لطالما كانت الرهون العقارية في الكويت غير مسموح بها وغير منظمة، إذ كان صانعو السياسات يخشون التداعيات السياسية الناتجة عن مصادرة منازل المواطنين في حال تعثرهم عن السداد.
وتستعد الكويت للسماح للبنوك بتقديم قروض الرهن العقاري لأول مرة، وهي خطوة قد تعيد تشكيل المشهد المالي في هذا البلد الغني بالنفط. ووفقًا لمصادر مطلعة، من المتوقع أن يتم تمرير التشريع قريبًا من قبل مجلس الوزراء.
وستفتح هذه الخطوة سوقًا قد تصل قيمته في نهاية المطاف إلى 65 مليار دولار، مما يعني زيادة بنسبة 40% في محافظ القروض لدى البنوك، بحسب المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها نظرًا لخصوصية المعلومات.
وكما هو معروف، لم تكن الرهون العقارية مسموحة أو منظمة في السابق، نظرًا للمخاوف من العواقب السياسية في حال حجز منازل المواطنين. وبدلاً من ذلك، قدمت الحكومة برنامجًا للإسكان العام، يتيح للمواطنين المتزوجين الحصول على منازل مدعومة بشكل كبير أو قطع أراضٍ مع قروض منخفضة الفائدة.
غير أن هذا النظام يواجه ضغطًا متزايدًا، حيث تراكمت 103 آلاف طلب على قائمة الانتظار، مع معدلات تسليم توحي بانتظار يمتد لعقد كامل، مما دفع الحكومة إلى التخطيط لتغييرات جوهرية في النظام القائم.
ورغم أن الثروة النفطية دفعت الكويت إلى مصاف أغنى دول العالم، فإن سنوات من الجمود السياسي جعلتها تتأخر عن نظيراتها الطموحة في منطقة الشرق الأوسط.
ويقول عبد الله السميط، الرئيس التنفيذي بالإنابة لمجموعة البنك الأهلي الكويتي: “القانون المنتظر يمكن أن يوفر إطارًا منظمًا يعزز إمكانية حصول المواطنين المؤهلين على التمويل السكني. نرى في هذه الخطوة تحولًا جذريًا”.
ويأتي تقديم قانون الرهن العقاري بعد مرور 10 أشهر على قرار أمير الكويت تعليق عمل البرلمان لمدة تصل إلى أربع سنوات، ما مهد الطريق أمام الحكومة – التي يقودها ويعينها أفراد من الأسرة الحاكمة آل الصباح – لتمرير مشروعات قوانين رئيسية.
وقبل أيام فقط من ذلك، وافق مجلس الوزراء على مرسوم تمهيدي يمهد الطريق لبيع الكويت لسندات دولية لأول مرة منذ ثماني سنوات.
وقد أثارت هذه الخطوات بالفعل موجة من التفاؤل في الأسواق. فأسهم البنوك الكويتية تتفوق على نظيراتها الخليجية هذا العام، حيث قادت بنوك بوبيان وبرقان ووربة هذا الصعود، مسجلة ارتفاعات تجاوزت 17% لكل منها.
ويشير جاستن ألكسندر، مدير شركة خليج إيكونوميكس ومستشار لدى جلوبال سورس بارتنرز، إلى أن الطلب المكبوت على السكن يعني أن سوق الرهن العقاري، حتى مع وجود قيود تنظيمية كبيرة، يمكن أن يعزز بشكل كبير من ربحية البنوك الكويتية.
كما يمكن أن يحفز اهتمام المستثمرين الأجانب بأسهم البنوك، حيث تبلغ قيمة الاستثمارات الأجنبية الحالية في البنوك الكويتية نحو 4.7 مليار دينار كويتي (15.3 مليار دولار)، وهو ما يمثل 15% من القطاع المصرفي.
وتقول شيخة البحر، نائبة الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني: “تتجاوز هذه الفرصة التأثير المباشر على التمويل السكني، بالنظر إلى حجم الاستثمارات اللازمة في البنية التحتية لتطوير مناطق سكنية جديدة تلبي الطلب المتزايد على الإسكان في الكويت”.
وتشير التعديلات التشريعية المرتقبة إلى أنها قد تشمل تحديد مدد الرهون العقارية، ودعم الدولة، وحدود أسعار الفائدة، بالإضافة إلى قيود تنظيمية مثل نسبة خدمة الدين.
كما أن تسريع نمو سوق الرهن العقاري قد يحفز قطاع البناء، مما قد يدفع نمو الائتمان المحلي إلى أرقام مرتفعة من خانة واحدة على المدى المتوسط، بحسب سالومي سخيرتلادزه، المحللة المالية المختصة بأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
ومن المتوقع أن يؤدي قانون الرهن العقاري إلى توسع طويل الأمد في قطاع العقارات. ويقول ياب ماير، رئيس قسم الأبحاث في شركة أرقام كابيتال بدبي: “من المفترض أن يؤدي ذلك إلى زيادة في منح المشاريع لإنشاء بنية تحتية ومدن جديدة، بالإضافة إلى زيادة في بدء مشاريع الإسكان”.
وفي الكواليس، تعمل الحكومة على إدخال تغييرات أخرى. فقد فعلت مؤخرًا قانونًا جديدًا للتنمية الحضرية، ووقعت الهيئة العامة للرعاية السكنية عقد خدمات استشارية لتطوير ثلاثة مواقع سكنية تضم أكثر من 5,000 وحدة سكنية.
ويقول بدر السيف، أستاذ مساعد بجامعة الكويت وزميل مشارك في معهد تشاتام هاوس: “الكويت تملك الكثير لتقدمه. إنه سوق غير مستغل مقارنة بجيرانها المباشرين”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70978