وقعت الأردن وإسرائيل في عام 1994، معاهدة سلام تاريخية كانت بمثابة انتصار غير متوقع للثقة والإرادة الطيبة.
هذه المعاهدة، التي أوقفت عقودًا من العداوة بين الجانبين، فتحت الطريق لعلاقات دبلوماسية واقتصادية جديدة، ومع ذلك، وبعد مرور ثلاثين عامًا، يبدو أن العلاقات بين الأردن وإسرائيل تعاني من حالة من الجمود، ورغم عدم وجود حرب بين البلدين، إلا أن السلام الحقيقي لا يزال بعيد المنال.
وعلى مر السنوات، شهدت المنطقة العديد من التحولات السياسية التي أثرت على علاقات الأردن مع إسرائيل، تصاعد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بالإضافة إلى التوترات الإقليمية، ألقى بظلاله على العلاقات الثنائية.
في السنوات الأخيرة، تزايدت مشاعر عدم الرضا داخل الأردن تجاه السياسات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالقدس والمقدسات الإسلامية.
وتواجه الأردن تحديات اقتصادية كبيرة، مما يؤثر على موقفها من إسرائيل، حيث يعتمد الاقتصاد الأردني بشكل جزئي على التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، لكن الفوائد المتوقعة من هذا التعاون لم تتحقق بالكامل.
حيث يعاني الشعب الأردني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، مما يدفع الكثيرين إلى التشكيك في جدوى العلاقات مع إسرائيل.
وعلى الرغم من التوترات، لا يمكن إنكار أن هناك مصالح أمنية مشتركة بين الأردن وإسرائيل، فكلا البلدين يواجهان تهديدات من الجماعات المتطرفة، ويعتبر التعاون الأمني بينهما ضروريًا للحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
ومع ذلك، يبقى هذا التعاون في إطار محدود، حيث تتباين أولويات كل دولة.
وتلعب القوى الإقليمية والدولية دورًا كبيرًا في تشكيل العلاقات بين الأردن وإسرائيل. الولايات المتحدة، على سبيل المثال، كانت دائمًا داعمًا رئيسيًا لكل من الأردن وإسرائيل. لكن مع تغير الإدارة الأمريكية وتطور الأوضاع في المنطقة، قد يتغير هذا الدعم. كما أن صعود القوى الجديدة، مثل إيران، قد يزيد من تعقيد العلاقات.
من جهة أخرى يعتبر الموقف الأردني من القضية الفلسطينية أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على العلاقات مع إسرائيل، حيث يدعم الأردن حل الدولتين، ويعتبر أن السلام الدائم لن يتحقق دون إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ومع ذلك، فإن إسرائيل، تحت قيادة حكومات يمينية، تظهر ترددًا في تقديم التنازلات اللازمة لإحلال السلام.
وفي ظل هذه الظروف، يتعين على الأردن وإسرائيل العمل على إيجاد قواسم مشتركة لتجاوز التحديات، كما يحتاج كلا البلدين إلى إعادة تقييم أولوياتهما، والعمل على تعزيز الثقة بين شعبيهما.
قد تكون الخطوات الصغيرة، مثل تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي، ضرورية لبناء بيئة من الثقة.
وبعد ثلاثة عقود من المعاهدة، يبدو أن العلاقات بين الأردن وإسرائيل لا تزال في حالة من الشك وعدم اليقين، فعلى الرغم من عدم وجود حرب رسمية، فإن السلام الحقيقي يتطلب المزيد من الجهود والتفاهم المتبادل، كما يحتاج كلا البلدين إلى العمل معًا، ليس فقط من أجل مصلحتهما الخاصة، ولكن أيضًا من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة ككل.
في النهاية، قد تكون الإرادة السياسية والقيادة الحكيمة هما المفتاحان لتحقيق سلام دائم.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=68818