تبرز منطقة الشرق الأوسط بسرعة كلاعب مهم في قطاعي الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات العالميين، بفضل الاستثمارات الاستراتيجية من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وتحرز الدولتان تقدمًا كبيرًا في اكتساب التكنولوجيا والمواهب اللازمة لبناء وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، بهدف تنويع اقتصاداتها وترسيخ نفسها كقادة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي تطور ملحوظ، أعلنت شركة إنفيديا عن أول نشر واسع النطاق للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط مع شركة أوريدو، وهي شركة اتصالات كبرى في قطر .
ويُعد هذا التعاون مهمًا لعدة أسباب. أولاً، يمثل إنجازًا رئيسيًا في التقدم التكنولوجي في المنطقة، ويسلط الضوء على قدرة الشرق الأوسط على استضافة وتنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق.
ثانيًا، سيستفيد هذا المشروع من تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة من NVIDIA لتعزيز البنية التحتية للاتصالات في Ooredoo، وتحسين تقديم الخدمات وتجربة العملاء.
كما تشير الشراكة إلى اتجاه متزايد نحو دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات الإقليمية، مما يشكل سابقة لنشر الذكاء الاصطناعي في المستقبل.
إن الحفاظ على قيم اللائحة العامة لحماية البيانات – الخصوصية والأخلاق والشفافية – أصبح ضروريًا بشكل متزايد في تطوير الذكاء الاصطناعي.
وفقًا لـ The Information، تحذر العديد من الشركات الناشئة الأوروبية من أن العالم الذي تهيمن عليه شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة مثل Microsoft قد يهمش هذه القيم.
ويؤكد هذا الشعور البيانات الواردة في تقرير حالة الذكاء الاصطناعي لشركة Air Street Capital، والذي يُظهر أن الشركات الناشئة الأمريكية تلقت 70 في المائة من الاستثمار الخاص العالمي في الذكاء الاصطناعي التوليدي بعد إصدار ChatGPT، والذي بلغ 45 مليار دولار.
وقد اتخذت شركات الذكاء الاصطناعي في الهند وكوريا الجنوبية وفرنسا ودول أخرى خطوات مماثلة، مدفوعة برغبة في تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي وعكس اللغات والسياسات والثقافة المحلية في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ويجسد مصطلح “الذكاء الاصطناعي السيادي” هذا الاتجاه، حيث يشمل رغبات الدول في المشاركة في سوق الذكاء الاصطناعي، وضمان النمو الاقتصادي، وتجنب التوترات الجيوسياسية.
والذكاء الاصطناعي AI الشبكة العصبية الدماغ الرقمي آلة التعلم العميق معالجة تحليل البيانات الكبيرة تكنولوجيا الاتصال التعدين الشرائح على لوحة الدوائر المستقبلية. تقديم ثلاثي الأبعاد.
ومع ذلك، فإن المشهد الجيوسياسي يشكل أهمية بالغة لفهم طموحات تقنيات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات في الشرق الأوسط.
وتعمل السعودية والإمارات على تطوير قدراتهما في مجال الذكاء الاصطناعي بسرعة من خلال الاستحواذ على آلاف الرقائق عالية الأداء من شركة إنفيديا، والتي تعد ضرورية لبناء برامج الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وتشكل هذه المشتريات جزءًا من أهداف أوسع نطاقًا لتنويع وتحديث اقتصاداتهما.
ومن خلال مؤسستها البحثية العامة، جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، اشترت المملكة العربية السعودية ما لا يقل عن 3000 شريحة من نوع Nvidia H100.
وعلى نحو مماثل، حصلت دولة الإمارات العربية المتحدة على آلاف من هذه الشرائح لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل نموذج فالكون مفتوح المصدر الذي أنشأه معهد الابتكار التكنولوجي في مدينة مصدر بأبو ظبي.
إن استحواذ دول الخليج مثل السعودية والإمارات على هذه الرقائق يسلط الضوء على نيتها الاستراتيجية للسيطرة على قوتها الحاسوبية ومواهبها، والحد من الاعتماد على الولايات المتحدة والصين.
ويتغذى هذا النهج على قدرتها المالية، التي تدعمها مكاسب البترودولار من ارتفاع أسعار الطاقة، وقدرتها على جذب أفضل المواهب العالمية.
ومع ذلك، فإن هذا الاندفاع لبناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي يثير المخاوف بشأن إساءة الاستخدام المحتملة من قبل هذه الأنظمة الاستبدادية، وخاصة فيما يتعلق بالمراقبة وحقوق الإنسان.
