رأت مجلة فورين افيرز الأميركية أن تأثيرات سياسية واسعة لحرب إسرائيل في قطاع غزة المستمرة للشهر الثاني على التوالي نتجت على المملكة العربية السعودية.
وقالت المجلة إن حرب غزة أوقفت بشكل مفاجئ الزخم الذي كان قائما نحو توقيع صفقة توسّطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل والسعودية.
كان الاتفاق الإسرائيلي السعودي سيحطم حاجزاً تاريخياً، من خلال تطبيع العلاقات بين البلدين، ووضع السعودية بشكل أكثر ثباتاً تحت مظلة التحالف الأمني الأمريكي، والحصول على التزامات إسرائيلية بشأن القضية الفلسطينية.
وادعت المجلة أن الخوف من تقارب إسرائيلي سعودي كان أحد الدوافع الرئيسية لهجوم حماس في السابع من أكتوبر.
تترك الحرب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، المعروف أيضًا باسم MBS، في وضع صعب، على الأقل على المدى القصير.
فهو يتوق إلى الاستقرار الإقليمي، وهو الأمر الذي يجعل من السهل بالنسبة له متابعة هدفه بتنويع اقتصاد السعودية والحد من اعتماد الرياض على صادرات النفط ويهدد العنف المروع وخطر التصعيد الأوسع تقدمه في هذا المجال.
يواجه محمد بن سلمان الآن ضغوطًا تنافسية في الداخل والخارج، حيث يطالب قادة الولايات المتحدة وأوروبا السعودية بأن تلعب دورًا رياديًا في غزة ما بعد حماس.
وتحث الجماعات الإقليمية والمحلية الرياض على دعم الفلسطينيين بشكل أكثر فعالية في ساعة الحاجة هذه، غير أن من المرجح أن يخيب أمل الجانبين في صراع الجذب الحالي من أجل الحصول على موافقة الرياض.
لا تملك السعودية القدرة أو الرغبة في وضع جنود في غزة ما بعد الحرب أو تمويل إعادة إعمار القطاع بشكل كبير.
كما أنها لم تظهر أي استعداد لاستخدام الأدوات المتاحة لها، مثل قدرتها على خفض إنتاج النفط أو صادراتها النفطية للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة.
ولم تختف الحوافز التي دفعت السعودية للنظر في الاعتراف بإسرائيل على الرغم من أن الاتفاق الإسرائيلي السعودي لم يعد على الطاولة الآن، حيث يمكن لمحمد بن سلمان تحقيق أهدافه الاقتصادية الطموحة التي وضعها للسعودية شريطة وجود منطقة شرق أوسط مستقرة تقيم روابط وثيقة مع الولايات المتحدة.
هذه هي الأجندة ذات المدى الطويل التي ستشكل مسار عمله في النزاع الحالي.
خطوة واحدة إلى الأمام، خطوتين إلى الوراء
قبل هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل، خطت إدارة بايدن خطوات ملحوظة في جهودها للتوسط من اجل نيل الاعتراف السعودي بإسرائيل.
كانت هناك عقبات كبيرة في طريق التوصل إلى اتفاق، وتتمثل في المصالح المتباينة للأطراف الثلاثة المساهمة فيه.
إذ كان السعوديون يطالبون بتحركات إسرائيلية ملموسة لتحسين الآفاق السياسية للسلطة الفلسطينية، من خلال فتح الباب أمام إمكانية إجراء مفاوضات نحو حل الدولتين على الاقل، وهي خطوة من غير المرجح ان تقوم بها الحكومة الاسرائيلية، نظراً للتكوين اليميني المتطرف للحكومة الإسرائيلية.
كما كانت مطالب الرياض من الولايات المتحدة أيضًا بعيدة المنال، بما في ذلك ضمان أمني رسمي والمساعدة في بناء بنية تحتية نووية مدنية سعودية دون الضمانات التي طلبتها واشنطن من الشركاء السابقين.
