يستعد صندوق الثروة السيادي السعودي، صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، لاستقطاب مجموعة أوسع من المستثمرين وبيع الديون من خلال الشركات التابعة له، بينما يحاول مجاراة حجم طموحات المملكة في الإنفاق.
وبحسب أشخاص مطلعين على الأمر، يدرس الصندوق إصدار أول سندات مقومة باليورو هذا العام، كما يخطط لاستهداف المستثمرين الأمريكيين المحليين لأول مرة. كما يشجع الصندوق شركاته التابعة، مثل نيوم وأفيليز (AviLease)، على الاقتراض بشكل مستقل. ورفض هؤلاء الأشخاص الكشف عن هويتهم نظرًا لسرية المعلومات.
وتُعد هذه الخطط خطوة في إطار الاستراتيجية التمويلية طويلة الأجل الجديدة للكيان الذي تبلغ أصوله 925 مليار دولار، والتي تهدف إلى تقليل الحاجة لمزيد من التمويل من الحكومة السعودية، بحسب أحد المصادر.
في يناير، جمع صندوق الاستثمارات العامة 4 مليارات دولار من أسواق الديون، ثم تبعته وحدة التعدين التابعة له بإصدار صكوك إسلامية بقيمة 1.25 مليار دولار الشهر الماضي. وأي مبيعات جديدة ستضاف إلى 14.3 مليار دولار جمعتها المملكة حتى الآن هذا العام، ما يمدد حملة الاقتراض التي جعلت المملكة من كبار المصدرين في الأسواق الناشئة خلال العامين الماضيين.
وإنفاق المملكة خلال السنوات القادمة سيشمل أيضًا تخصيص مبالغ ضخمة لاستضافة فعاليات مثل كأس العالم لكرة القدم لعام 2034. وتأتي هذه الالتزامات في وقت يشهد فيه الاقتصاد تباطؤًا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وانخفاضًا في أسعار النفط، واستمرار العجز في الميزانية، ما دفع الحكومة إلى البدء في إعادة ترتيب أولويات المشروعات.
وبحسب تقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس”، تحتاج السعودية إلى أن يبلغ سعر برميل النفط حوالي 108 دولارات لتغطية نفقاتها، خاصة عند احتساب استثمارات صندوق الاستثمارات العامة المحلية، وهو رقم يتجاوز بكثير الأسعار الحالية التي تقترب من 70 دولارًا للبرميل.
ويعقد المشهد تعهد ولي العهد، الذي يرأس الصندوق أيضًا، بالدخول في شراكات تجارية واستثمارية بقيمة 600 مليار دولار مع الولايات المتحدة على مدار السنوات الأربع القادمة. كما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من المملكة ضخ المزيد من الاستثمارات، ما يزيد الضغوط على الرياض لتأمين مصادر تمويل إضافية إذا كانت هذه الصفقات ستتحقق فعليًا.
في الوقت ذاته، يخطط صندوق الاستثمارات العامة لزيادة حجم إنفاقه السنوي ليصل إلى 70 مليار دولار. ويتم تمويل الصندوق من مزيج من الأرباح المحتجزة من استثماراته، والاقتراض، وتحويلات نقدية أو أصول من الحكومة. ومع ذلك، فإن توزيعات الأرباح من شركة أرامكو السعودية، التي يمتلك فيها الصندوق حصة بنسبة 16%، مرشحة للانخفاض بعد إعلان الشركة خفض توزيعاتها السنوية.
ويتوقع مطلعون أن الصندوق سيبحث عن خيارات أخرى، بما في ذلك بيع جزء صغير من محفظته التي تضم أسهماً مدرجة بقيمة 461 مليار دولار. وقد تشمل هذه الخيارات أيضًا إدراج شركات تابعة في السوق المالية السعودية، مثل شركة نوبكو المتخصصة في المشتريات الطبية، وشركة تبريد السعودية، وشركة الموانئ العالمية السعودية، وفقًا لما ذكرته بلومبرغ.
وقد أنشأ صندوق الاستثمارات العامة نحو 100 شركة تغطي مشروعات في قطاعات السياحة والذكاء الاصطناعي وغيرها. ومن بين هذه الشركات، شركة الدرعية التي تُشرف على مشروع بقيمة 63 مليار دولار لتحويل المنطقة التاريخية إلى وجهة سياحية. وذكر الرئيس التنفيذي للشركة، جيري إنزيريلو، أن شركته بدأت في دراسة خطط لجمع تمويل خارجي، مضيفًا أن هناك “اهتمامًا كبيرًا من شركاء أجانب سيستبدلون في المستقبل حصة الصندوق”. ومن المتوقع أن تصدر الشركة أول ديون لها في وقت لاحق من هذا العام.
وسيُشجَّع شركاء الصندوق على الاقتراض بالاعتماد على ميزانياتهم العمومية وخطط أعمالهم، حيث يتردد الصندوق في تقديم ضمانات ائتمانية صريحة. وستنسق إدارة التمويل في الصندوق هذه الإصدارات.
ويتوقع علي دحلُومال، محلل الأبحاث الائتمانية في بنك أوف أمريكا للأبحاث العالمية، أن يرتفع إصدار الديون من الشركات السعودية، بما فيها البنوك، وصندوق الاستثمارات العامة، وشركاته التابعة، إلى 40 مليار دولار هذا العام، مقارنة بـ31 مليار دولار في عام 2024.
ويضيف دحلُومال أن “الصندوق يهدف إلى دفع الكيانات التابعة القادرة على جمع الأموال من الأسواق الدولية للقيام بذلك، لخلق مساحة في السوق المحلية للشركات التي لم تصبح جاهزة بعد للتمويل الدولي”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70944