كانت الولايات المتحدة تدير بنشاط صادراتها من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى الشرق الأوسط، مما يعكس المخاوف بشأن النفوذ الإقليمي المتزايد للصين.
ويشمل ذلك الضغط على شركات مثل G42 في الإمارات العربية المتحدة للتخلي عن الشراكات الصينية في مقابل استثمارات من شركات أمريكية مثل Microsoft.
كما أبطأت الولايات المتحدة إصدار التراخيص لشحنات مسرعات الذكاء الاصطناعي إلى دول الشرق الأوسط أثناء إجراء مراجعة للأمن القومي.
ويجسد صندوق الاستثمارات السعودي “آلات” البالغ 100 مليار دولار طموحات المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويهدف الصندوق إلى تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
وقد تعهد الصندوق بالانسحاب من الصين إذا طلبت الولايات المتحدة ذلك، وهو ما يُظهِر توازناً دقيقاً بين الاستفادة من التكنولوجيا الأميركية وتجنب الاحتكاك الجيوسياسي مع الصين.
إن التقدم السريع الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط في مجال الذكاء الاصطناعي وشراء الرقائق الإلكترونية يشكل جزءًا من اتجاه أوسع نطاقًا تسعى فيه الدول إلى ترسيخ السيادة التكنولوجية.
وتستثمر دول مثل السعودية والإمارات بكثافة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتجتذب اهتمامًا واستثمارًا أجنبيين كبيرين.
وتعكس هذه الجهود رؤية استراتيجية لتصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشكيل مستقبل التكنولوجيا مع التنقل في المشهد الجيوسياسي المعقد بين الولايات المتحدة والصين.
ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، فمن المرجح أن ينمو دور الشرق الأوسط في هذه المنافسة العالمية، مدفوعًا بالاستثمارات الاستراتيجية والطموح الواضح للريادة في هذا المجال الحيوي.
ومن المقرر أن يؤدي هذا السعي إلى هيمنة الذكاء الاصطناعي إلى إعادة تعريف المشهد التكنولوجي والاقتصادي في المنطقة، ووضعها كلاعب هائل في سباق التسلح العالمي للذكاء الاصطناعي.
لقد برزت منطقة الشرق الأوسط كلاعب مهم في قطاعي الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات العالميين في السنوات الأخيرة.
وقد استثمرت السعودية والإمارات بشكل كبير في الحصول على التكنولوجيا اللازمة لبناء وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
ويشكل هذا التحول الاستراتيجي جزءًا من جهد أوسع نطاقًا لتنويع اقتصاداتهما، التي تعتمد تقليديًا على عائدات النفط، وترسيخ مكانتهما كقادة في مجال الذكاء الاصطناعي.
كانت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية في طليعة هذا التوجه التكنولوجي. فقد استثمرت الجامعة بشكل كبير في شراء شرائح H100 من شركة إنفيديا، والتي تعد ضرورية لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتطورة. وتعد هذه الشرائح، التي تعد ضرورية لتدريب نماذج اللغة الكبيرة، جزءًا من خطة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لتطوير حاسوب فائق قادر على تشغيل أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وعلى نحو مماثل، كانت دولة الإمارات سباقة في مبادراتها في مجال الذكاء الاصطناعي. فقد طوّر معهد الابتكار التكنولوجي في مدينة مصدر بأبوظبي نموذج فالكون للغة الكبيرة باستخدام شرائح إنفيديا A100.
وتهدف استراتيجية الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات التي تتضمن استثمارات كبيرة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والمواهب، إلى وضع الدولة كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي.
ويدعم هذا الجهد إنشاء وزارة عالمية للذكاء الاصطناعي، مما يعكس التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة قطاع الذكاء الاصطناعي.
ولكن هذه الاستثمارات تأتي مع تحدياتها. فقد أثارت مساعي الشرق الأوسط نحو الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات مخاوف بين الدول الغربية بشأن إساءة استخدام هذه التقنيات.
وقد أعربت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها إزاء استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض المراقبة وغيرها من الأغراض الاستبدادية في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، أدت التداعيات الجيوسياسية لقدرات الذكاء الاصطناعي المتنامية في الشرق الأوسط إلى زيادة التدقيق من جانب الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية.
واستجابت الولايات المتحدة لهذه التطورات من خلال إدارة صادراتها من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى الشرق الأوسط بعناية.
