بعد فرار الأسد.. الجولاني يقود مرحلة جديدة من الصراع السوري

في تطور مفاجئ على الساحة السورية، أعلن أبو محمد الجولاني، زعيم المعارضة السورية، عن تحقيق هدفه الاستراتيجي بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، الذي فرّ من العاصمة دمشق في ظل تقدم قوات المعارضة المسلحة المدعومة من هيئة تحرير الشام.

الهجوم الذي بدأه الجولاني وقواته منذ أكثر من عام، وصل إلى ذروته بسقوط الأسد وتفكك النظام، مما وضع سوريا على أبواب مرحلة جديدة من الصراع.

وفي بيانٍ ألقاه عبر قناة تلفزيونية تابعة لقواته، أعلن الجولاني أن بشار الأسد لم يعد يمثل السلطة الشرعية في سوريا بعد هروبه إلى خارج البلاد، وقال الجولاني: “سوريا اليوم حرّة من النظام الاستبدادي، لكن الطريق نحو السلام لا يزال طويلاً.” ووفقًا للمصادر الميدانية، فإن الأسد فرّ بعد أن فقد السيطرة على العاصمة دمشق، مع انهيار الجيش السوري وتراجع حلفائه الإقليميين والدوليين، الذين كانوا مشغولين في صراعاتهم الخاصة.

وبعد فرار الأسد، بدأت القوى الدولية والإقليمية في إعادة تقييم مواقفها تجاه سوريا، فالولايات المتحدة وحلفاؤها، الذين دعّموا المعارضة لفترة طويلة، رحبوا بالسقوط المبدئي للنظام، بينما دعت روسيا إلى “الحوار الوطني” بين مختلف الأطراف السورية.

في المقابل، بعض القوى الإقليمية، مثل إيران، أظهرت قلقًا من الانهيار السريع للنظام الذي كان يشكل ركيزة لمصالحها في المنطقة.

الجولاني، الذي بات يُنظر إليه الآن كأحد أبرز اللاعبين في الساحة السورية، أعرب عن استعداده للعمل مع “جميع القوى السياسية السورية” لإعادة بناء البلاد، ورغم ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية توحيد مختلف الفصائل المتنازعة، في ظل وجود انقسامات عميقة داخل المعارضة نفسها.

وعلى الرغم من ارتباط هيئة تحرير الشام سابقًا بتنظيم القاعدة، فإن الجولاني أعلن في تصريحات سابقة عن محاولات لتخفيف هذه الصورة في السنوات الأخيرة، مشددًا على تحول الحركة إلى مجموعة “وطنية” تركز على حرية الشعب السوري، ومع ذلك، لا يزال التوتر قائمًا حول مستقبل الهيئة في ظل تصاعد مطالبات المجتمع الدولي بتغيير سلوكها أو الانخراط في مفاوضات مع الأطراف الأخرى.

وقد كثرت التقارير حول محاولات لإعادة هيكلة الهيئة وتحسين صورتها بعد السقوط المفاجئ للأسد، وتزايد الضغوط عليها لتوسيع دائرة الحلفاء السوريين بعيدًا عن التيارات المتشددة.

من جهة أخرى فالجانب الإنساني للمستقبل السوري يبقى قاتمًا، حيث تشير التقارير إلى أن العديد من المدن والمناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد تعاني من الدمار الشديد. في الوقت نفسه، أعربت مصادر حقوقية عن قلقها من أن تتحول بعض المناطق التي كانت خاضعة للمعارضة إلى بؤر جديدة من العنف الداخلي.

وفي ظل هذه المعاناة، أكد الجولاني أن “التحرير ليس نهاية الطريق، بل هو بداية لبناء دولة جديدة تتسم بالتنوع والتسامح.” وأضاف أن حركة “تحرير الشام” ستبذل جهدًا للحفاظ على التعايش بين مختلف الطوائف والعرقيات في سوريا.

ورغم الانتصار العسكري على النظام، إلا أن الجولاني حذر من أن المرحلة القادمة ستكون مليئة بالتحديات السياسية والاقتصادية، فالتوصل إلى تسوية سياسية تشمل كافة الأطراف السورية قد يستغرق سنوات، خاصة في ظل التعقيدات الإقليمية والدولية.

وعبّر الجولاني عن تفاؤله في أن “الفرصة سانحة لبناء سوريا جديدة” ولكن، كما أضاف: “لن تكون هذه مهمة سهلة، ونحن بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي، ولكن في نفس الوقت، يجب أن نكون أحرارًا في تقرير مصيرنا”.

إلى جانب التحديات الميدانية والسياسية، يواجه الجولاني ومجموعته مشكلة مستمرة تتمثل في الانقسامات بين فصائل المعارضة، إضافة إلى المعارضة الداخلية التي قد تكون أكثر صعوبة في التعامل معها بعد سقوط الأسد. وبينما يعتقد الجولاني أن المعارضة باتت أكثر قوة ومنظمة، إلا أن التحالفات الجديدة مع القوى السياسية المختلفة قد تؤدي إلى نشوء تنافسات جديدة بين قادة الفصائل.

ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هناك سيكون انتقال سلمي للسلطة أو إذا كان الصراع سيستمر في شكل مختلف، لكن بشكل عام يبقى السؤال الأكبر: هل يمكن لسوريا أن تستعيد استقرارها في ظل هذا الانقسام العميق والمخاوف المتزايدة من تدخلات إقليمية جديدة؟

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.