بالرغم هاتين الحقيقتين كانت هناك شعور بالتقدم في الأجواء، فقبل أقل من ثلاثة أسابيع من هجوم حماس، قال محمد بن سلمان لشبكة فوكس نيوز الاميركية: “كل يوم نقترب أكثر” من التطبيع في المفاوضات القائمة.
ربما كان الأمر كذلك، لكن القضية الفلسطينية كانت ستشكل عائقاً دائما.
على الرغم من تراجع المحرمات في دول الخليج ضد العلاقات مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، إلا أن الجماهير العربية لا تزال تهتم بالقضية الفلسطينية، ولهذا السبب يتعين على الزعماء العرب أن يبدوا وكأنهم يفعلون نفس الشيء على الأقل.
وحتى قبل اندلاع الحرب، أشارت السعودية إلى أنه سيتعين على إسرائيل أن تفعل شيئًا جوهريًا بشأن القضية الفلسطينية كشرط أساسي للتطبيع، وفي أغسطس/آب عينت المملكة أول سفير لها لدى الفلسطينيين.
بينما كانت المناقشات مع إسرائيل تتواصل، وهي لفتة فسرها الكثيرون على أنها دليل على التزام الرياض بالضغط من أجل الحصول على ضمانات إسرائيلية نيابة عن الفلسطينيين.
كانت إسرائيل ستحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لتحقيق التقدم في محادثاتها مع الرياض بالمقارنة مع ما فعلته في الفترة التي سبقت اتفاقيات إبراهيم، وهي سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والبحرين والمغرب والسودان والإمارات في الفترة 2020-2021.
وافقت إسرائيل، كجزء من التنازلات التي قدمتها بموجب هذه الصفقات، على التخلي عن الخطط التي طرحتها لضم 30% من الضفة الغربية وتوسيع سيادتها على الأراضي التي تحتلها حاليًا، وهي خطوة كان من شأنها أن تقضي فعليًا على احتمال التوصل إلى حل الدولتين.
إن مثل هذه الخطوات المتواضعة لن تكون كافية بعد الآن.
زادت الخسائر الفادحة التي ألحقها الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة بالمدنيين الفلسطينيين من أهمية هذا الرهان، وطالما ظلت إسرائيل منشغلة بغزة، وما دام الرأي العام العربي داعم للفلسطينيين، فإن الصفقة الإسرائيلية السعودية لن تكون مطروحة على طاولة الحوار.
إن مجرد استعداد السعودية للنظر في صفقة مع إسرائيل يعكس تحولاً أوسع في سياستها الخارجية.
عندما وصل محمد بن سلمان إلى السلطة مع صعود والده إلى العرش في عام 2015، وضع ولي العهد السعودي البلاد على مسار طموح للتغيير الاقتصادي وبدأ في إلقاء ثقل الرياض في المنطقة، غالبًا بهدف مواجهة منافستها اللدودة إيران.
قام MBS بشن حرب بالتحالف مع الإمارات لدحر حركة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، وبتنظيم حصار على قطر بسبب دعمها للجماعات الإسلامية السنية، بما في ذلك حماس.
وعندما زار سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني آنذاك، الرياض في عام 2017، أجبره محمد بن سلمان على الاستقالة من منصبه، على أمل أن تؤدي الأزمة السياسية في لبنان إلى الإضرار بحزب الله، حليف إيران في هذا البلد (ألغى الحريري استقالته بعد عودته إلى بلاده).
وصعّد محمد بن سلمان من خطابه تجاه طهران وقال: “لن ننتظر حتى تكون المعركة في السعودية”، مدعياً أن إيران تسعى للسيطرة على الأماكن المقدسة الإسلامية في بلاده، وقال “بدلًا من ذلك سنعمل على أن تكون المعركة في إيران وليس في السعودية”.
وعلى الأخص بالنسبة للأمريكيين، فقد أمر في عام 2018 بقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، المقيم في الولايات المتحدة، خلال زيارة خاشقجي للقنصلية السعودية في إسطنبول.
