاول هؤلاء العمال استحصال رواتبهم واستحقاقات نهاية الخدمة من الشركة التي تعود ملكيتها للعائلة الحاكمة في الإمارات.

غير أن تحقيق أجرته مؤسسة “إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان” قال: “خلال عملهم في شركة كومودور، تم إيواء 5 آلاف عامل بمعسكر تم بناؤه من العائلة الحاكمة بالإمارات لهذا الغرض”.

وذكر أنه “إلى جانب 600 موظف تقني آخرين، منهم مهندسون وكهربائيون وعاملون في مجال الموارد البشرية، عاشوا إما في المجتمع الإماراتي أو خارجه”.

وبعد توقف الشركة عن العمل، قضى حكم قضائي بإلزام إدارة الشركة بدفع مستحقات لسكان هذا المعسكر في نهاية عام 2018.

جاء ذلك بعد أن اشترى الشيخ طحنون آل نهيان حصة اثنين من مالكي الشركة.

وحاول الحصول على قرض من بنك الفجيرة الوطني بقيمة 200 مليون درهم إماراتي ليتمكن من تأجير الأرض التي تم بناء المعسكر عليها لشركات أخرى.

ومع ذلك، استمر نحو 300 عامل تقني ممن كانوا يعيشون خارج المعسكر في الانتظار.

لكن حين لم تلتزم الشركة بتطبيق حكم المحكمة، رفعوا تظلماتهم إلى وزارة العمل ضد الشركة التابعة للعائلة الحاكمة بالإمارات. وفق التحقيق.

ومنذ إغلاق الشركة في أغسطس 2017، كافح “بيجو بوشبانجاثان” (38عامًا) والذي عَمِل رسامًا كهربائيًا لشركة “كومودور” لـ 12 عامًا، لإجبار الإدارة على تسديد راتبه غير المدفوع لما يقارب 6 أشهر.

لكن تم منحه 22% فقط من مستحقاته حتى تاريخ هذا التقرير.

وقال “بوشبانجاثان” لإمباكت في مقابلة إن “هذا لا يعد شيئًا! لقد عملت بجد وإخلاص حتى الأيام الأخيرة للشركة، لكن لا أحد يتحمل مسؤولية دفع راتبي المتأخر”.

وأضاف: “حاول الموظفين التواصل من رئيس مجلس إدارة الشركة مباشرةً، لكن كان الأمر ميؤوسًا منه. لذلك، ذهبنا إلى وزارة العمل”.

بعد فترة طويلة، مُنحنا مبلغًا صغيرًا، لكننا ما زلنا ننتظر المبلغ المتبقي، في حين أن وضعي المالي سيء للغاية. أنا حقًا أعاني.”

وأسس شركة كومودور للمقاولات (ذ.م.م) في عام 1980 ثلاثة شركاء: الشيخ “طحنون بن سعيد بن شخبوط آل نهيان”، والذي يمتلك حصة بقيمة 51%، و”أحمد الحسيني”، والذي يمتلك حصة بقيمة 34%، وشركة Commodore Contracting Co. Offshore، التي تمتلك حصة بقيمة 15%.

وكان “الحسيني”، وهو لبناني الجنسية، وسيطًا معروفًا في بيع الأسلحة، حيث اتّهمته النيابة العامة الألمانية بالاحتيال، وفرّ لاحقًا من الإمارات العربية المتحدة. فيما يوصف “آل نهيان”، وهو شقيق ولي العهد ومستشار الأمن القومي حاليًا، بأنه “أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في الإمارات”.

ووصفت صحيفة “فايننشال تايمز” صعود “آل نهيان” خلال العقد الماضي بأنه “يلخص العلاقة بين السلطة والأعمال التجارية والمصالح الاستراتيجية الوطنية في دول الخليج.

كما يقدم لمحة عن جوهر الملكية المطلقة في أبو ظبي، حيث تهيمن الأسرة الحاكمة ومجموعة من المساعدين الموثوق بهم على الأمن والقطاعات الاقتصادية الهامة، مما يطمس الخطوط الفاصلة بين المشاريع الحكومية والخاصة”.

واشترى آل نهيان حصتي “الحسيني” وشركة Commodore Contracting Co. Offshore، ثم تمّت تصفية الشركة بسبب تراكم الديون. وفي الأشهر الأخيرة من عملها، لم تدفع الإدارة رواتب موظفيها.

وبعد رفع العمال الدعوى، تم التعهد بمبلغ 48 مليون درهمًا إماراتيًا من حساب التصفية كتعويض للموظفين السابقين.

ومع ذلك، فقد أفاد جميع العمال الذين أجرت إمباكت الدولية مقابلات معهم أنهم لم يتلقوا رواتبهم بالكامل بعد.

وحصلت إمباكت الدولية على قائمة تحتوي على تفاصيل 129 موظفًا هنديًا في شركة كومودور ممن لجأوا إلى المحكمة وتلقوا وعودًا بالتسوية.

