بينما يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجولة محادثات في الشرق الأوسط، تغيب قضية النفط عن جدول الأعمال الرسمي، رغم تأثيرها المباشر على الاقتصاد الأميركي.
فبحسب خبراء تحدثوا لصحيفة “بوليتيكو”، لا تحظى هذه القضية بالأولوية في لقاءات الرئيس مع قادة المنطقة، رغم تداعياتها الخطيرة على صناعة النفط الأميركية.
وذكرت الصحيفة أن إدارة ترامب لم تعلّق حتى الآن على استفسارات تتعلّق بقرار منظمة أوبك، بقيادة السعودية، رفع مستويات إنتاج النفط. كما لم تُبدِ الإدارة أي موقف واضح حيال تأثير هذا القرار على قطاع النفط الأميركي، الذي بدأ يعاني بالفعل من تداعيات تراجع الأسعار.
السعودية: حسابات السوق أولاً
السعودية، بوصفها القوة الفعلية خلف أوبك، اختارت زيادة إنتاج النفط في محاولة لاستعادة حصتها السوقية التي فقدتها لصالح منافسين آخرين خلال السنوات الماضية. ورغم أن هذه الاستراتيجية قد تتسبب في خسائر مالية مؤقتة للمملكة، إلا أن الرياض تراهن على الأمد الطويل لإعادة ترسيخ موقعها كمنتج رئيسي لا يمكن تجاوزه.
هذه الخطوة أدت، بحسب “بوليتيكو”، إلى هبوط حاد في أسعار النفط. فبعدما كان سعر البرميل الأميركي يتجاوز 80 دولاراً في العام الماضي، انخفض لفترة وجيزة إلى أقل من 55 دولاراً عقب إعلان أوبك عن الزيادة في الإنتاج.
ومع نهاية الأسبوع الماضي، بلغ السعر 61 دولاراً للبرميل، مقارنة بـ77 دولاراً عندما تولّى ترامب منصبه.
ضغوط متزايدة على صناعة النفط الأميركية
انعكست هذه التطورات بشكل مباشر على قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة. فشركات النفط الأميركية بدأت بالفعل بتقليص الإنفاق على مشاريع الحفر الجديدة، بعدما شهدت عامين متتاليين من مستويات إنتاج قياسية. كما عمد المحللون إلى خفض توقعاتهم لنمو الإنتاج خلال الأعوام المقبلة.
تقرير صادر عن S&P Global Commodity Insights أشار إلى أن استمرار سياسة زيادة المعروض من قبل أوبك، إضافة إلى حالة الغموض الاقتصادي التي خلقتها الحرب التجارية التي تخوضها إدارة ترامب، قد يؤديان إلى أول تراجع فعلي في إنتاج النفط الأميركي بحلول عام 2026. وسيكون هذا أول انخفاض منذ أزمة جائحة كورونا التي عصفت بالطلب العالمي على الوقود.
وفي حال تحقق هذا التراجع، سيشكّل ذلك تحوّلاً جذرياً لصناعة أميركية اعتادت تسجيل أرقام قياسية منذ انطلاقة ثورة التكسير الهيدروليكي عام 2008. ويرى جيم بركهارد، رئيس وحدة أبحاث النفط الخام العالمية في S&P، أن المؤشرات الأولية على هذا التباطؤ بدأت بالظهور.
وقال بركهارد “رغم أن حجم التباطؤ الاقتصادي وانخفاض الطلب على النفط لا يزالان غير مؤكدين، تماماً كما هو الحال مع مستقبل الرسوم الجمركية الأميركية، إلا أن الأثر المحتمل سيكون سلبياً بلا شك.”
وأضاف “السؤال الكبير الآن هو: ما مدى حدة هذا التراجع؟”
ورغم هذه التحديات، يبدو أن ترامب لا يعتزم فتح ملف النفط خلال زيارته المقبلة للشرق الأوسط. فاعتبارات سياسية أوسع، تتعلق بالأمن الإقليمي والتحالفات الاستراتيجية، تجعل من قضية النفط موضوعاً ثانوياً في أجندة الرئيس، ولو مؤقتاً.
وبينما تستمر السعودية في فرض إيقاعها على سوق الطاقة العالمي، يبقى النفط الأميركي في مرمى تأثيراتها، وسط صمت رسمي لافت من إدارة ترامب.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71568