وقد أدى الموقف الدولي العدواني لمحمد بن سلمان إلى نتائج عكسية في نواحٍ عديدة، حيث فشل في إلحاق الضرر بأعدائه مع تنفير المؤيدين الدوليين له، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي وعد عندما كان مرشحًا رئاسيًا في عام 2020 بجعل الرياض “منبوذة” على المستوى الدولي.
في أعقاب رد الفعل العنيف هذا، غيرت الرياض في السنوات القليلة الماضية نهجها الإقليمي، مؤكدة على الحوار والسعي إلى الاستقرار.
لقد استمر وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن لأكثر من عام ونصف، وانتهت المقاطعة التي قادتها السعودية لقطر في أوائل عام 2021، والأهم من ذلك، تواصلت السعودية مع الصين للتوسط في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران هذا العام، وقد تم كل هذا باسم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقه محمد بن سلمان (رؤية 2030) والذي يهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على صادرات النفط.
شددت الرياض، خلال مرحلة التغيير هذه، على ضرورة الاستقرار الإقليمي لتعزيز الاستثمار الأجنبي والتكامل الإقليمي والتنمية الاقتصادية التي تطمح إليها، وفي هذا السياق، بدأت الوساطة الأمريكية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
تبددت آمال السعودية في تحقيق الاستقرار الإقليمي في سعيها إلى تحقيق التنمية الاقتصادية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
لا تكن الرياض الكثير من الحب لحماس، التي خلقت الأزمة، وكان السعوديون يخشون ويعارضون المكاسب السياسية التي حققتها الجماعات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس وأماكن أخرى خلال الربيع العربي.
لكن السعودية لا يمكن ان تقبل ان ينظر لها وكأنها تقف جانبا (أو الأسوأ من ذلك أنهم يواصلون التفاوض مع إسرائيل) بينما يهاجم الإسرائيليون الفلسطينيين في غزة.
لدى الرياض مصلحة في إنهاء القتال وإحراز تقدم نحو تسوية سلمية للقضية الإسرائيلية الفلسطينية، لكن ليس لديها سوى القليل من الأدوات التي يمكنها أو ستستخدمها لتحقيق هذا الهدف في الوقت الحالي.
اقترح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وعدد من المعلقين الأمريكيين أنه يمكن ان تلعب الدول العربية دورًا في إدارة غزة ما بعد الحرب، وقد بدأت بالفعل المناقشات الدبلوماسية على هذا الأساس.
وتدعو المقترحات الأكثر طموحاً المملكة العربية السعودية إلى المساهمة بأفراد عسكريين وإداريين لحكم غزة بعد الحرب.
فيما تتحدث المقترحات الأكثر تواضعاً عن دور للسعوديين في تمويل إعادة إعمار غزة، لكن الرياض لن تسمح بأن يُنظر إليها على أنها تعمل على تنظيف الفوضى الإسرائيلية في غزة، ولا تتمتع قوات الأمن الداخلي السعودية بأي خبرة في العمل خارج حدودها.
كما أن الأداء الضعيف للجيش السعودي في اليمن لا يسند أي توصية بنشره في أماكن أخرى، ولم تعمل القوات السعودية كقوات حفظ سلام تحت علم الأمم المتحدة أبدا.
من الممكن أن تكون السعودية مستعدة للعب دور تمويلي في الإدارة الانتقالية التي توافق عليها الأمم المتحدة والتي تؤدي إلى عودة سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة.
لكن هذا الدور لن يشبه صفقات المساعدات السعودية السابقة، والتي كانت بمثابة إغراق نقدي على العملاء المفضلين، وقد أوضحت الرياض في المفاوضات الأخيرة مع مصر التي تعاني من ضائقة مالية أنها تفضل فرص الاستثمار، وليس التحويلات النقدية.
سيكون نهج الرياض تجاه غزة مشابهاً لنهجها مع مصر، ما لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لتلطيف الصفقة بنوع المكاسب الدبلوماسية غير المتوقعة التي كانت الرياض تسعى للحصول عليها من واشنطن مقابل التقارب مع إسرائيل.
بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، المعروفة أيضًا باسم حرب يوم الغفران، فرضت السعودية وغيرها من منتجي النفط العرب حظرًا نفطيًا على الولايات المتحدة لمعاقبة واشنطن على دعمها لإسرائيل.