فيما تلقّى 14 منهم فقط المبالغ كاملة، ولم يتقاضى 47 شخصًا أي مبلغ على الإطلاق، بينما تلقّى البقية مبالغ جزئية.

وبالرغم من أن المحكمة قضت بدفع مبالغ تصل لـ 392,000 درهما إماراتيًا (نحو 106,718 دولارًا أمريكيًا) لبعض العمال، لم يتلق أي منهم أكثر من درهم إماراتي 49,000 (13,339 دولارًا أمريكيًا) من الشركة.

وبينما يبقى الموظفين يبحثون عن فرص عمل أخرى في البلاد، يستسلم العديد من العاملين ويعودون إلى بلدانهم الأصلية؛ ومعظمهم من الهند، ومنهم من باكستان، وسوريا، وبنغلادش.

وقال “م. ج”، 46 عامًا، الذي عمل في الشركة لمدة سبع سنوات: “بعدما فقدت الأمل في الحصول على مستحقاتي، عدت إلى الهند خالي الوفاض”

واستطرد: “اليوم، لا أحد يعمل في عائلتي، ولدي عمل يومي فقط بأجرٍ زهيد لا يكفي حتى لشراء الخبز”.

وأضاف: “أحيانا أقترض المال من أصدقائي وأخبرهم أنني أنتظر تلقّي تعويضاتي من الشركة التي عملت فيها مسبقًا. لم يعودوا يصدّقوا من قدرتي على سداد ديوني لهم. حتى أنا لا أصدق نفسي!”.

وقال موظف بريطاني فضّل عدم ذكر اسمه لأنه ما يزال يعمل في دولة الإمارات، أنه عمل لدى شركة كومودور لعدة سنوات. ومع ذلك، عندما تمت تصفية الشركة، لم يتلق سوى نسبة صغيرة جدًا من تعويضاته.

وقال لـ إمباكت: “أعرف مئات العمال الذين لم يتلقوا مستحقاتهم”.

وأضاف “حصلت على جزء صغير منها وما زلت لا أستطيع الحصول على الباقي، لكن معظم العمال لم يحصلوا على شيء”.

وتابع: “أعمل اليوم في شركة أخرى، لكن العديد من العمال الآسيويين معرضون للخطر وليس لديهم أي فرص عمل بديلة”.

وأكمل: “وعاد عدد كبير منهم إلى أوطانهم مع ديون متراكمة بدلاً من حصولهم على المال الكافي لتغطية نفقات أسرهم.”

وقال أحد الموظفين لـ إمباكت (فضل عدم ذكر اسمه): “كانت مجموعة الكومودور كبيرة جدًا، لكنهم يزعمون أنهم لا يملكون المال لدفع مستحقاتنا.

وأضاف: “ويدّعون أنهم قاموا بتصفية الشركة مع عدم وجود أصول ثابتة باستثناء عدد قليل من المركبات والمواد، ولكن هل يعقل ذلك؟”

ولجأ عديد العمال إلى تويتر للحديث عن القضية والمطالبة بمستحقاتهم.

فغرّد أحدهم قائلًا “عُدت إلى وطني دون الحصول على أي من حقوقي … وحدها التسوية أملي في البقاء على قيد الحياة.”

وكتب آخر “عدنا إلى الهند دون الحصول على مستحقاتنا من شركة كومودور للمقاولات مثل العديد من الناس في الإمارات. الرجاء مساعدتنا في الحصول على مستحقاتنا.”

وغرّد آخر “نحن أكثر من 300 موظف نكافح للحصول رواتبنا ومستحقاتنا التي لم نتقاضاها منذ 3 سنوات. نعيش حاليًا أزمة مالية كبيرة، الرجاء مساعدتنا.”

عواقب تصفية شركة كومودور الإماراتية لم تقتصر على حقوق الموظفين.

بل طالت أيضًا الشركات المتعاقدة معها من الباطن والتي لم تتلقى أجورها.

وقضت المحكمة في 21 فبراير 2018 بأنه على إدارة شركة كومودور دفع مبلغ 492 مليون درهم إماراتي مستحقة عليها مقابل الأجهزة الكهربائية التي اشترتها قبل ذلك بعامين.

بالإضافة إلى أتعاب المحكمة والمحاماة التي يدفعها المقاولون من الباطن الذين يحاولون تعويض خسائرهم.

وغرَدت زوجة أحد المقاولين من الباطن على تويتر قائلة: “زوجي في السجن بسبب شركة الكومودور التي يملكها سمو الشيخ طحنون بن سعيد بن شخبوط آل نهيان الذي خدعنا”.

وقالت: “وكان هناك حكم من محكمة أبو ظبي لكنه لم يقبله. لا أحد يساعدنا. نحن عاجزون تمامًا ونريد العدالة.”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.