بدأت صناعة السينما السعودية في النهوض منذ رفع الحظر الذي دام لعقود على دور العرض السينمائية في عام 2018. والآن، تتزايد الآمال في أن يكون لدى المملكة أخيرًا الفيلم الذي يجذب السعوديين إلى قاعات السينما بأعداد كبيرة لأول مرة: فيلم عن البدو عشية حرب الخليج الأولى.
وبحسب صحيفة فايننشال تايمز يحكي فيلم “هُبَال”، الذي صدر في وقت سابق من هذا العام، قصة أم تسعى لعلاج ابنتها المريضة، رغم إصرار رب العائلة المحافظ على الابتعاد عن الحداثة الفاسدة.
وقد حقق الفيلم أكثر من 6 ملايين دولار حتى الآن، ويبدو أنه في طريقه لتحطيم الرقم القياسي في شباك التذاكر لفيلم سعودي محلي، والذي يبلغ 10.8 مليون دولار، وفقًا للهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في المملكة.
وعندما افتُتِحت دور السينما لأول مرة منذ عام 1983 كجزء من إصلاحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كانت صناعة السينما العالمية المأزومة تأمل أن يحقق سوق المملكة، البالغ عدد سكانه 33 مليون نسمة، إيرادات كبيرة كواحد من آخر الأسواق الغنية غير المستغلة في العالم.
وافتتحت سلسلة السينما العالمية الكبرى “AMC Entertainment Holdings” أول دار عرض في السعودية، وقال رئيسها التنفيذي قبل عام إن المملكة “قد تصل إلى مليار دولار سنويًا من مبيعات شباك التذاكر”.
ومع ذلك، بعد أن بلغت إيرادات شباك التذاكر في السعودية ذروتها عند 249 مليون دولار في عام 2022، تراجعت في عام 2023، وباعت “AMC” حصتها في المملكة، في ظل الضغوط المتزايدة من منصات البث الإلكتروني.
وبحلول أواخر نوفمبر من العام الماضي، بلغت الإيرادات 200 مليون دولار فقط، مما يشير إلى عام آخر من التراجع أو الركود في 2024.
وتعول الصناعة الآن على الأفلام المحلية التي تتناول حياة السعوديين العاديين لجذب جمهور جديد إلى قاعات السينما.
ويقول وائل أبو منصور، رئيس استوديوهات “تلفاز 11” في الرياض: “هناك نقص في الثقة بين الجمهور وصناع الأفلام المحليين. نحن بحاجة إلى سلسلة من النجاحات الحقيقية في شباك التذاكر لكسب ثقة الجمهور السعودي”.
وأضاف: “من المهم استراتيجيًا توسيع قاعدة المشاهدين من خلال تجربة أنواع مختلفة من الأفلام. المستثمرون يريدون رؤية هذا القطاع ينمو قبل أن يضخوا المزيد من الموارد المالية فيه”.
وقد حاول “هُبَال” استقطاب جمهور جديد من خلال حملة تسويقية مبتكرة تضمنت مواعيد عرض متدرجة في مختلف أنحاء المملكة، مع قيام طاقم الفيلم بجولات افتتاحية في المدن الصغيرة، لجذب مشاهدين جدد من المناطق الريفية المتحمسين لشخصيات الفيلم البدوية.
وفي بعض المناطق، تم تقديم تذاكر مخفضة للنساء فوق سن الخمسين، وهي فئة لم تكن من رواد السينما في السعودية، ولكن قد يجذبهن الفيلم بسبب بطلته الأم القوية.
وقبل رفع الحظر، كان السعوديون يسافرون إلى الخارج لحضور عروض السينما، حتى جاء قرار الأمير محمد بن سلمان بإنهاء الحظر ضمن سلسلة من الإصلاحات التي شملت السماح للنساء بالقيادة وجلب الأحداث الرياضية العالمية ونجوم السينما إلى المملكة.
ورغم ذلك، لا تزال الأفلام السعودية تواجه منافسة قوية من إنتاجات هوليوود ومصر، التي تمتلك تاريخًا طويلاً في تصدير الترفيه إلى الخليج، فضلًا عن نجومها المعروفين.
على سبيل المثال، أصبح فيلم “باد بويز: رايد أور داي” أكبر نجاح في تاريخ شباك التذاكر السعودي بعد تحقيقه 23.5 مليون دولار العام الماضي، وساعد في ذلك حضور بطليه ويل سميث ومارتن لورانس إلى المملكة للعرض الأول.
وعلى عكس التراجع العام في السوق السعودي، شهدت مبيعات التذاكر للأفلام المحلية نموًا، لكنها لم تشكل سوى 10% من إجمالي الإيرادات بين يناير ونوفمبر من العام الماضي.
وقد حاولت هيئة الأفلام السعودية وقف تراجع الإقبال على السينما من خلال خفض رسوم التراخيص في أبريل الماضي، مما أدى إلى انخفاض أسعار التذاكر.
ورحب صناع الأفلام السعوديون بهذه الخطوة، لكنها لم تحقق تأثيرًا كبيرًا في زيادة المبيعات.
ومع ذلك، لا يزال العاملون في القطاع متفائلين بشأن مستقبل صناعة السينما في المملكة، خاصة مع وجود قائمة من الأفلام المحلية المرتقبة، من بينها الفيلم القادم “Unidentified” للمخرجة الرائدة هيفاء المنصور.
ويقول الناقد السينمائي أحمد العياد: “هذا العام سيكون حاسمًا للسينما السعودية. هناك جيل كامل من صناع الأفلام نشأ في عصر الانفتاح السينمائي، وجيل آخر من الجمهور لا يتذكر حتى كيف كان الحال عندما كان الناس يسافرون إلى البحرين أو دبي لمشاهدة الأفلام”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70843