فقد ضغط المسؤولون الأميركيون على شركات الذكاء الاصطناعي الإقليمية مثل شركة G42 في الإمارات العربية المتحدة للتخلي عن الشراكات الصينية، بهدف ضمان بقاء هذه الشركات متوافقة مع المصالح التكنولوجية والجيوسياسية الأميركية.
كما أبطأت الولايات المتحدة إصدار التراخيص لشحنات مسرعات الذكاء الاصطناعي إلى دول الشرق الأوسط، مما يعكس المراجعات والمخاوف الأمنية الوطنية الجارية.
ورغم هذه التحديات، يظل التزام الشرق الأوسط بالتحول إلى قائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي ثابتا. ويجسد صندوق الاستثمار السعودي “آلات”، المدعوم برأس مال قدره 100 مليار دولار، طموحات المنطقة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
ويسلط استعداد الصندوق للانسحاب من الصين إذا طلبت الولايات المتحدة ذلك الضوء على المشهد الجيوسياسي المعقد الذي تواجهه هذه الدول في سعيها إلى الريادة التكنولوجية.
إن التقدم الذي أحرزته منطقة الشرق الأوسط في مجال الذكاء الاصطناعي يشكل جزءاً من اتجاه أكثر أهمية بين الدول الساعية إلى إرساء السيادة التكنولوجية.
ويعكس هذا الاتجاه الرغبة في المشاركة بنشاط في سوق الذكاء الاصطناعي العالمية، وضمان النمو الاقتصادي، وتجنب التورط في صراعات جيوسياسية بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.
ومع تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، من المرجح أن تؤدي الاستثمارات الاستراتيجية للشرق الأوسط والتزامه بالريادة في هذا المجال إلى وضعه كلاعب مهم في سباق التسلح العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتأتي هذه التطورات في سياق عالمي أوسع حيث تسعى الدول في جميع أنحاء العالم إلى تحقيق السيادة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي.
على سبيل المثال، تزدهر شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في أوروبا لضمان بقاء القارة ضمن الولايات المتحدة والصين.
وتعد شركة Aleph Alpha في ألمانيا واحدة من هذه الشركات الناشئة التي جمعت أموالاً كبيرة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعكس القيم الأوروبية للخصوصية والشفافية.
وتحرز دول مثل كوريا الجنوبية والهند تقدماً كبيراً في آسيا في مجال الذكاء الاصطناعي. إذ تعمل شركة نافير الكورية الجنوبية على تطوير نموذجها اللغوي الضخم، هايبر كلوفا إكس، المصمم خصيصاً للغة والثقافة الكورية، لضمان توافقه مع القيم الاجتماعية المحلية.
وعلى نحو مماثل، تركز شركة سارفام آي الهندية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي على بناء نماذج تعمل بكفاءة باللغة الهندية، وتجتذب الاستثمارات من كبار المستثمرين المغامرين.
وتسلط هذه الجهود الدولية الضوء على السباق العالمي نحو الهيمنة على الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الدول إلى بناء تقنيات تعكس قيمها وتخدم احتياجاتها المحددة.
وبفضل استثماراتها الكبيرة ومبادراتها الاستراتيجية، تتمتع منطقة الشرق الأوسط بمكانة تمكنها من لعب دور حاسم في هذا المشهد الديناميكي والسريع التطور.
ومع تصاعد سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي، فمن المرجح أن تسفر النهج الاستباقي الذي تنتهجه منطقة الشرق الأوسط والاستثمارات الكبيرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات عن فوائد اقتصادية وتكنولوجية كبيرة.
ويعكس طموح المنطقة إلى أن تصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي رؤية أوسع لتشكيل مستقبل التكنولوجيا وإنشاء اقتصاد قوي ومتنوع قادر على الازدهار في القرن الحادي والعشرين.
وفي الختام، فإن التقدم السريع الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط في تقنيات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات يمثل فترة تحولية للمنطقة.
وبفضل الاستثمارات الاستراتيجية، والرغبة في السيادة التكنولوجية، والحاجة إلى تنويع اقتصاداتها، أصبحت دول مثل السعودية والإمارات على استعداد لأن تصبح من القادة العالميين في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد هذا السعي إلى هيمنة الذكاء الاصطناعي مع التنقل عبر المناظر الجيوسياسية المعقدة على طموح المنطقة في تشكيل مستقبل التكنولوجيا وتأسيس نفسها كلاعب هائل في سباق التسلح العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=67406