الشباب التونسي بين خيبة الأمل والهجرة

في السنوات الأخيرة، تزايدت مشاعر الإحباط لدى الشباب التونسي تجاه السياسة، حيث يفضل الكثير منهم الابتعاد عنها والبحث عن فرص عمل خارج البلاد.

هذا الاتجاه يمثل تحديًا كبيرًا للمشهد السياسي والاجتماعي في تونس، ويعد من العوامل الرئيسية التي ساهمت في تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات والأنشطة السياسية.

أسباب تراجع المشاركة السياسية

يرتبط تراجع اهتمام الشباب بالسياسة بشكل وثيق بالفشل في تحقيق الأهداف التي تم الوعد بها خلال الثورة التونسية في عام 2011، حيث كانت هذه الثورة تأمل في إرساء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، لكن الواقع بعد مرور أكثر من عقد من الزمن يظهر عجزًا في تحقيق هذه الطموحات.

عوضًا عن ذلك، شهدت تونس أزمات اقتصادية وسياسية مستمرة، مما أدى إلى شعور متزايد بخيبة الأمل بين الشباب.

وبالإضافة إلى ذلك، يفتقر الشباب التونسي إلى الثقة في النظام السياسي الحالي، حيث يشعر العديد منهم بأنهم لا يملكون القدرة على التأثير في مجريات الأمور السياسية، مما يضعف من مشاركتهم الفعالة في الحياة السياسية، كما أن المؤسسات والهيئات السياسية في تونس تعاني من ضعف في الاستجابة لمطالب الشباب، مما يعزز شعور العزلة وعدم الانتماء.

البحث عن فرص العمل في الخارج

تعاني تونس أيضًا من مشكلة البطالة المرتفعة، خاصة بين فئة الشباب، هذه البطالة، التي تتجاوز 35% في بعض الفئات العمرية، تدفع الكثير من الشباب إلى البحث عن فرص عمل خارج البلاد. تظل أوروبا والولايات المتحدة وجهتين جذابتين، حيث توفران فرصًا أكثر لتحقيق أحلامهم.

وتؤدي الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت وسيلة مغرية للكثير من الشباب، إلى تفاقم هذه الظاهرة، كما يسعى العديد من الشبان إلى مغادرة البلاد في محاولة للعثور على حياة أفضل، بعيدًا عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس.

التأثيرات السلبية

يشكل هذا الاتجاه خطورة كبيرة على مستقبل تونس، فالشباب هم العمود الفقري للمجتمع، وهم القادرون على قيادة البلاد نحو التقدم، إن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى فقدان جيل كامل من الشباب التونسيين، الذين يمكن أن يكونوا جزءًا من الحلول الممكنة للتحديات التي تواجه البلاد.

إعادة الثقة

لتجاوز هذا الوضع، يجب على السلطات التونسية العمل على استعادة ثقة الشباب في السياسة، ويتطلب ذلك تحقيق الأهداف التي وُعد بها الشباب خلال الثورة، من خلال تحسين الظروف المعيشية وتوفير فرص العمل، كما يجب تعزيز مشاركة الشباب في صنع القرار، مما يسمح لهم بالشعور بأن لهم دورًا فعّالًا في المجتمع.

إذا تمكنت السلطات من تحقيق ذلك، فسوف تتحول هذه النظرة السلبية إلى رؤية إيجابية، مما يمكن الشباب التونسي من المساهمة في بناء مستقبل أفضل لتونس، وذلك من خلال تعزيز الثقة بين الشباب والسياسة، يمكننا الحفاظ على جيل واعد من الشباب القادرين على قيادة تونس نحو مستقبل أكثر إشراقًا.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.