ذكرت وكالة بلومبيرغ أن دبابات الجيش الإسرائيلي دخلت إلى المنطقة العازلة قرب نقطة تفتيش الأمم المتحدة في القنيطرة، في مرتفعات الجولان.
وأشارت الوكالة إلى أن معظم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، المعروفة بقبعاتها الزرقاء، غادرت الآن، لتحل محلها آلاف من الجنود الإسرائيليين موزعين على تسعة قواعد جديدة تطل حتى العاصمة دمشق، حيث يجري حفر خندق بعمق ستة أمتار في الصخور البركانية لصد أي جسم متحرك قد يتجه نحو إسرائيل.
أضافت الوكالة: لقد تغيّر الكثير في الشرق الأوسط منذ أن اقتحم عناصر حماس جنوب إسرائيل قبل 18 شهرًا، مما فجّر حربًا في غزة وأدى إلى تراجع النفوذ الإيراني. ومن أبرز التحولات انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر، وهو ما أنهى عملية حفظ السلام التي استمرت نصف قرن.
وقد أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقيدة دفاعية جديدة تهدف إلى منع وقوع هجوم مباغت آخر، من خلال بناء مواقع عسكرية خارج الحدود الإسرائيلية، ليس فقط في سوريا، بل أيضًا في لبنان وغزة.
في المنطقة العازلة التي كانت تحت مراقبة الأمم المتحدة وتمتد لـ80 كيلومترًا بين إسرائيل وسوريا، يُشرف مهندس في الجيش الإسرائيلي على بناء نظام دفاعي جديد ضد أي تهديد محتمل – بما في ذلك المسلحون الإسلاميون الذين يشكلون الحكومة السورية الجديدة والتي سبق أن حذّرت إسرائيل الغرب منها.
قال الملازم أول “فال”، المهندس المشرف – والذي لم يُذكر اسمه الكامل لأسباب عسكرية – خلال زيارة إعلامية: “المهمة الأساسية هي ضمان قدرتنا على الرؤية والرد على أي توغل عدائي يشبه ما حصل في 7 أكتوبر”.
يمتد طريق ترابي واسع ومستقيم بين قلب قرية الحميدية والخطوط الإسرائيلية القديمة في الجولان، ما يمنح رؤية مفتوحة لأي مركبة أو شخص قد يقترب من القرية السورية المنخفضة.
ومنذ هجوم 7 أكتوبر، نقلت إسرائيل قوات إلى دول مجاورة، بينها سوريا، بهدف منع تكرار هجمات مماثلة.
يبلغ حجم الانتشار الإسرائيلي ثلاثة ألوية، تضم آلاف الجنود. وبحسب “فال”، فإن الخندق الجديد سيمتد لعشرات الكيلومترات، بتكلفة تصل إلى 40 مليون دولار، ويحمل الاسم الرمزي “الشرق الجديد”.
يعيش حوالي 35 ألف سوري داخل المنطقة العازلة، وهم الآن تحت السيطرة الفعلية للجيش الإسرائيلي. ووصف “فال” العلاقة معهم بأنها محدودة. وقال إن العديد من السكان يتذكرون تلقي مساعدات إنسانية إسرائيلية خلال الحرب الأهلية، ويتلقون الآن مساعدات مماثلة، مع تقييد وصولهم إلى قواعد الجيش لأسباب أمنية.
في أوقات مختلفة، وصف السكان المحليون الوجود الإسرائيلي بأنه احتلال غير مرحّب به. وقال أحد شيوخ البلدة، أبو جهاد، لقناة الجزيرة قبل ثلاثة أشهر: “بصراحة، لم نستطع أن نفرح بسقوط الديكتاتور بشار، لأن الدبابات الإسرائيلية اجتاحت شوارعنا في صباح اليوم التالي مباشرة”. وفي يناير، قال أحد السكان ويدعى يحيى لقناة الغد إن الجيش فرض حظر تجول وتسبب بأضرار لممتلكاتهم أثناء تمهيد طريق جديد.
في 20 ديسمبر، قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار لتفريق حشد سوري اقترب كثيرًا في جنوب الجولان، ما أدى إلى إصابة أحد السوريين.
اليوم، يتحرك جنود الجيش الإسرائيلي في سيارات جيب مكشوفة أو غير مصفحة، وبعضهم بلا سترات واقية أو خوذ – وهو ما يعكس شعورًا بالأمان قد يختفي إذا تحولت نقمة السكان المحليين إلى عنف.
يوم الثلاثاء، عبرت قوات إسرائيلية إلى بلدة في محافظة درعا جنوب غرب سوريا وقصفتها، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”. وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده ردوا على مسلحين أطلقوا النار عليهم.
خارج المنطقة العازلة، تنفذ إسرائيل طلعات جوية جنوب دمشق على بعد 40 كيلومترًا، مستخدمة القوة العسكرية للضغط باتجاه نزع السلاح وضمان حماية واستقلالية للأقليات السورية المتحالفة معها.
هذا التدخل أثار غضب قوى عربية وتركيا، التي تدعم الحكومة السورية الجديدة ولها علاقة معقدة مع إسرائيل.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 3 مارس: “من يسعى للاستفادة من حالة عدم الاستقرار في سوريا لن ينجح. لن نسمح لهم بتقسيم سوريا كما يتخيلون”.
وصفت إسرائيل وجودها في المنطقة العازلة السورية بأنه مفتوح المدة، إلى حين التزام الحكومة الجديدة في دمشق باتفاقية فك الاشتباك لعام 1974.
بموجب تلك الاتفاقية، تم إنشاء منطقة عازلة تتمركز فيها قوات الأمم المتحدة، مع بقاء الجيش الإسرائيلي على جانب، والسوري على الجانب الآخر. احتلت إسرائيل أجزاء من الجولان في حرب 1967، وأعلنت ضمها في 1981. وفي 2019، اعترفت إدارة ترامب الأولى بهذا الضم.
تقول إسرائيل إن موقع الجولان الاستراتيجي جعله حيويًا لأمنها القومي.
قال جوناثان كونريكوس، القائد السابق لوحدة الارتباط بالجيش الإسرائيلي مع الأمم المتحدة في الجولان، إن المواقع الجديدة ستوفر فائدة دفاعية، ولكنها ستشكل أيضًا نقطة انطلاق مختلفة لأي مفاوضات مستقبلية مع حكومة دمشق.
وأضاف أن إسرائيل، التي كانت تعتبر سوريا ساحة مواجهة غير مباشرة مع إيران – العدو اللدود وراعي الأسد – تشعر الآن بالقلق أيضًا من تدهور علاقاتها مع تركيا بسبب دورها في سوريا.
وقد أدانت عدة دول الخطوات الإسرائيلية في سوريا. وقال غير بيدرسن، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، إن هذه الأفعال “تزيد من زعزعة وضع هش أصلًا، وتفاقم التوتر الإقليمي، وتُضعف جهود التهدئة والانتقال السياسي المستدام”.
وعندما سُئل وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن تركيا والإدانات الدولية، قال للصحفيين يوم الإثنين: “لا نريد مواجهة مع الأتراك في سوريا ولا في أي مكان آخر”. وأضاف: “ونود أن نرى نفس القلق لدى المجتمع الدولي – وبنفس المعايير على الأقل – بشأن الوجود التركي في سوريا”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71033