كشفت وكالة بلومبيرغ عن تعثر التعهد الذي قطعته دولة الإمارات باستثمار 51 مليار دولار في تركيا بعد مرور عامين على الإعلان عنه، مشيرة إلى أن تحسن الأوضاع الاقتصادية في أنقرة أدى إلى تعزيز موقف الشركات التركية في التمسك بتقييمات مرتفعة، مما عرقل إتمام الصفقات.
وذكرت الوكالة أن أحدث الانتكاسات تمثلت في فشل مجموعة “AD Ports Group”، المدعومة من صندوق الثروة السيادي في أبوظبي (ADQ)، في إتمام صفقة للاستحواذ على حقوق تشغيل ميناء في غرب تركيا. كما انهارت صفقات أخرى، بما في ذلك عرض للاستحواذ على أحد أكبر البنوك التركية وإصدار دين بقيمة 8.5 مليار دولار.
ووفقًا لمصادر مطلعة، كانت الخلافات حول التقييمات من العوامل الأساسية التي أعاقت تنفيذ هذه الصفقات. فالمستثمرون الإماراتيون، الذين يسعون عادة إلى الاستحواذ على أصول متعثرة بأسعار مخفضة، لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق مع البائعين الأتراك الذين رفضوا البيع بأسعار منخفضة.
وقد تم الإعلان عن تعهد الاستثمار في يوليو 2023 بعد إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان الهدف منه دعم الاقتصاد التركي المتعثر وتمويل جهود إعادة الإعمار عقب الزلازل المدمرة. لكن منذ ذلك الحين، نجحت السلطات التركية في تجنب أزمة احتياطي النقد الأجنبي واستعادت الاستقرار الاقتصادي من خلال اتباع سياسات نقدية تقليدية، مما قلل من الحاجة إلى الأموال الإماراتية.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي التركي “هالوك بورومجيكجي” إن “البنوك والشركات التركية تمكنت بسهولة من الاقتراض من الخارج، كما أن البنك المركزي عزز احتياطياته منذ ذلك الحين”، مما قلل من أهمية الاستثمار الإماراتي.
وكانت تركيا قد أوقفت صفقة إصدار صكوك بقيمة 8.5 مليار دولار العام الماضي بسبب اعتقادها بأن العوائد التي طلبتها الإمارات لم تكن مواتية. كما انهارت محادثات بنك “أبوظبي الأول” للاستحواذ على حصة مسيطرة في بنك “يابي كريدي” التركي، وكذلك فشلت محادثات شركة “مصدر” الإماراتية للاستثمار في شركة الطاقة المتجددة التركية “فيبا ينيلينبلير إنرجي” بسبب خلافات حول التقييمات.
علاوة على ذلك، لم تتمكن وحدات تابعة لشركة “إنترناشونال هولدنغ كو” (IHC) الإماراتية، مثل “مجموعة ملتيبلاي” و”غيثا هولدنغ”، من إتمام صفقات الاستحواذ على شركة تركية لإدارة النفايات وشركة طيران شحن. ولا تزال بعض الصفقات الكبرى الأخرى، مثل مشروع بناء سكة حديدية فوق مضيق البوسفور واستثمارات في قطاع الدفاع التركي، معلقة.
وحتى الآن، الصفقة الوحيدة التي تم تنفيذها هي استحواذ صندوق “ADQ” على بنك “أوديا بنك” الصغير في تركيا.
ورغم هذه الانتكاسات، لا تزال تركيا متفائلة بشأن الشراكة الاقتصادية. وصرح “بوراك داغلي أوغلو”، رئيس مكتب الاستثمار الرئاسي التركي، خلال حدث في أبوظبي، بأنه يتوقع نمو التدفقات الاستثمارية الثنائية بشكل أكبر، مدعومًا بالاتفاقية الشاملة للشراكة الاقتصادية بين البلدين.
يُذكر أن العديد من الكيانات الإماراتية التي تسعى للاستثمار في الأصول التركية، بما في ذلك “ADQ”، جزء من إمبراطورية الأعمال التابعة للشيخ طحنون بن زايد آل نهيان. وتُعرف هذه الشركات بنهجها التفاوضي الصارم وسعيها لتحقيق أعلى العوائد.
ويرى “سيرهات سوهى تشوبوكش أوغلو”، الباحث البارز في مركز “تريندز” للأبحاث والاستشارات، أن استراتيجية الاستثمار الإماراتية أصبحت أكثر صرامة مع التركيز على العوائد المرتفعة، مما يعكس نهجًا جديدًا يضع الأولوية للمصالح الخليجية على حساب الاستثمارات غير المشروطة.
رغم ذلك، لا تزال الإمارات تواصل استثمار مليارات الدولارات لتعزيز نفوذها العالمي. ففي العام الماضي، أعلنت “ADQ” عن استثمار بقيمة 35 مليار دولار في مصر، وهو أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ البلاد. كما وعدت الحكومة الإماراتية مؤخرًا باستثمار 52 مليار دولار في فرنسا و40 مليار دولار في إيطاليا، في حين أن شركة يشرف عليها الشيخ طحنون تساعد في تمويل مشروع ذكاء اصطناعي بقيمة 100 مليار دولار أعلنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70823