ارتفاع لافت في العلاقات التجارية القطرية السعودية

سلطت وكالة رويترز للأنباء الضوء على الارتفاع اللافت في العلاقات التجارية بين دولة قطرية والمملكة العربية السعودية مع تلاشي الخلاف الخليجي الذي ساد لسنوات.

وذكرت الوكالة أنه عندما وضع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نفسه في سيارة دفع رباعي بنتلي مع أمير قطر على عجلة القيادة، كانت لحظة من الصداقة الحميمة التي أعقبت سنوات من العلاقات الشائكة – وفرصة لمضيفه لإظهار المباني الجديدة اللامعة في الدوحة.

وبحسب الوكالة لم تساعد زيارة الأمير محمد إلى الدولة الخليجية المجاورة الصغيرة في عام 2021 في دفن ضغينة سياسية مريرة كانت قد هدأت لمدة ثلاث سنوات فحسب، بل أشعلت أيضا ارتفاعا في العلاقات التجارية القطرية السعودية التي تسارعت منذ ذلك الحين.

أخذت جولته في سيارات الدفع الرباعي في العاصمة القطرية طريقا سريعا جديدا مكونا من 10 حارات، ومترو مستقبليا، وملعبا لكأس العالم يتسع ل 90،000 مقعدا مشعا في الكسوة ذات اللون الذهبي – وهو بالضبط نوع المشاريع الضخمة التي يعجل الأمير السعودي في بناءها في الوطن.

لم تذكر التقارير الإخبارية المحلية عن ركوب سيارة القادة رد فعل بن سلمان على المعالم السياحية.

لكن موجة لاحقة من الأعمال التجارية الجديدة بين الشركات القطرية والسعودية – من السكك الحديدية إلى الأسلحة وحتى مشروع لجلب الثلج إلى الصحراء السعودية – تشير إلى أن زيارته ساعدت في إلهام نقطة تحول في العلاقات.

وعندما اختتمت كأس العالم 2022، التي أنهت طفرة البناء التي استمرت عقدا من الزمان في قطر، انتهزت الشركات القطرية الفرصة لتزويد المملكة بالدراية والقدرة التي شحذتها في الفترة التي سبقت أكبر حدث رياضي في العالم.

قال أربعة من رجال الأعمال وثلاثة محللين ودبلوماسيين اثنين إن هذه الخطوة ولدت ما لا يقل عن 10 مليارات دولار من العقود وعززت شراكة بين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني القطري والأمير محمد، المعروف أيضا باسم محمد بن سلمان، وهو تطور أشاد به الحلفاء الغربيون الحريصون على تعزيز الاستقرار في منطقة غير مستقرة.

لم يتم الإبلاغ سابقا عن حجم العقود السعودية التي فاز بها المقاولون القطريون منذ المقاطعة ويظهر أن الشركات القطرية تشارك عن كثب في استكمال ما يسمى بمشاريع جيجا السعودية، وهي مشاريع كبيرة أساسية لأهداف 2030 الطموحة لتنويع الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط.

يتناقض التحالف بشكل صارخ مع الصدع الذي بدأ في عام 2017 عندما خنقت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان ومصر اقتصاد قطر بالمقاطعة، متهمة إياها بدعم الإرهابيين. ونفت قطر التهم وانتهى الصدع في سلسلة من التحركات التوفيقية في عام 2021.

قال سيف الرحمن خان، العضو المنتدب ومالك شركة ريدكو إنترناشيونال، وهي شركة بناء قطرية: “هناك الكثير من العمل (في المملكة العربية السعودية)، وأعتقد أن جميع الشركات في الشرق الأوسط ستذهب”.

وذكر خان من ريدكو إن زيارة الأمير بن سلمان مهمة لأنها دفعت لجنة سعودية قطرية مشتركة مكلفة باستعادة العلاقات إلى تحديد الشركات القطرية في وضع جيد للمساهمة في المشاريع السعودية.

بعد عامين، عقد اجتماع في ديسمبر 2023 للجنة التنسيق السعودية القطرية “بروح الصداقة والأخوة والثقة المتبادلة” وسعى إلى تحقيق “نهضة للبلدين”، وفقا لبيان مشترك.

تركز ريدكو الآن على مصانع الخرسانة والخرسانة سابقة الصب التي تشارك الآن في نيوم، المشروع السعودي الرئيسي الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات، وهي منطقة اقتصادية ضخمة بحجم بلجيكا.

