مؤشرات سعي الإمارات لكسب النفوذ الواسع في أفغانستان

تتزايد المؤشرات على سعي دولة الإمارات العربية المتحدة لكسب النفوذ الواسع في أفغانستان بما في ذلك توطيد العلاقات مع حركة طالبان الإسلامية.

وفي مطلع حزيران/يونيو الماضي، ظهرت صور لسراج الدين حقاني، وزير الداخلية بالوكالة لإمارة طالبان أثناء زيارته للإمارات وهو يلتقي ويصافح مسؤولين من الدولة الخليجية الثرية. وفي حينه أثارت الصور تكهنات ونقاشات حامية.

وبحسب مراقبين تمثل هذه الزيارة تحولًا ملحوظًا في الديناميات الإقليمية، وتشكل تطورًا مهمًا قد يكون له تداعيات خطيرة على أمن أفغانستان والعالم.

في وقت تخوض فيه أفغانستان فترة انتقالية حساسة بعد استيلاء طالبان على السلطة، تؤكد زيارة حقاني الدبلوماسية إلى الإمارات على تعقيد التفاعلات والمصالح التي تشكل مستقبل البلاد.

وقد انتشرت صورة حقاني، وهو يبتسم نادرًا، وهو يقف بجانب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات على منصات التواصل الاجتماعي الأفغانية، ما أثار تساؤلات كبيرة حول طبيعة وأهداف الزيارة.

وامتنعت مصادر رسمية من طالبان عن تقديم أي معلومات تتجاوز بيان رسمي تقليدي.

قدمت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) ردًا عامًا، مشيرة إلى أن الجانبين “ناقشا تعزيز التعاون بين البلدين وسبل تعزيز العلاقات لخدمة المصالح المشتركة والمساهمة في استقرار المنطقة”.

وليس من المفاجئ أن تبقى تفاصيل مثل هذا الاجتماع رفيع المستوى طي الكتمان، لكن غموضه يؤدي إلى مزيد من التكهنات.

إذ أن التفاعل غير المتوقع بين مسؤول رفيع من طالبان وقائد إماراتي أثار مناقشات حول الديناميات المتغيرة في المنطقة. قد تكون نتائج مثل هذا الاجتماع رفيع المستوى لأفغانستان، البلد الذي يعاني حاليًا من فقر مدقع وآثار مدمرة للتغير المناخي، بينما يعاني من عزلة كبيرة وعقوبات قاسية، ذات أهمية بالغة.

وسراج الدين حقاني ليس قائدًا عاديًا في طالبان. ففي آذار/مارس 2008، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن حقاني “إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص”. ويحمل مكافأة قدرها 10 ملايين دولار من الخارجية الأمريكية ومطلوب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI).

وعند سؤاله عن زيارته الأخيرة إلى الإمارات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين في واشنطن: “أشير فقط إلى أن [الحكومات] التي تستضيف أعضاء طالبان الخاضعين لعقوبات الأمم المتحدة يجب أن تسعى للحصول على إذن للسفر من خلال عملية استثناء محددة كما هو موضح من قبل لجنة العقوبات 1988 للأمم المتحدة، ويجب على الدول الأعضاء اتباع هذه الإجراءات”.

وعلى الرغم من العقوبات المفروضة على حقاني، فإن أعضاء آخرين من طالبان، وهم أيضًا تحت طائلة العقوبات، سمح لهم بالسفر للمشاركة في مفاوضات السلام المتعلقة بأفغانستان.

ورغم الإجراءات الصارمة التي تفرضها الأسرة الدولية، تم منح استثناءات في حالات محددة لتيسير المشاركات الدبلوماسية الهادفة لحل الصراع المستمر منذ زمن طويل في أفغانستان.

قال بارنيت روبين، مسؤول سابق في وزارة الخارجية وأكاديمي نشر أبحاثًا واسعة عن أفغانستان، إن العقوبات تفرضها الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن إدراج حقاني ضمن قائمة “الإرهابيين العالميين المصنفين” في الولايات المتحدة هو أمر بموجب أمر تنفيذي رئاسي أمريكي وليس ملزمًا للإمارات.

وقد وُلِد حقاني بين عامي 1973 و1980، وقضى معظم شبابه في ميرانشاه بباكستان، وهي بلدة صغيرة على خط دوراند.

ويُقال إنه يتقن اللغة العربية ودرس في مدرسة دينية والده، حيث تشكلت رؤيته للعالم وأسلوب قيادته.

وتأتي زيارة حقاني في لحظة حاسمة، حيث تستعد الدوحة لاستضافة قمة ثالثة حول أفغانستان.

ومن المتوقع أن تمارس الإمارات، كدولة مسلمة مؤثرة، ضغطًا على طالبان لمعالجة القضايا الملحة مثل حقوق النساء في أفغانستان. يمثل حظر تعليم الفتيات في أفغانستان قضية مركزية، ما يضع طالبان تحت ضغط متزايد لتحقيق تقدم ملموس في هذا المجال.

وتعكس زيارة حقاني للإمارات محاولات طالبان تعزيز علاقاتها الإقليمية، وتفتح الباب أمام مناقشات أوسع حول مستقبل أفغانستان في ظل التغيرات الجيوسياسية المستمرة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.