الجهود الأمريكية للتوصل إلى هدنة في غزة تتعثر بسبب الخلافات حول الإفراج عن الأسرى

تعثرت الجهود التي تقودها الولايات المتحدة مع قطر ومصر للتوسط في هدنة في غزة بسبب الشروط الإسرائيلية الصارمة ورفض حركة حماس المخاطرة بتقليص قوتها التفاوضية من خلال الإفراج عن عدد كبير من الأسرى بسرعة.

وتأتي هذه التعقيدات بعد موجة من النشاط الدبلوماسي في الشرق الأوسط من قبل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، والمستشار الكبير في البيت الأبيض بريت ماكغورك، ومن بين الثلاثة، يبقى ماكغورك في المنطقة لمحاولة سد الفجوة بين حماس وإسرائيل.

وتزداد الجهود المكثفة من قبل الولايات المتحدة ومصر وقطر مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث سيخلفه الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل. وكان ترامب قد هدد بما أسماه “الجحيم” إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى الذين تحتجزهم حماس قبل توليه منصبه.

وفي عطلة نهاية الأسبوع، عبر سوليفان عن تفاؤل حذر بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة التي استمرت 14 شهرًا قبل انتهاء ولاية إدارة بايدن في 20 يناير، وقال سوليفان: “لن أكون هنا الآن إذا لم أعتقد أن هذا الأمر في انتظار ما بعد 20 يناير”.

ومنذ عام، كانت الولايات المتحدة وقطر ومصر تسعى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يتضمن تبادل الأسرى الإسرائيليين وغيرهم من المحتجزين لدى حماس مقابل الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل بتهم تتعلق بالأمن، وقد تم التوصل إلى الهدنة الوحيدة الناجحة في نوفمبر 2023، والتي استمرت أسبوعًا وأسفرت عن إطلاق سراح حوالي 100 أسير.

وأوضحت المصادر أن إسرائيل تصر الآن على أن تفرج حماس عن عدد أكبر بكثير من الأسرى مقارنة بما تعرضه الحركة خلال الهدنة الأولية الواردة في المقترحات الحالية، كما تطالب إسرائيل بأن تشمل عملية الإفراج المواطنين الأمريكيين والجنود النساء.

وفي المقابل، تستعد حماس للإفراج عن نحو دزينة من الأسرى، على أن يتم ذلك بشكل متسلسل بمعدل أسيرة واحدة كل 48 ساعة لضمان التزام إسرائيل بشروط الاتفاق.

كما أن هناك شرطًا جديدًا فرضته إسرائيل يقضي بأن يتم إرسال جميع الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية إلى المنفى خارج الأراضي الفلسطينية.

وأضافت إسرائيل شرطًا جديدًا يتعلق بتوفير ممر آمن من غزة إلى المنفى لقادة حماس وقادتها العسكريين وأسرهم، وتريد إسرائيل الاحتفاظ بالقرار النهائي بشأن من يحق لهم الاستفادة من هذا العرض، وهو ما رفضته حماس سابقًا.

وتتضمن المقترحات الحالية وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار يتم خلالها تبادل محدود للأسرى مع السجناء الفلسطينيين وإرسال مساعدات إنسانية إلى غزة، حيث أسفرت الحرب حتى الآن عن استشهاد نحو 45,000 شخص وإصابة ضعف هذا العدد، وفقًا للسلطات الصحية في غزة.

كما تشمل المقترحات سحبًا تدريجيًا من شريط ضيق من الأراضي على طول الحدود المصرية مع غزة من الجانب الفلسطيني، بما في ذلك معبر رفح، الذي يعد البوابة الوحيدة للقطاع إلى العالم الخارجي التي لا تسيطر عليها إسرائيل.

وكانت إسرائيل قد سيطرت على هذه المنطقة في مايو، مما أثار رد فعل غاضبًا من مصر التي تؤكد أن هذه الخطوة خالفت معاهدة السلام بين البلدين الموقعة في 1979 والاتفاقات اللاحقة. كما أغلقت مصر جانبها من معبر رفح احتجاجًا على تحرك إسرائيل، مما قلل بشكل كبير من كمية المساعدات التي كانت تصل إلى غزة.

وتسعى مصر حاليًا لإقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإصدار مرسوم لتشكيل لجنة مستقلة من تكنوقراط غير حزبيين لإدارة الجانب الفلسطيني من معبر رفح، إلا أن هذه المناشدات تواجه مقاومة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، توسطت مصر في اتفاق مبدئي بين حماس وفتح، الفصيل السائد في سلطة عباس في الضفة الغربية، لتشكيل اللجنة، لكن أحد قادة حماس رفض الاتفاق لاحقًا قائلاً إن اللجنة المقترحة ستكرس الانقسامات بين الفلسطينيين.

أما إسرائيل فقد أظهرت تحفظًا بشأن إنشاء اللجنة، بينما أصرت على الاحتفاظ بحقها في إرسال قواتها العسكرية إلى المنطقة بعد الانسحاب لمواجهة التهديدات الأمنية المحتملة.

وتقول إسرائيل إن مراقبة الحدود مع مصر ضرورية لمنع تدفق الأسلحة والمواد التي يمكن استخدامها في أغراض عسكرية إلى حماس عبر الأنفاق تحت الأرض، وهو ما تنفيه مصر مؤكدة أنها دمرت هذه الأنفاق قبل حوالي عشر سنوات.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.