أدى الحصار والتخفيضات المصاحبة له في إنتاج النفط من قبل السعوديين وغيرهم إلى ارتفاع أسعار النفط أربعة أضعاف، وهي الفترة التي أثارتها صورة الطوابير الطويلة في محطات الوقود في الولايات المتحدة، وكان البنك الدولي، ووكالة الطاقة الدولية، والقادة الماليون، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورجان تشيس، جيمي ديمون، من بين أولئك الذين حذروا من أن أزمة نفط جديدة تحاكي صدمة 1973-1974 قد تلوح في الأفق.
إن هذه المخاوف مبالغ فيها، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تعتمد على سوء فهم لما حدث في عام 1973.
بعيدا عن الأسطورة التي تحيط بما حصل عام 1973، لم يكن للحصار السعودي الذي تم التبجح به كثيرا تأثير يذكر، فقد قامت شركات النفط الكبرى بإعادة توجيه الإمدادات من مصادر أخرى، مثل أمريكا الجنوبية، وغرب أفريقيا، وإيران.
كان للطوابير سيئة السمعة في محطات الوقود الأمريكية علاقة أكبر بالتحكم في الأسعار، وأنظمة التخصيص، وهلع المستهلك أكثر من ارتباطها بالنقص الكبير على المستوى الوطني.
ارتفعت أسعار النفط لأن تخفيضات الإنتاج العربي في الأشهر الأخيرة من عام 1973 أثارت قلق الأسواق، على الرغم من أنه أصبح من الواضح فيما بعد أن إجمالي إمدادات النفط العالمية لم تتأثر بشكل كبير، وكان الذعر الذي خلقه منتجو النفط العرب الذين أكدوا قوتهم كافياً لرفع الأسعار.
كما ساعد التوازن بين المعروض العالمي من النفط والطلب العالمي على إبقاء الأسعار مرتفعة لبقية العقد، قبل أن تؤدي الثورة الإيرانية عام 1979 إلى صدمة أسعار ثانية.
وحتى لو كان شبح الحصار النفطي يطارد صناع السياسات وقادة الأعمال، فينبغي لهم أن يشعروا بالارتياح من حقيقة مفادها أن الظروف اليوم تختلف كثيرا عن تلك التي كانت في عام 1973.
ففي ذلك الوقت، كانت السعودية متحالفة بشكل وثيق مع مصر وسوريا، العدوين الرئيسيين لإسرائيل في عام 1973 أما التحالف مع حماس فغير موجود.
في عام 1973، كان السعوديون على استعداد لخوض مخاطر كبيرة لدعم الرئيس المصري أنور السادات، الذي أنهى عداء بلاده تجاه الرياض لكن اليوم لا ينتاب السعوديون أي شعور مماثل بالتضامن مع حماس.
ويشعر بعض المراقبين بالقلق بشأن تخفيضات الإنتاج، لكن السعوديين خفضوا بالفعل الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا منذ أواخر عام 2022 في محاولة لدعم الأسعار (لم يكن لهذه الجهود تأثير يذكر، إذ تتراوح الأسعار حاليا بين 80 دولارا إلى 85 دولارا للبرميل، أي أقل بكثير من 100 دولار للبرميل التي كانت متوقعة خلال الصيف).
ولن تتمكن الرياض من تحقيق مكاسب من المزيد من التخفيضات في الإنتاج، الأمر الذي سيكون من غير المرجح أن يمنح المملكة أي نفوذ وسيؤدي إلى تنفير المستهلكين في الولايات المتحدة وكذلك الصين.
الأهم من كل ما تقدم هو أن لا مصلحة لمحمد بن سلمان في أن يُنظر إلى السعودية على أنها مكان تتفوق فيه السياسة على الأرباح – خاصة وأن هدفه الرئيسي هو التحول الاقتصادي لبلاده.
