السعودية تُنفّذ عددًا قياسيًا من الإعدامات وترمب يمنح محمد بن سلمان ضوءًا أخضر للقتل بلا محاسبة

في تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية، حذّر المحامي السعودي المنفي طه الحاجي من أن كلمات الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب في الرياض منحت ولي العهد محمد بن سلمان ضوءًا أخضر لمواصلة تنفيذ الإعدامات دون محاسبة دولية، في ظل تواطؤ دولي وصمت متعمد عن الانتهاكات في المملكة.

ووفقًا للتقرير، فإن السعودية أعدمت في عام 2024 ما لا يقل عن 345 شخصًا، وهو رقم غير مسبوق يمثل زيادة بنسبة 76% عن الرقم الأعلى السابق المسجل عام 2022. وشملت الإعدامات أعدادًا قياسية من النساء (9 نساء)، وأجانب (138 شخصًا)، وأشخاصًا مدانين في قضايا مخدرات (122 شخصًا)، مما يعكس تصاعدًا غير مسبوق في استخدام العقوبة القصوى، حتى في قضايا لا تشمل العنف أو القتل.

التقرير نقل عن الحاجي، الذي يعيش في المنفى بألمانيا ويعمل مستشارًا قانونيًا في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن الاتصالات الواردة من أسر المحكومين تؤكد حصول عمليات إعدام جماعية داخل سجون مثل سجن تبوك قرب الحدود الأردنية، حيث يُنقل السجناء إلى زنزانات الإعدام وتُنفذ العقوبات دون إخطار مسبق، ما يزرع الرعب في نفوسهم كل ليلة.

وأضاف الحاجي أن بعض المحكومين، مثل المصريين أحمد زينهم ورامي النجار، لم يرتكبوا سوى “جريمة” تعاطي الحشيش — وهو مادة قانونية في عدد من الولايات الأميركية — لكنهم يواجهون الإعدام بتهم تهريب ملفقة، في ظل نظام قضائي يفتقر إلى الشفافية أو المعايير القانونية المستقلة.

ورغم تصريحات ولي العهد السعودي المتكررة بأنه قلّص استخدام الإعدام ليقتصر على “القصاص” في جرائم القتل، إلا أن الواقع، وفق الحاجي، يعكس توسعًا كبيرًا في تطبيق العقوبة، لتشمل حالات مثل المشاركة في مظاهرات أو حتى نشر تغريدة.

ومن أبرز حالات الأحداث، يشير التقرير إلى عبد الله الحويطي، الذي كان عمره 14 عامًا حين أُجبر على “الاعتراف” بجريمة قتل تحت التعذيب، ولا يزال مهددًا بالإعدام، إضافة إلى عبد الله الديرازي الذي يواجه المصير ذاته لمشاركته في مظاهرة حين كان قاصرًا.

التقرير يُبرز التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي للمملكة في المحافل الدولية، وبين الوقائع على الأرض، مشيرًا إلى تصريحات مسؤول سعودي في الأمم المتحدة زعم فيها أن المملكة لا تُعدم سوى مرتكبي الجرائم العنيفة، بينما كانت قد أعدمت نيجيريًا بتهمة مخدرات قبل أيام فقط من الجلسة.

ويخلص التقرير إلى أن الإعدامات تسارعت في السنوات الأخيرة بعد تراجع الضغط الدولي الذي أعقب جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، والتي أشار تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى أن محمد بن سلمان هو من أمر بتنفيذها.

وربطت فورين بوليسي بين هذه السياسات القمعية والغطاء السياسي الذي وفرته إدارة ترمب، حيث تعهد الرئيس الأميركي خلال زيارته للرياض بعدم “إلقاء المحاضرات” على السعودية في ما يخص حقوق الإنسان، وهو ما فُسِّر في دوائر الحكم داخل المملكة على أنه تفويض مفتوح لتصفية المعارضين.

وفي ظل انشغال المجتمع الدولي بأزمات أخرى في غزة ولبنان وسوريا، يرى التقرير أن السعودية وجدت الفرصة سانحة لتكثيف الإعدامات، دون أن تواجه ردود فعل دبلوماسية تذكر، في مشهد وصفه طه الحاجي بأنه “فترة حالكة السواد للشعب السعودي”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.