على مدى أربعة عقود، حققت ريدكو المليارات من خلال التركيز فقط على المشاريع القطرية. لكن تركيز الشركة تحول إلى المملكة العربية السعودية بطريقة كبيرة: أول عقدين لها في المملكة تبلغ قيمة 3 مليارات دولار، ونقلت غالبية موظفيها – أكثر من 8000 – والكثير من مخزونها من المعدات الثقيلة من قطر إلى منطقة صناعية على ساحل البحر الأحمر، كما قال خان.

وقال خان إن زيارة بن سلمان لعام 2021 دفعت السلطات السعودية إلى دعوة أكبر شركات البناء في قطر لتقديم عطاءات للعمل. مع اختتام عمل ريدكو في مشاريع كأس العالم، سافر خان إلى نيوم ووضع اقتراحا.

وقال: “لقد رحبوا بنا وجعلوا من السهل تقديم العطاءات”، مضيفا أن نيوم تنازلت عن شرط معتاد لمقدمي العطاءات بوضع سند بنسبة 10٪ لأن ريدكو ليس لديها مرفق مصرفي في المملكة.

وفيما تأخرت بعض مشاريع نيوم ولكن ريدكو تقدمت.

على مدى ستة أشهر، قامت ريدكو ببناء مصنع خرسانة سابقة الصب بطول 1.5 كم، وهو الأكبر في العالم، وهو الآن يعمل على أنفاق للسكك الحديدية تحت الأرض وممر البنية التحتية والمجاري لخط أنابيب بطول 147 كم (91 ميلا) لتوفير المياه لصنع الثلج في تروجينا، أول تل تزلج في المملكة العربية السعودية.

وقال خان “أرادوا منا أن نبدأ على الفور، دون أي فترة تعبئة. وقد فعلنا ذلك”.

والسعودية، على سبيل المثال، تدعم جهود قطر للتوسط بين إسرائيل وحماس بشأن الحرب في غزة.

تجنبت الدوحة الخلاف مع الرياض من خلال الرد على بعض جوانب سياستها الخارجية، مثل سحب المعارضة للجهود السعودية للترحيب بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية واتخاذ المقعد الخلفي في مفاوضات السلام في اليمن والسودان.

وتستكشف قطر والسعودية أيضا طرقا لصنع الأسلحة وغيرها من المواد الدفاعية معا، حيث وافقت شركة برزان القابضة، وهي شركة دفاع مملوكة جزئيا لوزارة الدفاع القطرية، في فبراير على العمل مع SAMI، نظيرتها السعودية.

وقال الرئيس التنفيذي لبرزان عبد الله الخاطر: “إذا لم يكن لدينا نعمة سياسية من كلا الجانبين، فلن تتاح لنا هذه الفرصة للعمل معا”.

وأضاف إن الرياض تهدف إلى إنفاق نصف ميزانيتها للأسلحة محليا، وهو ما يمثل “شيءا ضخما” لبرزان.

وقال كريستيان كوتس أولريشسن، خبير الخليج وزميل في معهد بيكر بجامعة رايس: “إن العلاقات الاقتصادية القوية تربط مصالح قطر والمملكة العربية السعودية بشكل أوثق بطرق تتغلب على قضايا الماضي القريب وتدعم التحسن السريع في العلاقة السياسية”.

بالنسبة لقطر، وهي أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال، إنها فرصة لتعزيز العلاقات مع أقوى دولة عربية، وفي هذه العملية محاولة تنويع اقتصادها.

في مثال على الثروات، تجنب رواد الأعمال معتز ورامز الخياط المقاطعة التي تقودها السعودية لقطر من خلال نقل 4000 بقرة حليب لتخفيف النقص الحاد في الغذاء في البلد الصحراوي.

أغلقت الرياض الحدود، وخنقت طريق إمدادات الأغذية والألبان الرئيسي في قطر في محاولة لإخضاع قطر.

قال معتز الخياط إن الإخوة السوريين القطريين، الذين لم يتعاملوا مع المملكة العربية السعودية خلال الصدع الخليجي، لديهم الآن مشاريع بناء بقيمة 7 مليارات دولار في خط الأنابيب داخل المملكة.

وأضاف أنهم يأملون في مضاعفة هذا المبلغ.

الخياط، رئيس مجلس إدارة شركة باور إنترناشيونال هولدنغ، وهي مجموعة تضم أكثر من 40 شركة، يتجاوز الآن المقاطعة التي تقودها السعودية تماما: “لقد كانت فترة صغيرة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.