التايمز: ترامب يستعد للقاء أحمد الشرع ” في اجتماع إقليمي حساس

في خطوة مثيرة للجدل، يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعقد لقاء غير مسبوق مع الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي لا يزال مصنّفًا كـ”إرهابي” بموجب لوائح وزارة الخارجية الأميركية، حسبما كشفت صحيفة ذا تايمز البريطانية.

اللقاء من المزمع أن يتم على هامش زيارة ترامب الرسمية إلى المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع، ضمن قمة إقليمية موسعة تجمع قادة دول محورية في الشرق الأوسط.

ووفقاً للمعلومات، سيشارك في الاجتماع الجماعي أيضاً كل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس لبنان جوزيف عون.

تنازلات اقتصادية.. وصفقات تحت الطاولة

أحمد الشرع، الذي تولّى رئاسة سوريا في يناير الماضي، يسعى لاستغلال هذا الاجتماع لإعادة بلاده إلى الحظيرة الدولية بعد سنوات من العزلة والعقوبات. وبحسب مصادر أمنية تحدّثت للتايمز، من المتوقع أن يعرض الشرع سلسلة من التنازلات الاقتصادية في محاولة لإقناع واشنطن بتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق.

من بين أبرز هذه العروض، منح الشركات الأميركية امتيازات استثمارية في قطاعي النفط والغاز داخل الأراضي السورية، ضمن صيغ عقود مشابهة لتلك المطبقة في أوكرانيا. وتُعد هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية الشرع لجذب الاستثمارات الغربية مقابل تنازلات سياسية وأمنية.

نحو التطبيع مع إسرائيل؟

لكن البعد الاقتصادي ليس الوحيد في أجندة الشرع. فبحسب ذات المصادر، فإن الرئيس السوري الجديد منفتح على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، المبادرة التي أطلقتها إدارة ترامب في 2020 لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. في حال تحقق هذا السيناريو، ستكون سوريا أول دولة في “محور المقاومة” تدخل في هذا المسار، مما يمثل انقلاباً جذرياً في السياسة الإقليمية.

علاوة على ذلك، يتردد أن الشرع قد يقبل بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في جنوب غرب سوريا، بل والسماح لإسرائيل بالحفاظ على وجود أمني هناك.

هذه المنطقة لطالما كانت موضع توتر بين دمشق وتل أبيب، لا سيما بعد أن أنشأت إسرائيل “منطقة عازلة” غير رسمية بمحاذاة الجولان السوري المحتل، الذي اعترفت واشنطن بسيادة إسرائيل عليه في عهد ترامب عام 2019.

انقسام داخل فريق ترامب

رغم الطموحات الكبيرة التي تعلّقها بعض الأطراف على هذا اللقاء، إلا أن المسألة لا تحظى بإجماع داخل أروقة الإدارة الأميركية. فقد أكدت مصادر مطلعة لـ”ذا تايمز” وجود انقسامات واضحة في فريق ترامب حيال جدوى الاجتماع مع الشرع.

تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، تُعد من أبرز الأصوات المعارضة لهذا اللقاء، بالنظر إلى الخلفية الجهادية للرئيس السوري الجديد وسجله المرتبط بتنظيمات إرهابية سابقة.

وتخشى غابارد من أن منح الشرع شرعية دولية عبر لقاء رسمي مع الرئيس الأميركي قد يضر بمصداقية واشنطن في ملف مكافحة الإرهاب.

في المقابل، يبرز اسم ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الخاص إلى الشرق الأوسط، كأحد المؤيدين للقاء. ويتكوف يرى في هذه المبادرة فرصة استراتيجية لترامب لعقد “صفقة كبرى” تعيد رسم ملامح المنطقة، انسجاماً مع أسلوبه القائم على كسر التقاليد وتغليب المصالح العملية.

ترامب.. لا يعترف بالمحرمات

على غرار لقاءاته المثيرة للجدل مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يبدو أن ترامب لا يتردد في التحاور مع شخصيات مصنّفة كأعداء سابقين للولايات المتحدة، طالما أن ذلك قد يفضي إلى صفقة تعزز موقعه السياسي والانتخابي.

وبينما تتزايد التوقعات بإمكانية حدوث هذا اللقاء، تبقى الأسئلة معلقة حول تداعياته على مواقف الحلفاء، لا سيما إسرائيل والخليج، وحول قدرة الشرع فعلاً على تقديم تنازلات ملموسة مقابل رفع العقوبات الأميركية.

في نهاية المطاف، قد يتحوّل لقاء ترامب والشرع إلى لحظة فارقة في مسار الأزمة السورية، إما باتجاه إنهاء عزلة دمشق، أو بترسيخ صورتها كحليف “براغماتي” يبحث عن صفقة بأي ثمن.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.