في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقاء في الرياض للاحتفاء بـ”العصر الذهبي” للعلاقات التجارية، يواجه مواطن بريطاني خطر السجن المطوّل في السعودية بسبب تغريدة، وسط منع السلطات السعودية لوزارة الخارجية البريطانية من حضور محاكمته.
غياب الشفافية ومخاوف قانونية
أحمد الدوش، مواطن بريطاني مقيم في مانشستر وأب لأربعة أطفال، سيمثل أمام محكمة متخصصة في الرياض يوم الإثنين، دون أن يُمنح الحق في اختيار محامٍ سعودي يمثله، ودون أن تتضح له التهمة الموجهة إليه بدقة. بحسب محاميه البريطاني، لا تزال تفاصيل القضية غامضة، رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على احتجازه.
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أجرى اتصالاً بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان يوم السبت، لكن لم يتأكد ما إذا كانت قضية الدوش طُرحت خلال المحادثة، وهو ما يعكس تحفظاً دبلوماسياً بريطانيًا رغم المطالبات الحقوقية المتزايدة.
انتهاك صريح لمعايير المحاكمة العادلة
هايدي ديكستال، المستشارة القانونية الدولية للدوش، أكدت أن القضية تمثل خرقاً صارخاً للالتزامات الدولية، مشيرة إلى أن الدوش لم يُبلَّغ بالتفاصيل القانونية للتهم أو الأدلة التي تستند إليها السلطات السعودية. واعتبرت أن استمرار محاكمته في ظل هذا الغموض ينتهك أبسط مبادئ العدالة، لا سيما مع تقارير عن تجاوزات أخرى في ظروف احتجازه.
القمع الرقمي في السعودية تحت غطاء مكافحة الإرهاب
تسلّط قضية الدوش الضوء مجدداً على تصاعد حملة القمع التي تمارسها السعودية ضد حرية التعبير، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فالتهم الموجهة إليه تتعلق، وفق عائلته، بتغريدة سابقة حول الحرب في السودان، بالإضافة إلى “علاقة صداقة” مع نجل معارض سعودي لم تتضمن نقاشات سياسية.
تم اعتقال الدوش في 31 أغسطس الماضي أثناء محاولته مغادرة السعودية عبر مطار الملك خالد الدولي، فيما سُمح لعائلته، بمن فيهم زوجته الحامل آنذاك، بمغادرة البلاد. لم يتمكن من التواصل مع عائلته حتى نوفمبر، بعد شهرين من احتجازه دون تمثيل قانوني حقيقي.
موقف بريطاني خجول أمام انتهاك حقوق مواطنيه
في ردها على استفسارات منظمة “ريبريف” الحقوقية، برّرت وزارة الخارجية البريطانية موقفها بعدم التدخل في الإجراءات القانونية لدول أخرى، مؤكدة احترامها “للسيادة القضائية السعودية”. كما أبلغت الخارجية المنظمة الحقوقية بأنها لا تستطيع التعليق على القضية باعتبارها “شأناً قانونياً يخص فريق الدفاع”.
رغم ذلك، أشارت الخارجية إلى أن ديفيد لامي على علم بالقضية، وأن المسؤولين البريطانيين في الرياض أثاروا مخاوفهم حول ظروف احتجاز الدوش، لكنها حملت الأخير مسؤولية طلب الإفراج عن تفاصيل قضيته عبر القنوات القضائية السعودية، وهو ما تقول عائلته إنه قام به دون نتيجة.
صمت سعودي وتجاهل رسمي
حتى الآن، ترفض السلطات السعودية الإدلاء بأي تصريح حول القضية. ويعكس استمرار الصمت الرسمي تجاه ملف الدوش، والتضييق على عائلته ومحاميه، استراتيجية واضحة لردع الأصوات المنتقدة عبر قوانين مكافحة الإرهاب، وسط أجواء من الرقابة الصارمة على حرية التعبير.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71553