لقد أظهر محمد بن سلمان التزامه الثابت بالسعي لتحقيق هذا الهدف حتى وسط الاضطرابات الحالية: في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، ومع الأخبار المروعة الواردة من غزة، شرعت السعودية في عقد مؤتمرها السنوي لمبادرة مستقبل الاستثمار، والذي حضرته شخصيات مالية بارزة من جميع أنحاء العالم.
يريد محمد بن سلمان أن يُنظر إليه على أنه شريك اقتصادي يمكن الاعتماد عليه، وليس مُعطلًا يلوح بـ “سلاح النفط”.
أزمة غزة ستنتهي، كما تنتهي كل الأزمات، ومن المرجح أن يستغرق ذلك أشهرا وليس أسابيع، مما يؤدي إلى تعليق أي جهود دبلوماسية أخرى في الشرق الأوسط.
وطالما ظلت القوات الإسرائيلية في غزة، فإن فرص استعادة الزخم في الحوار الإسرائيلي السعودي غير المباشر الذي تتوسط فيه إدارة بايدن ضئيلة أو معدومة.
لكن العوامل التي دفعت تلك المفاوضات لم تتغير، فإسرائيل ترغب بشدة في إقامة علاقة أوثق مع السعودية.
ويرغب السعوديون في أن يكونوا قادرين على الاستفادة من الاقتصاد الديناميكي لإسرائيل، كما فعلت الإمارات منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم، ولا تزال كل من إسرائيل والسعودية تنظر إلى إيران باعتبارها تهديدًا إقليميًا، وتوفر ثقلًا استراتيجيًا للسعي إلى إقامة علاقات اقتصادية أوثق.
إن المطالب السعودية بأن تتخذ إسرائيل بعض الخطوات الملموسة نحو إقامة الدولة الفلسطينية ستظل تشكل عقبة أمام المحادثات، لكن هذه العقبة قد يتم تجاوزها إذا أدت الحرب في غزة إلى تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة أكثر مرونة فلهذا فأن العودة إلى طاولة المفاوضات هي الأرجح.
وفي هذا السياق، من المهم أن نتذكر أن كل اتفاق عربي مع إسرائيل كان في جوهره اتفاقاً عربياً مع الولايات المتحدة.
وينطبق هذا على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، والتي فتحت الباب أمام المساعدات الخارجية والعسكرية الأمريكية لمصر؛ واتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية لعام 1994، التي أعادت الأردن إلى حظوة واشنطن بعد دعمها لصدام حسين في حرب الخليج 1990-1991؛ واتفاقيات أبراهام للفترة 2020-2021، والتي تضمنت اعتراف الولايات المتحدة بضم المغرب للصحراء الغربية، وانهاء تصنيف الولايات المتحدة للسودان كدولة داعمة للإرهاب، ووعد من إدارة ترامب بأن الإمارات يمكنها شراء طائرات مقاتلة من طراز F-35 (وهو التزام أرجأته إدارة بايدن لاحقًا).
سوف يظل احتمال الحصول على هذا النوع من الفوائد جذابا بالنسبة للمملكة العربية السعودية، بغض النظر عما يحدث في إسرائيل وغزة.
إن العودة النهائية إلى المناقشات الإسرائيلية السعودية ستعني أيضًا العودة إلى المفاوضات الأمريكية السعودية بشأن قائمة رغبات الرياض والمتمثلة في ضمان أمني ودعم أمريكي للتطوير النووي السعودي دون قيود الضمانات التي فرضتها واشنطن على الآخرين.
إذا تمكنت الولايات المتحدة من إعادة التركيز على الدبلوماسية الإسرائيلية السعودية، وعندما تتمكن من ذلك، يجب عليها أن تفكر فيما إذا كانت جائزة التطبيع الإسرائيلي السعودي تستحق تكلفة الالتزامات العسكرية الأمريكية الجديدة والمخاطر الأكبر لانتشار الأسلحة النووية في المنطقة لكن في الوقت الحالي، يمكن لواشنطن أن تؤجل مثل هذه المخاوف: فطالما استمر الصراع في غزة، فإن الصفقة الإسرائيلية السعودية ستظل عالقة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=66031