الغموض لا يزال يكتنف مواقع الأسلحة الكيميائية في سوريا

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي الهيئة الدولية الرائدة في تتبع هذه الأسلحة، تشتبه في أن أكثر من 100 موقع مرتبط بالأسلحة الكيميائية لا يزال موجودا في سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وتعتبر المنظمة هذا الرقم هو أول تقدير من نوعه بينما تسعى المنظمة لدخول سوريا لتقييم ما تبقى من برنامج الأسد العسكري الشهير. ويمثل هذا الرقم ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بأي رقم اعترف به الأسد سابقًا.

وترى المنظمة أن عدد المواقع، الذي يفوق أي تقدير سابق بكثير، يمثل اختبارًا للحكومة الجديدة. ويخشى الخبراء أن تبقى مخزونات السارين والكلور وغاز الخردل بدون تأمين.

ويُعتقد أن هذه المواقع كانت تشارك في البحث، التصنيع، وتخزين الأسلحة الكيميائية. استخدم الأسد أسلحة مثل غاز السارين والكلور ضد مقاتلي المعارضة والمدنيين السوريين خلال أكثر من عقد من الحرب الأهلية.

ومنذ الإطاحة بالأسد العام الماضي، ظل الغموض يكتنف عدد هذه المواقع وما إذا كانت مؤمنة. الآن، تمثل هذه المواد الكيميائية اختبارًا كبيرًا للحكومة المؤقتة بقيادة هيئة تحرير الشام، التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية لكنها أعلنت تبرؤها من القاعدة.

والرهانات مرتفعة بسبب مدى فتك هذه الأسلحة، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان.

السارين، وهو عامل أعصاب، قد يقتل خلال دقائق. أما الكلور وغاز الخردل، فهما يتسببان بحرق العينين والجلد وملء الرئتين بالسوائل، مما يغرق الضحايا وهم على اليابسة.

ويشعر الخبراء بالقلق من احتمال وصول الجماعات المسلحة إلى منشآت الأسلحة الكيميائية غير المؤمنة.

في زيارة مفاجئة إلى مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي في مارس، صرح وزير الخارجية السوري بأن الحكومة “ستدمر أي بقايا من برنامج الأسلحة الكيميائية الذي طوره نظام الأسد” وستلتزم بالقانون الدولي.

ويشعر الخبراء بتفاؤل حذر حيال صدق نوايا الحكومة. فقد سمحت الحكومة الحالية لفريق من المنظمة بالدخول إلى البلاد هذا العام لبدء توثيق المواقع.

مع ذلك، لا تزال سوريا في وضع هش، مع اندلاع العنف في المنطقة الساحلية مؤخرًا بين القوات الحكومية وجماعات موالية للأسد.

ولم تعين الحكومة الجديدة بعد سفيرًا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي خطوة أساسية تدل على الالتزام. ورفضت وزارة الدفاع السورية الرد على الأسئلة المكتوبة بشأن الأسلحة الكيميائية.

في بدايات الحرب الأهلية، أعلن نظام الأسد عن مواقع 27 منشأة للمنظمة، التي أرسلت مفتشين لإغلاقها.

لكن الأسد واصل استخدام الأسلحة الكيميائية حتى عام 2018 على الأقل، وأظهرت أبحاث أن حكومته استمرت في استيراد المواد الكيميائية الأساسية.

والتقدير الحالي الذي يتجاوز 100 موقع جاء بناءً على أبحاث خارجية ومعلومات من منظمات غير ربحية واستخبارات من الدول الأعضاء.

بعض المواقع مخفية في كهوف أو أماكن يصعب اكتشافها عبر صور الأقمار الصناعية، مما يزيد احتمالية أن بعض الأسلحة غير مؤمنة.

قال رائد الصالح، قائد الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء): “هناك العديد من المواقع التي لا نعرف عنها لأن النظام السابق كان يكذب على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.”

فيما أوضح نضال شيكاني، رئيس مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، أن مركزه حدد عشرات المواقع الجديدة المشتبه بأنها تحتوي على مخزونات أو منشآت بحثية، بناءً على مقابلات مع علماء سوريين يعيشون في أوروبا.

والهدف لا يقتصر على تأمين المواقع، بل أيضًا جمع الأدلة لاستخدامها في التحقيقات بشأن استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، والتي خلفت آلاف الضحايا بينهم أطفال.

وفي العام الماضي، شنت إسرائيل ضربات جوية على عدة منشآت سورية معروفة بأنها تخزن أسلحة كيميائية. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت الضربات قد دمرت الأسلحة.

وأعرب شيكاني وآخرون عن قلقهم من أن الضربات ربما تسببت بتلويث بيئي ودمرت أدلة كان يمكن استخدامها لمحاسبة نظام الأسد.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.