التطورات الأخيرة في السودان تشير إلى تحول مهم في موازين المعركة

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن الدبلوماسية الدولية فشلت حتى الآن في إنهاء الحرب في أحد أكبر بلدان إفريقيا، لكن التطورات الأخيرة تشير إلى تحول محتمل في موازين المعركة.

وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها إلى أن السودان شهد لما يقارب العامين، انهيارًا شاملاً بفعل حرب أهلية مدمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أسفر عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص، وتسبب في أكبر أزمات النزوح والجوع على مستوى العالم.

فقد فر نحو 12 مليون شخص من منازلهم، فيما يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، وسط انهيار اقتصادي تام ودمار واسع في المدن الرئيسية.

ورغم فشل الجهود الدولية حتى الآن في التوصل إلى تسوية، فإن تطورات ميدانية حديثة توحي بتحول تدريجي في سير المعارك. فيوم الجمعة الماضي، سيطرت قوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان على القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم بعد طرد قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي».

وكانت قوات الدعم السريع قد أجبرت البرهان وحلفاءه على مغادرة العاصمة في أبريل 2023، عقب انهيار التحالف الهش بين الطرفين.

ووفقًا للتقارير “فقد سيطرت قوات الدعم السريع في الأيام الأولى من الحرب على معالم رئيسية في الخرطوم، من بينها سوق الذهب، والجسور الحيوية، ومبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي، لكن الجيش السوداني استعاد معظم هذه المواقع خلال الأشهر الماضية، وكان القصر الرئاسي آخر معاقل الدعم السريع في العاصمة”.

خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسعت قوات الجيش تقدمها باستعادة البنك المركزي السوداني، فيما شهدت مدينة أم درمان قصفًا عشوائيًا متزايدًا، بحسب إفادات السكان. وجاء هذا التقدم بعد ستة أشهر من المكاسب التدريجية للجيش، مدعومًا بصعوبات الإمداد التي تواجهها قوات الدعم السريع في الخرطوم، وبفضل حصول الجيش على طائرات مسيرة من إيران وتركيا.

ووصف المتحدث باسم الجيش السوداني استعادة القصر الرئاسي بأنها “رمز لسيادة وكرامة الأمة السودانية.

ورغم هذا التقدم، لا تزال الحرب الأهلية في السودان تدار على رقعة واسعة ومأساوية. إذ وثقت منظمات حقوق الإنسان انتهاكات مروعة ارتكبها الطرفان، وفرضت إدارة بايدن المنتهية ولايتها في يناير عقوبات على حميدتي وعدد من الشركات المرتبطة بالدعم السريع، متهمة إياه بالتورط في “الإبادة الجماعية الثانية في السودان خلال جيل واحد”، مع اتهامات بارتكاب مجازر واغتصابات جماعية ضد مجتمعات إثنية غير عربية في إقليم دارفور.

وإلى جانب العنف، تعاني منظمات الإغاثة من صعوبة إيصال المساعدات إلى ملايين الجوعى، إذ تمزقت البلاد بين الأطراف المتحاربة والمليشيات المحلية. وتحظى قوات الدعم السريع بدعم ضمني من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تُعد سوقًا رئيسيًا للذهب المستخرج من المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات، كما تحظى بدعم جزئي من روسيا. بينما يتلقى الجيش السوداني دعمًا من مصر وتركيا وإيران.

وبرغم أن كفة المعركة باتت تميل لصالح البرهان وقواته، إلا أن تحقيق نصر حاسم لا يزال بعيدًا. فما تزال قوات الدعم السريع تقاتل في محيط الخرطوم، وتسيطر على أجزاء واسعة من جنوب السودان وغربه، بما في ذلك معظم إقليم دارفور.

وفي تطور أثار غضب خصومهم، عقد قادة الدعم السريع اجتماعًا في كينيا الشهر الماضي، وأعلنوا عن ميثاق لتأسيس حكومة موازية في المناطق التي يسيطرون عليها.

والسودان اليوم منقسم فعليًا إلى شطرين؛ الجيش يسيطر على الشرق والشمال وأجزاء من الجنوب الشرقي، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على الغرب والجنوب الغربي.

كما امتدت تداعيات الأزمة إلى جنوب السودان، حيث أدى تعطل اتفاق تقاسم السلطة بين الفصائل المتنافسة هناك إلى أزمة سياسية وأمنية جديدة، خصوصًا مع توقف خط أنابيب تصدير النفط الرئيسي. ووسط تصاعد العنف، بدأت الحكومات الأجنبية بإجلاء موظفيها من العاصمة جوبا.

ووفقًا لمسؤول كبير في الأمم المتحدة، فإن جنوب السودان “يقف على حافة العودة إلى الحرب الأهلية”.

ورغم خطورة الأوضاع في البلدين، لا يزال المجتمع الدولي غائبًا. وحتى قبل تقليص إدارة ترامب للمساعدات الخارجية الأمريكية، كان هناك تراجع في التزامات الدول الغربية تجاه السودان.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.